الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر ما قيل فى سبب تسميته وكنيته
أمّا سبب تسميته شيبة فقيل إن أمّه ولدته وفى رأسه شيبة «1» ، وكانت ظاهرة فى ذؤابته، فسمّته شيبة، وذلك فى غيبة أبيه. وقيل: إن أباه أوصاها إذا ولدت ذكرا أن تسمّيه شيبة، فهو شيبة الحمد «2» .
وفى تسميته «3» عبد المطلب أنه لما مات هاشم أقام شيبة بالمدينة عند أمه إلى أن بلغ سبع سنين، فمرّ رجل من بنى الحارث «4» بن عبد مناف بالمدينة «5» ، فإذا غلمان ينتضلون «6» ، فجعل شيبة إذا أصاب «7» قال: أنا ابن هاشم، أنا ابن سيد البطحاء «8» ، فقال له الحارثىّ «9» من أنت قال: أنا شيبة بن هاشم، بن عبد مناف. فلما أتى الحارثىّ مكّة قال للمطلب، وهو بالحجر «10» : يا أبا الحارث، رأيت ابن أخيك هاشم بيثرب، وأخبره بحاله، ولا يحسن بك أن تترك مثله، فقال المطّلب: والله لا أرجع إلى أهلى حتى آتى به؛ فأعطاه الحارثىّ ناقته فركبها وقدم المدينة عشاء، فإذا غلمان يضربون
كرة، فعرف ابن أخيه، فقال للقوم: هذا «1» ابن هاشم؟ قالوا نعم، فبلغ أمّه أنه جاء ليأخذه فقالت: والله لو أنّ لك مالا «2» مثل أحد ما أعطيتك إياه، فقال:
لا أنصرف حتى أخرج به؛ إنّ ابن أخى قد بلغ، وهو غريب عن قومه. فيقال إنها دفعته إليه فأخذه بإذنها. وقيل إنه أخذه اختلاسا، وأعانه على أخذه رجل من خزاعة.
وقال ابن سعد فى طبقاته «3» عن محمد بن واقد الأسلمىّ: إن ثابت بن المنذر ابن حرام، وهو أبو حسّان بن ثابت الشاعر، قدم مكّة معتمرا، فلقى المطّلب، وكان له خليلا، وكان المطّلب قد ولى السّقاية والرّفادة بعد موت هاشم، فقال له ثابت: لو رأيت ابن أخيك شيبة فينا لرأيت جمالا وهيبة وشرفا؛ لقد نظرت إليه، وهو يناضل «4» فتيانا من أخواله، فيدخل مرماتيه «5» جميعا فى مثل راحتى هذه، ويقول كلما خسق «6» : أنا ابن عمرو العلى! فقال المطّلب: لا أمسى حتى أحرج إليه فأقدم به، فخرج «7» فورد المدينة، فنزل فى ناحية، وجعل يسأل عنه حتى وجده يرمى فى فتيان من أخواله، فلما رآه عرف شبه أبيه فيه، ففاضت عيناه، وضمّه إليه وكساه حلّة يمانية، وأنشأ يقول:
عرفت شيبة والنّجّار قد حفلت
…
أبناؤها حوله بالنّبل تنتضل
عرفت أجلاده منّا «8» وشميته
…
ففاض منّى عليه وابل سبل «9»
فأرسلت سلمى إلى المطّلب، فدعته إلى النّزول عليها فقال: شأنى أخفّ من ذلك؛ ما أريد أن أحلّ عقدة حتى أقبض ابن أخى فألحه ببلده وقومه، فقالت:
لست بمرسلته معك، وغلّظت عليه فقال: لا تفعلى «1» فإنى غير منصرف حتّى أحرج به معى، فإنّ المقام ببلده خير له من المقام ههنا، وهو ابنك حيث كان؛ فلما رأت أنه غير مقصّر حتى يخرج به استنظرته ثلاثة أيام، وتحوّل المطّلب إلهم ونزل عندهم «2» ، وأقام ثلاثا ثم احتمله وانطلقا جميعا، ودخل به إلى مكّة فقالت «3» قريش:
هذا عبد المطّلب! فقال: ويحكم إنما هو ابن أخى شيبة بن عمرو.
وقيل إنه لما دخل إلى مكّة دخلها وشيبة معه على عجز ناقته، وذلك ضحى «4» ، والناس فى أسواقهم ومجالسهم، فقاموا يرحّبون بقدوم المطّلب ويقولون له:
من هذا معك؟ من هذا وراءك؟ فيقول: هذا عبدى، وفى رواية هذا عبد ابتعته «5» بيثرب، فأدخله المطّلب منزله على امرأته خديجة بنت سعيد بن سهم، فقالت: من هذا معك؟ قال: عبدلى؛ واشترى له حلّة فلبسها، ثم خرج به العشىّ إلى مجلس بنى عبد مناف وأعلمهم «6» أنه ابن أخيه؛ فجعل شيبة يطوف بمكّة، فإذا مرّ بقوم قالوا: هذا عبد المطّلب، فغلب ذلك عليه.
وفى تكنبته بأبى البطحاء أنه أستسقى لأهل مكّة فسقوا لوقتهم، فقال له مشايخ قريش عند ذلك: هنيئا لك أبا البطحاء. وسنذكر إن شاء الله تعالى