الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر كفالة عبد المطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: ولما توفّيت أمّه آمنة قبضه إليه جدّه عبد المطلب وضمّه إليه ورقّ عليه رقّة لم يرقّها على ولده، وكان يقرّبه منه ويدنيه، ويدخل عليه إذا خلا وإذا نام، ويجلس على فراشه؛ وكان يوضع لعبد المطّلب فراش فى ظلّ الكعبة، فكان بنوه يجلسون حول فراشه ذلك حتى يخرج إليه، لا يجلس عليه أحد من بنيه إجلالا له، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتى وهو غلام حتى يجلس عليه، فيأخذه أعمامه ليؤخّروه عنه، فيقول عبد المطلب إذا رأى ذلك منهم: دعوا ابنى، فو الله إنّ له لشأنا، ثم يجلسه معه عليه، ويمسح ظهره بيده، ويسرّه ما يراه يصنع.
وقال قوم من بنى مدلج «1» لعبد المطلب: احتفظ به، فإنّا لم نر قدما أشبه بالقدم التى فى المقام منه؛ فقال عبد المطلب لأبى طالب: اسمع ما يقول هؤلاء.
وسنذكر إن شاء الله خبر سيف بن ذى يزن مع عبد المطلب، وما بشّره من أمر النبى صلى الله عليه وسلم.
قالوا: وكان عبد المطلب لا يأكل طعاما إلا قال: علىّ بابنى فيؤتى به إليه فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانى سنين، هلك عبد المطّلب بن هاشم؛ ولما حضرته الوفاة أوصى ابنه أبا طالب بحفظه وكفالته؛ [وكانت «2» ] وفاة عبد المطّلب ابن هاشم لثمان مضين من عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجون، وهو يومئذ
ابن اثنتين وثمانين سنة، وقيل ابن مائة وعشر سنين «1» حكاه السّهيلىّ «2» ؛ قال:«وهو أوّل من خضب بالسّواد من العرب» .
قال ابن قتيبة «3» : إنّه كبر وعمى، وكان يرفع من مائدته للطير والوحوش فى رءوس الجبال، ويقال له الفيّاض لجوده، ومطعم طير السماء. قال ابن الأثير «4» :«وهو أوّل من تحنّث بحراء، فكان إذا دخل شهر رمضان صعد حراء وأطعم المساكين» .
وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتذكر موت عبد المطّلب؟ قال: نعم.
أنا يومئذ ابن ثمانى سنين، قالت أمّ أيمن: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ يبكى خلف سرير عبد المطّلب.
قال: ولما هلك عبد المطلب ولى زمزم والسقاية عليها بعده ابنه العبّاس بن عبد المطلب، وهو يومئذ من أحدث إخوته سنّا، فلم تزل إليه حتى قام الإسلام وهى بيده، فأقرّها رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما مضى.
وعن عبد الله بن عبّاس وغيره، قالوا: لما توفّى عبد المطلب قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم عمّه أبو طالب، قيل بوصية من عبد المطلب، فأحبّه حبّا شديدا، وكان لا يفارقه، وكان «5» يخصّه بالطعام «6» ، وكان إذا أكل عيال أبى طالب جميعا أو فرادى