الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر قصّة أبى جهل فى الحجر الذى قصد قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم به، وما شاهده من حماية الله تعالى لنبيّه، وكفايته إيّاه ورجوعه إلى قومه وإخبارهم بما شاهد
قال ابن إسحاق: ولمّا قام عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو جهل: يا معشر قريش، إنّ محمد قد أبى إلّا ما ترون من عيب ديننا، وشتم آبائنا، وتسفيه أحلامنا، وسبّ «1» آلهتنا؛ وإنى أعاهد الله لأجلسنّ له غدا بحجر ما أطيق حمله، فإذا سجد فضخت به رأسه، فأسلمونى عند ذلك أو امنعونى، فليصنع بعد ذلك بنو عبد مناف ما بدا لهم؛ قالوا: والله لا نسلمك لشىء أبدا، فامض لما تريد، فلمّا أصبح أخذ حجرا كما وصف، ثم جلس ينتظره، وغدا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما كان يغدو، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلّى إلى بيت المقدس: وكان إذا صلّى صلّى بين الركن اليمانىّ والحجر الأسود: وجعل الكعبة بينه وبين الشام، وقام يصلّى وقريش فى أنديتهم ينتظرون ما أبو جهل فاعل، فلما سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم احتمل أبو جهل الحجر ثم أتى «2» نحوه حتى إذا دنا منه رجع منهزما منتقعا لونه، مرعوبا قد يبست يداه على حجره حتى قذف الحجر من يده، وقامت إليه رجال قريش فقالوا له: مالك يا أبا الحكم؟ فقال: قمت إليه لأفعل [به «3» ] ما قلت لكم البارحة، فلمّا دنوت منه عرض لى دونه فحل من الإبل؛ والله ما رأيت مثل هامته
ولا قصرته «1» ولا أنيابه لفحل قطّ، فهمّ أن يأكلنى. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ذاك جبريل لو دنا لأخذه» .
ومثل هذه القصة أيضا، ما رواه ابن إسحاق قال: قدم رجل من إراش- ويقال إراشة «2» - بإبل له مكة فابتاعها منه أبو جهل، فمطله بأثمانها، فأقبل الإراشىّ حتى وقف على ناد من أندية قريش، ورسول الله صلى الله عليه وسلم فى ناحية المسجد جالس، فقال الإراشىّ: يا معشر قريش، من رجل يؤدينى «3» على أبى الحكم بن هشام؛ فإنّى رجل غريب ابن سبيل، وقد غلبنى على حقّى؛ فقال له القوم: أترى ذلك الرجل الجالس؟
- يريدون رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يهزءون به- اذهب إليه فهو مؤديك عليه؛ فأقبل الإراشىّ حتى وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا عبد الله، إن أبا الحكم قد غلبنى على حقّ لى قبله، وأنا غريب وابن سبيل، ولقد سألت هؤلاء القوم عن رجل يؤدينى عليه فأشاروا لى إليك، فخذ [لى «4» ] حقّى منه يرحمك الله، قال:«انطلق إليه» ، وقام معه صلى الله عليه وسلم فلمّا رأوه قام [معه «5» ] قالوا لرجل ممّن معهم: اتبعه فانظر ماذا يصنع؟ قال: وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جاءه فضرب عليه بابه، فقال: من هذا؟ قال: «محمّد فاخرج إلىّ» فخرج وما فى وجهه رائحة «6» (أى دم) قد انتقع «7» لونه فقال: أعط هذا الرجل حقّه