الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غير مقبول، وأما ما كان مما يلى مياه العرب، فذنب صاحبه مغفور، وعذره مقبول، وإنا إنما نزلنا على عهد أخذه علينا؛ أنا لا نحدث حدثا، ولا نأوى محدثا، فإنى أرى أن هذا الأمر الذى تدعونا إليه يا أخا قريش مما يكره الملوك، فإن أحببت أن نأويك وننصرك مما يلى مياه العرب فعلنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ما أسأتم فى الرد إذ أفصحتم بالصدق، وإن دين الله لن ينصره إلّا من حاطه من جميع جوانبه. أرأيتم إن لم تلبثوا إلا قليلا حتى يورثّكم الله أرضهم وديارهم وأموالهم ويفرشكم نساءهم، أتسبّحون الله وتقدّسونه» ؟ فقال النعمان بن شريك: اللهم فلك ذاك، قال: فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً. وَداعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً)
«1» ) ، ثم نهض قابضا على يد أبى بكر وهو يقول:«يا أبا بكر، أيّة أخلاق فى الجاهلية ما أشرفها! بها يدفع الله عز وجل بأس بعضهم من بعض، وبها يتحاجزون فيما بينهم» ، قال: فدفعنا إلى مجلس الأوس والخزرج، فما نهضنا حتى بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قد سرّ بما كان من أبى بكر، ومعرفته بأنسابهم.
ذكر بيعة العقبة الأولى
قال محمد بن إسحاق: فلما أراد الله تعالى إظهار دينه، وإعزاز نبيه، وإنجاز موعده له خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم [فى «2» ] الموسم الذى لقى فيه الأنصار «3» ، فعرض نفسه على قبائل العرب كما يصنع فى كل موسم، فبينما هو عند العقبة لقى رهطا من الخزرج أراد الله بهم خيرا، فقال لهم:«من أنتم» ؟ قالوا:
نفر من الخزرج، قال:«أمن موالى يهود» ؟ قالوا: نعم، قال «1» :«أفلا تجلسون أكلمكم» ؟ قالوا: بلى، فجلسوا معه، فدعاهم إلى الله وعرض [عليهم «2» ] الإسلام، وتلا عليهم القرآن، قال: وكان يهود معهم فى بلادهم، وكانوا أهل كتاب وعلم، وكانوا هم أهل شرك وأوثان، وكانوا قد غزوهم ببلادهم؛ فكانوا إذا كان بينهم شىء قالوا لهم: إن نبيّا مبعوث الآن قد أظل زمانه نتّبعه فنقتلكم معه قتل عاد وإرم، فلما كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أولئك النفر، ودعاهم إلى الله، قال بعضهم لبعض: يا قوم، تعلّموا والله أنه للنّبىّ الذى توعّد «3» به يهود، فلا تسبقنّكم إليه، فأجابوه فيما دعاهم إليه، بأن صدّقوه وقبلوا منه ما عرض عليهم من الإسلام، وقالوا: إنا قد تركنا قومنا ولا قوم بينهم من العداوة والشرّ ما بينهم، وعسى أن يجمعهم الله بك، فتقدم عليهم فتدعوهم إلى أمرك، وتعرض عليهم الذى أجبناك إليه من هذا الدين، فإن يجمعهم الله عليه فلا رجل أعزّ منك. ثم انصرفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، راجعين إلى بلادهم، وقد آمنوا وصدّقوا.
قال محمد بن سعد فى طبقاته الكبرى «4» : فاختلف علينا فى أوّل من أسلم من الأنصار وأجاب. فذكروا الرجل بعينه، وذكروا الرجلين، وذكروا أنه لم يكن أحد أوّل من الستة. وذكرهم.
وقال محمد بن عمر بن واقد: هذا عندنا أثبت ما سمعنا فيهم، وهو المجمع عليه، وهم من بنى النجّار: أسعد بن زرارة بن عدس، وعوف بن الحارث [وهو «5» ] ابن عفراء. ومن بنى زريق: رافع بن مالك. ومن بنى سلمة بن سعد: قطبة