الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر خبر انتزاع قصىّ البيت ومكّة من خزاعة ومن ولى البيت بعد إسماعيل عليه السلام إلى أن انتزعه قصىّ بن كلاب
قال محمد بن إسحاق بن يسار «1» : «لما توفى لله تعالى إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، وولى البيت بعده ابنه نابت بن إسماعيل ما شاء الله أن يليه، ثم ولى البيت بعده مضاض ابن عمرو الجرهمى، وبنو نابت مع جدّهم مضاض بن عمرو وأخوالهم من جرهم، وجرهم وقطوراء يومئذ أهل مكة، وهما ابنا عمّ، وكانا ظعنا من اليمن، فأقبلا سيّارة «2» ، وعلى جرهم مضاض بن عمرو، وعلى قطوراء السّميدع، رجل «3» منهم. فلما نزلا مكة وأبا بلدا ذا ماء وشجر، فأعجبهما فنزلا به؛ فنزل مضاض بمن معه من جرهم أعلى مكة بقعيقعان «4» فما حاز، ونزل السّميدع بقطوراء أسفل مكة بأجياد «5» فما حاز، وكان كل منهما يعشر «6» من دخل مكة ممّا يليه، وكلّ منهما فى قومه لا يدخل على صاحبه» .
«ثم إن جرهما وقطوراء بغى بعضهم على بعض، وتنافسوا الملك بها، ومع مضاض بنو إسماعيل وبنو تابت، وإليه ولاية البيت دون السّميدع، فسار بعضهم إلى بعض؛ فخرج مضاض بن عمرو من قعيقعان فى كتيبته سائر إلى السّميدع ومع كتيبته عدّتها من الرماح والدّرق والسيوف والجعاب، يقعقع [بذلك «7» ] ؛ فيقال ما سمى قعيقعان قعيقعان إلا لذلك. وخرج السّميدع من أجياد ومعه الخيل والرجال، فيقال ما سمى أجياد أجيادا
إلا لخروج الجياد من الخيل منه «1» مع السّميدع. فالتقوا بفاضح «2» واقتتلوا قتالا شديدا، فقتل السّميدع، وفضحت قطوراء؛ فيقال ما سمّى فاضح فاضحا إلا لذلك» .
ثم إنّ القوم تداعوا إلى الصّلح، فساروا حتى نزلوا المطابخ: شعبا بأعلى مكة، فاصطلحوا به، وأسلموا الأمر إلى مضاض. فلما اجتمع إليه أمر مكة، وصار ملكها له، نحر للناس فطبخوا وأكلوا «3» ، فيقال ما سميت المطابخ المطابخ إلا لذلك» .
وبعض أهل العلم يزعم أنها إنما سميت المطابخ لما كان تبّع نحر بها وأطعم وكانت منزله. والله أعلم» .
قال ابن إسحاق: «فخرج عمرو بن الحارث بن مضاض الجرهمىّ بغزالى الكعبة «1» وبحجر الركن، فدفنها فى زمزم؛ وانطلق هو ومن معه من جرهم إلى اليمن. فحزنوا على ما فارقوا من أمر مكة وملكها حزنا شديدا؛ فقال عمرو بن [الحارث «2» ] بن مضاض فى ذلك، وليس بمضاض الأكبر» . والله المعين:
[وقائلة والدّمع سكب مبادر
…
وقد شرقت بالدّمع منها المحاجر «3» ]
كأن لم يكن بين الحجون «4» إلى الصّفا
…
أنيس ولم يسمر بمكة سامر
[فقلت لها والقلب منّى كأنّما
…
يلجلجه بين الجناحين طائر «5» ]
بلى! نحن كنّا أهلها فأزالنا
…
صروف الليالى والجدود العواثر
وكنا ولاة البيت من بعد نابت
…
نطوف بذاك البيت والخير ظاهر
ونحن ولينا البيت من بعد نابت
…
بعزّ فما يحظى لدينا المكاثر
ملكنا فعزّزنا فأعظم. بملكنا
…
فليس لحىّ غيرنا ثمّ فاخر
ألم تنكحوا من خير شخص «6» علمته
…
فأبناؤه منّا ونحن الأصاهر
فإن تنثن الدنيا علينا بحالها
…
فإن لها حالا وفيها التشاجر
فأخرجنا منها المليك بقدرة
…
كذلك يا للنّاس تجرى المقادر
أقول إذا نام الحلىّ ولم أنم:
…
أذا العرش لا يبعد سهيل وعامر
وبدّلت منها أوجها لا أحبّها
…
قبائل منها حمير ويحابر «7»
وصرنا أحاديثا وكنّا بغبطة
…
بذلك عضّتنا السّنون الغوابر
[وبدّلنا كعب بها دار غربة
…
بها الذئب يعوى والعدوّ المكاشر «1» ]
فسحّت دموع العين تبكى لبلدة
…
بها حرم أمن وفيها المشاعر «2»
وتبكى لبيت ليس يؤذى حمامه
…
يظلّ به أمنا وفيه العصافر
وفيه وحوش لا ترام أنيسة
…
اذا خرجت منه فليست تغادر
وقال أيضا يشير إلى بكر وغبشان الذين خلفوا مكة بعدهم:
يأيها الناس سيروا إنّ قصركم «3»
…
أن تصبحوا ذات يوم لا تسيرونا
حثّوا المطىّ وأرخوا من أزمّتها
…
قبل الممات وقضّوا ما تقصّونا
كنّا أناسا كما كنتم فغيّرنا
…
دهر فأنتم كما كنّا تكونونا
قال ابن هشام «4» : «حدّثنى بعض أهل العلم بالشعر؛ أن هذه الأبيات أوّل شعر قيل فى العرب، وأنها وجدت مكتوبة فى حجر باليمن، ولم يسمّ لى قائلها» .
قال ابن إسحاق «5» : «ثم إنّ غبشان من خزاعة وليت البيت دون بنى بكر ابن عبد مناة، وكان الذى يليه منهم عمرو بن الحارث الغبشانىّ، وقريش إذ ذاك حلول وصرم «6» ، وبيوتات متفرّقون فى قومهم من بنى كنانة، فوليت خزاعة البيت يتوارثون ذلك كابرا عن كابر، حتى كان آخرهم حليل بن حبشية بن سلول بن كعب ابن عمرو الخزاعىّ. فخطب قصىّ بن كلاب إلى حليل ابنته حبّى، فرغب فيه حليل فزوّجه، فولدت له عبد الدار، وعبد مناف، وعبد العرّى، وعبدا» .
إبراهيم وصريح ولده، فكلّم رجالا من قريش وبنى كنانة، ودعاهم إلى إخراج خزاعة وبنى بكر من مكة، فأجابوه» .
وكان ربيعة بن حرام من عذرة بن سعد بن زيد مناة قد قدم مكة بعد هلاك كلاب، فتزوّج فاطمة بنت سعد بن سيل- وزهرة يومئذ رجل، وقصىّ فطيم- فاحتملها إلى بلاده، فحملت قصيّا معها وأقام زهرة، فولدت لربيعة رزاحا. فلما بلغ قصىّ وصار رجلا أتى مكة فأقام بها، فلما أجابه قومه إلى ما دعاهم إليه كتب إلى أخيه من أمه رزاح بن ربيعة، يدعوه إلى نصرته والقيام معه؛ فخرج رزاح بن ربيعة ومعه إخوته: حنّ بن ربيعة، ومحمود ابن ربيعة، وجلهمة بن ربيعة، وهم لغير فاطمة، فيمن تبعهم من قضاعة فى حاجّ العرب، وهم مجمعون لنصرة قصىّ» .
«وكان الغوث بن مرّ بن أدّ بن طابخة بن الياس بن مضريلى الإجازة للناس بالحج من عرفة، وولده من بعده، وكان يقال له ولولده صوفة «1» . وإنما ولى الغوث ذلك لأن أمّه كانت من بنى جرهم، وكانت لا تا، فنذرت لله إن هى ولدت رجلا أن تصدّق به على الكعبة عبدا لها يخدمها، ويقوم عليها؛ فولدت الغوث، فكان يقوم على الكعبة فى الدّهر الأوّل مع أخواله من جرهم، فولى الإجازة بالناس من عرفة، لمكانه الذى كان به من الكعبة، وولده من بعده حتى انقرضوا» .
«وكان الغوث بن مرّ إذا دفع بالناس قال:
لا همّ إنى تابع تباعه
…
إن كان إثم فعلى قضاعه «2»
قال ابن إسحاق: «كانت صوفة تدفع بالناس من عرفة، وتجيز بهم إذا نفروا من منى، حتى إذا كان يوم النّفر أتوا لرمى الجمار، ورجل من صوفة يرمى للناس، لا يرمون حتى يرمى، فكان ذوو الحاجات المتعجّلون يأتونه فيقولون له: قم فارم حتى نرمى [معك «1» ] ؛ فيقول: لا والله، حتى تميل الشمس؛ فيظلّ ذوو الحاجات يرمونه بالحجارة ويقولون له: ويلك! قم فارم، فيأبى عليهم؛ حتى إذا مالت الشمس قام فرمى، ورمى الناس معه» .
«فإذا فرغوا من رمى الجمار، وأرادوا النّفر من منى أخذت صوفة بجانبى العقبة، فحبسوا الناس وقالوا: أجيزى صوفة، فلم يجر أحد من الناس حتى يمرّوا، فإذا نفرت صوفة ومضت خلّى سبيل الناس فانطلقوا بعدهم؛ فكانوا كذلك حتى انقرضوا، فورثهم فى ذلك بنو سعد بن زيد مناة، من تميم، وكانت من بنى سعد فى آل صفوان بن الحارث بن شجنة؛ فكان صفوان هو الذى يجيز الناس بالحج من عرفة، ثم بنوه من بعده، حتى كان آخرهم الذى قام عليه الإسلام كرب بن صفوان؛ وفى ذلك يقول أوس بن مغراء من قصيدة:
لا يبرح الناس ما حجّوا معرّقهم
…
حتّى يقال أجيزوا آل صفوانا «2»
«وكانت الإفاضة فى عدوان يتوارثون ذلك كابرا عن كابر، حتى كان آخرهم الذى قام عليه الإسلام أبو سيّارة عميلة بن الأعزل، وكان أبو سيّارة يدفع بالناس على أتان له، وبه ضرب المثل: «أصبر من عير أبى سيّارة «3» » ؛ لأنه دفع بأهل الموسم عليه أربعين عاما» .
نعود إلى أخبار قصىّ بن كلاب، « [فلما كان ذلك العام، فعلت صوفة كما كانت تفعل، وقد عرفت ذلك لها العرب، وهو دين فى أنفسهم من عهد جرهم وخزاعة وولايتهم، فأتاهم قصىّ «1» ] بمن معه من قومه من قريش وكنانة وقضاعة عند العقبة فقال: لا تجر- لنحن أولى بهذا منكم «2» -، فقاتلوه، فاقتتل الناس قتالا شديدا، ثم انهزمت صوفة، وغلبهم قصىّ على ما كان بأيديهم من ذلك» .
«وانحازت عند ذلك خزاعة وبنو بكر عن قصىّ، وعرفوا أنه سيحول بينهم وبين الكعبة وأمر مكة، فلما انحازوا عنه باداهم «3» وأجمع لحربهم، وخرجت إليه خزاعة وبنو بكر، فالتقوا واقتتلوا قتالا شديدا حتى كثرت القتلى فى الفريقين، ثم تداعوا إلى الصلح، وأن يحكّموا بينهم رجلا من العرب، فحكموا يعمر بن «4» عوف بن كعب بن عامر بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، فقضى أن قصيّا أولى بالكعبة وأمر مكة من خزاعة، وأن كلّ دم أصابه قصىّ من خزاعة وبنى بكر موضوع يشدخه تحت قدميه، وأن ما أصابت خزاعة وبنو بكر من قريش وكنانة وقضاعة ففيه الدّية مؤدّاة، وأن يخلّى بين قصىّ وبين الكعبة ومكة. «5» فسمّى يعمر بن عوف يومئذ الشّدّاخ، لما شدخ من الدّماء ووضع منها» .
قال «6» : «فولى قصىّ البيت وأمر مكّة، وجمع قومه من منازلهم الى مكة، وتملّك على قومه وأهل مكة فملّكوه، إلا أنه أقرّ للعرب ما كانوا عليه، وذلك أنه كان يراه
دينا فى نفسه لا ينبغى تغييره؛ فأقرّ آل صفوان، وعدوان، «1» والنّنسأة، ومرّة بن عوف على ما كانوا عليه، حتى جاء الإسلام، فهدم الله به ذلك كلّه» .
«فكان قصىّ أول من أصاب ملكا من بنى كعب بن لؤىّ، وكانت إليه الحجابة، والسّقاية، والرّفادة، والنّدوة، واللّواء؛ فحاز شرف مكة كلّه، وقطع مكّة رباعا بين قومه، فأنزل كلّ قوم من قريش منازلهم من مكة، فسمّته قريش مجمّعا لما جمع من أمرها، وتيمنت بأمره؛ فما تنكح امرأة، ولا يتزوّج رجل من قريش، ولا «2» يتشاورون فى أمر نزل بهم، ولا يعقدون لواء لحرب قوم غيرهم إلا فى داره؛ يعقده لهم بعض ولده، وما تدّرع جارية إذا بلغت أن تدّرع من قريش إلا فى داره، يشق عليها فيها درعها ثم تدّرعه، ثم ينطلق بها إلى أهلها» .
قصىّ لعمرى كان يدعى مجمّعا
…
به جمّع الله القبائل من فهر «3»
قال ابن إسحاق «4» : «فلما فرغ قصىّ من حربه انصرف أخوه رزاح بن ربيعة بمن معه إلى بلاده» . قال: «فلم يزل قصىّ على ذلك، فلما كبر ورقّ عظمه- وكان عبد الدار بكره، وكان عبد مناف قد شرف فى زمان أبيه وذهب كلّ مذهب،
وعبد العزّى وعبد- قال لابنه عبد الدار: أما والله يا بنى لألحفنّك بالقوم وإن كانوا قد شرفوا عليك؛ لا يدخل رجل منهم الكعبة حتى تكون أنت تفتحها له، ولا يعقد لقريش لواء [لحربها «1» ] إلا أنت بيدك، ولا يشرب رجل بمكة إلا من سقايتك، ولا يأكل أحد من أهل الموسم طعاما إلا من طعامك، ولا تقطع قريش أمرا من أمورها إلا فى دارك.، فأعطاه داره: دار النّدوة التى لا تقضى قريش أمرا إلا فيها، وأعطاه الحجابة واللّواء والسّقاية والرّفادة» .
«وكانت الرّفادة خرجا تحرجه قريش فى كل موسم من أموالها إلى قصىّ بن كلاب، فيصنع به طعاما للحاجّ، فيأكله من لم تكن له سعة ولا زاد. وقصىّ هو الذى فرض ذلك، فقال [لهم «2» ] حين أمرهم به: يا معشر قريش، إنكم جيران الله وأهل بيته وأهل الحرم، وإن الحاجّ ضيف الله وزوّار بيته، وهم أحق الضّيف بالكرامة، فاجعلوا لهم طعاما وشرابا أيام الحج، حتى يصدروا عنكم. ففعلوا.
قال «3» : «فلما هلك قصىّ بن كلاب أقام أمره فى قومه من بعده بنوه، فاختطّوا مكة رباعا، بعد الذى كان قد قطع لقومه «4» بها، فكانوا يعطونها «5» فى قومهم وفى غيرهم من حلفائهم، ويبيعونها، فأقامت قريش على ذلك معهم ليس بينهم اختلاف ولا تنازع» ، إلى أن كان ما نذكره إن شاء الله تعالى فى هاشم بن عبد مناف.
وحكى أبو عبد الله محمد بن عائذ «6» الدمشقى فى «مغازيه» زيادة فى خبر قصىّ نذكرها فى هذا الموضع، وإن كان قد نقص فى غيره، فقال فى أثناء ما حكاه:
«إن البيت كان حوله غيضة والسّيل يدخله، ولم يرفع البيت حينئذ، فإذا قدم الحاجّ وطئوه حتى تذهب الغيضة، فإذا خرجوا نبتت» . قال: «فلما قدم قصىّ قطع الغيضة، وابتنى حول البيت دارا، ونكح حبّى بنت حليل» .
وقال أيضا: «إن قصيّا قال لامرأته حبّى: قولى لجدّتك تدلّ بنتك على الحجر، فلم تزل بها حتى قالت: إنى أعقل أنهم حين خرجوا إلى اليمن سرقوه، ونزلوا منزلا وهو معهم، فبرك الجمل الذى كان عليه الحجر، فضربوه فقام، ثم ساروا فبرك، فضربوه فقام، ثم برك الثالثة فقالوا: ما برك إلا من أجل الحجر، ودفنوه، وذلك أسفل مكة، وإنى لأعرف حيث برك، فخرجوا بالحديد وخرجوا بها معهم، فأرتهم حيث برك أوّلا وثانيا وثالثا، فقالت: احفروا ههنا. فحفروا حتى يئسوا منه، ثم ضربوا فأصابوه وأخرجوه، فأتى به قصىّ، فوضعه فى الأرض، فكانوا يتمسحون به وهو فى الأرض، حتى بنى قصىّ البيت» . قال: «ومات قصىّ ودفن بالحجون» . والله أعلم بالصواب.
وأما عبد مناف بن قصىّ فكنيته «1» أبو عبد شمس، واسمه المغيرة، وعبد مناف [لقبه «2» ] ، وسبب ذلك أنّ أمه حبّى بنت حليل الخزاعية أخدمته مناة، وكان مناة صنما عظيما لهم، فسمى عبد مناة به. ثم نظر قصىّ، فرآه يوافق عبد مناة بن كنانة، فحوّله عبد مناف. قاله السّهيلىّ «3» . [و «4» ] مناف «مفعل» من أناف ينيف إنافة إذا ارتفع.
وقال المفضّل: الإنافة الإشراف والزيادة، وبه سمّى عبد مناف لطوله، ومنه تقول:
مائة ونيّف، أى شىء زائد على المائة.
او كان قصىّ يقول: لى أربعة بنين سميت ابنين بإلهى، وهما عبد مناف وعبد العزّى، وواحدا بدارى، وهو عبد الدار، وواحدا بى، وهو عبد قصىّ. حكاه محمد بن عائذ فى «مغازيه» عن أمّ سلمة.
وقال محمد بن سعد «1» : «أخبرنا هشام بن محمد بن السائب الكلبىّ عن أبيه قال:
لما ملك قصىّ بن كلاب قام عبد مناف بن قصىّ على أمر قصىّ بعده وأمر قريش إليه، واختطّ بمكة رباعا بعد الذى كان قصىّ قطع لقومه» .
قال: «و «2» ولد عبد مناف ستة نفر، وست نسوة، وهم: عبد المطّلب بن عبد مناف وكان أكبرهم، وهو الذى عقد الحلف لقريش من النّجاشىّ فى متجرها إلى أرضه، وهاشم، واسمه عمرو، وهو الذى عقد الحلف لقريش من هرقل لأن تختلف إلى الشأم آمنة، وعبد شمس بن عبد مناف، وتماضر بنت عبد مناف، وحيّة «3» ، وقلابة، وبرّة، وهالة، وأمّهم عاتكة الكبرى «4» بنت مرّة، بن هلال، بن فالج، بن ثعلبة «5» بن ذكوان، بن ثعلبة، بن بهثة، بن سليم، بن منصور، بن عكرمة، بن خصفة، بن قيس عيلان، بن مضر.
ونوفل بن عبد مناف، وهو الذى عقد الحلف لقريش من كسرى إلى العراق، وأبو عمرو بن عبد مناف، واسمه «6» عبيد، درج ولا عقب له، وأمهم واقدة بنت
أبى عدىّ، وهو عامر، بن عبدنهم، بن زيد، بن مازن «1» ، بن صعصعة؛ وريطة بنت عبد مناف، ولدت بنى هلال، بن معيط «2» من بنى كنانة، بن خزيمة، وأمّها «3» الثقفية» .
وأما هاشم بن عبد مناف، فكنيته «4» أبو نضلة، وقيل أبو يزيد، وقيل بل كان يكنّى بابنه أسد؛ واسمه عمرو، وهاشم لقب لقّب به. روى عن ابن عبّاس «5» رضى الله عنهما أنه قال «6» :«كان اسم هاشم عمرا، وكان صاحب إيلاف قريش، وإيلاف قريش: دأب قريش، وهو أوّل من سنّ الرحلتين لقريش؛ ترحل إحداهما فى الشتاء إلى اليمن وإلى الحبشة إلى النّجاشىّ فيكرمه ويحبوه، ورحلة فى الصّيف إلى الشام إلى غزّة وربما بلغ أنقرة «7» ، فيدخل على قيصر فيكرمه ويحبوه؛ فأصابت قريشا سنوات ذهبن بالأموال، فخرج هاشم إلى الشام، فأمر بخبز كثير فخبز له، وحمله فى الغرائر على الإبل حتى وافى مكة، فهشم ذلك الخبز، يعنى كسره وثرده، ونحر تلك الإبل، ثم أمر بطبخها، ثم كفأ القدور على الجفان، فأشبع أهل مكة؛ فكان ذلك أوّل الحيا بعد السّنة التى أصابتهم؛ فسمّى بذلك هاشما، وفى ذلك يقول عبد الله بن الزّبعرى: