الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا وَما خَلْفَنا وَما بَيْنَ ذلِكَ وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا)
«1» .
ذكر ما اشتملت عليه سورة الكهف ممّا سألوه عنه
قال أبو محمد عبد الملك بن هشام رحمه الله تعالى: افتتح الله عز وجل السورة بحمده، وذكر نبوّة رسوله صلى الله عليه وسلم فقال:(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ)
يعنى محمدا. قوله: (وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً قَيِّماً)
أى معتدلا لا اختلاف فيه. قوله: (لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ)
أى عاجل عقوبته فى الدنيا وعذابا أليما فى الآخرة. قوله: (وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً. ماكِثِينَ فِيهِ أَبَداً)
أى دار الخلد لا يموتون فيها، الّذين صدّقوك بما جئت به ممّا كذّبك به غيرهم، وعملوا بما أمرتهم من الأعمال. قوله:(وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً)
يعنى قريشا فى قولهم: إنّا نعبد الملائكة وهى بنات الله.
قوله: (ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لِآبائِهِمْ)
الّذين أعظموا فراقهم «2» . قوله: (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً)
أى قولهم: إنّ الملائكة بنات الله.
قوله: (فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً)
أى مهلك نفسك لحزنه صلى الله عليه وسلم عليهم حين فاته ما كان يرجو منهم، أى لا تفعل.
قوله: (إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا)
أى أيّهم أتبع لأمرى، وأعمل لطاعتى. قوله:(وَإِنَّا لَجاعِلُونَ ما عَلَيْها صَعِيداً جُرُزاً)
«3» أى الأرض،
وإنّ ما عليها لفان وزائل، ولكن المرجع إلىّ فأجزى كلّا بفعله، فلا تأس، ولا يحزنك ما ترى وتسمع فيها. ثم استقبل القصّة فيما «1» سألوه عنه من شأن الفتية.
فقال تعالى: (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً)
، أى قد كان من آياتى فيما وضعت على العباد من حجتى «2» ما هو أعجب من ذلك.
قال ابن هشام: والرقيم الكتاب الذى يرقم فيه بخبرهم، وجمعه رقم.
ثم قال: (إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ)
إلى قوله: (لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً)
أى لم يشركوا بى كما أشركتم [بى «3» ] ما ليس لكم به علم. قال: والشّطط، الغلوّ «4» ومجاوزة الحق. قوله:(هؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطانٍ بَيِّنٍ)
، أى بحجّة بالغة. (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً)
إلى قوله: (وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ) .
قال ابن هشام: تزاور، تميل، وهو من الزّور، و (تَقْرِضُهُمْ ذاتَ الشِّمالِ)
، أى تجاوزهم وتتركهم عن شمالها. والفجوة: السعة، وجمعها الفجاء. قوله:(ذلِكَ مِنْ آياتِ اللَّهِ)
أى فى الحجّة على من عرف ذلك من أمورهم من أهل الكتاب ممّن أمر هؤلاء بمسألتك عنهم فى صدق نبوّتك بتحقيق الخبر عنهم. قوله: (مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ)
إلى قوله (بِالْوَصِيدِ)
«5» الوصيد: الباب. قال عبيد «6» بن وهب العبسىّ منشدا:
بأرض فلاة لا يسدّ وصيدها
…
علىّ ومعروفى بها غير منكر
والوصيد أيضا الفناء، وجمعه وصائد ووصد ووصدان قوله:(لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ)
إلى قوله (قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أَمْرِهِمْ)
أهل الملك (لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً) .
قوله: (سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ)
إلى قوله: (وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً)
يعنى أحبار يهود الذين أمروهم بالمسألة عنهم، فانهم لا علم لهم بهم. قوله:(وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ)
إلى قوله (رَشَداً)
أى لا تقولنّ لشىء سألوك عنه كما قلت فى هذا: إنى مخبركم غدا، واستثن بمشيئة الله (وَقُلْ عَسى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي)
لخير مما سألتمونى عنه رشدا، فإنّك لا تدرى ما أنا صانع فى ذلك. قوله:
(وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً)
أى سيقولون ذلك. (قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً)
أى لم يخف عليه شىء مما سألوا عنه، وقال الله عز وجل، فيما سألوه عنه من أمر الطّواف، وهو ذو القرنين:(وَيَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ)
«1» الآيات، إلى آخر خبره. وقد ذكرنا قصة ذى القرنين فى الباب الأوّل من القسم الرابع من الفنّ الخامس من كتابنا هذا، وهى فى الجزء الثانى عشر «2» من هذه النسخة، ولا فائدة فى إعادتها.
وقال تعالى فيما سألوه عنه من [أمر «3» ] الرّوح «4» : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا)
«5» روى عن عبد الله بن عبّاس رضى الله عنهما قال: لمّا قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة قال