الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر وفاة أبى طالب بن عبد المطلب عمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ومشى أشراف قريش إليه فى مرضه، وما قالوه وأنزل فيهم
كانت وفاة أبى طالب بعد نقض الصحيفة، وخروج بنى هاشم وبنى المطلب من الشّعب بثمانية أشهر وأحد وعشرين يوما، وماتت خديجة بعده بثلاثة أيام.
حكاه الشيخ شرف الدين عبد المؤمن بن خلف الدمياطىّ رحمه الله فى مختصر السيرة النبوية.
وقال محمد بن سعد: كان بينهما شهر وخمسة أيام «1» .
قال «2» محمد بن إسحاق: لما اشتكى أبو طالب وبلغ قريشا ثقله، فمشى إليه أشراف قريش وهم: عقبه بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وأبو جهل بن هشام، وأمية بن خلف، وأبو سفيان بن حرب فى رجال من أشرافهم، فقالوا: يا أبا طالب، إنك منا حيث قد علمت وقد حضرك ما ترى، وتخوّفنا عليك، وقد علمت الذى بيننا وبين ابن أخيك، فادعه فخذ له منا، وخذ لنا منه، ليكفّ عنا ونكفّ عنه، وليدعنا وديننا، وندعه ودينه.
فبعث إليه فجاءه فقال له: يا بن أخى، هؤلاء أشراف قومك قد اجتمعوا لك، ليعطوك وليأخذوا منك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«كلمة «3» واحدة يملكون بها العرب، وتدين لهم بها العجم» فقال أبو جهل: نعم وأبيك وعشر كلمات، فقال:
«تقولون لا إله إلا الله، وتخلعون ما تعبدون من دونه» ، قال: فصفّقوا بأيديهم، وقالوا: أتريد يا محمد أن تجعل الآلهة إلها واحدا؛ إن أمرك لعجب! ثم قال
بعضهم لبعض: إنه والله ما هذا الرجل يعطيكم شيئا مما تريدون؛ فانطلقوا وامضوا على دين آبائكم، حتى يحكم الله بينكم وبينه، ثم تفرّقوا. فقال أبو طالب: والله ما رأيتك سألتهم شططا.
قال: فلما قالها أبو طالب طمع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه «1» ، فجعل يقول له:«يا عمّ فأنت فقلها؛ أستحل بها لك الشفاعة يوم القيامة» ، قال: يا بن أخى لولا مخافة السّبّة عليك وعلى بنى أبيك من بعدى، وأن تظنّ قريش أنى قلتها جزعا من الموت لقلتها، لا أقولها إلا لأسرك بها.
قال ابن عباس: فلما تقارب من أبى طالب الموت، نظر العباس إليه يحرّك شفتيه، فأصغى إليه بأذنه، فقال: يا بن أخى، والله لقد قال أخى الكلمة التى أمرته أن يقولها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لم أسمع» ، ثم هلك أبو طالب.
والذى ورد فى الصحيح: أن آخر ما سمع من أبى طالب؛ هو على دين عبد المطلب.
قال ابن إسحاق: وأنزل الله فى الرهط الذين اجتمعوا إلى أبى طالب وقالوا ما قالوا، قوله تعالى:(ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ. بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ. كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنادَوْا وَلاتَ حِينَ مَناصٍ. وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقالَ الْكافِرُونَ هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ. أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ. وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هذا لَشَيْءٌ يُرادُ. ما سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ)
«2» . قال: يريدون بالملّة الآخرة النصارى؛ لقولهم: (إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ)
«3» .