الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما كنانة بن خزيمة
، فكنيته «1» أبو النّضر، وأمّه عوانة بنت سعد بن قيس [بن عيلان «2» ]، ويقال: بل هند بنت عمرو بن قيس بن عيلان. قال أبو الحسن سلّام ابن عبد الله بن سلام الإشبيلىّ: وقال أبو عمرو العدوانى لابنه فى وصيته: «يا بنى أدركت كنانة بن خزيمة- وكان شيخا مسنّا عظيم القدر، وكانت العرب تحج إليه لعلمه وفضله- فقال: إنه قد آن خروج نبىّ بمكة يدعى أحمد، يدعو إلى الله، وإلى البر والإحسان ومكارم الأخلاق، فاتّبعوه تزدادوا شرفا إلى شرفكم، وعزّا إلى عزّكم، ولا تتعدوا ما جاء به، فهو الحق» . والله الموفق.
وأما النّضر بن كنانة
. فكنيته «3» أبو يخلد، كنّى بابنه يخلد «4» . واسم النّضر قيس.
قال أبو ذرّ الخثنىّ: النّضر: الذّهب الأحمر «5» . وهو النّضار؛ سمّى النّضر بذلك لوضاءته وإشراق وجهه. وأمّه برّة بنت مر بن أدّ بن طابخة بن الياس بن مضر أخت تميم بن مرّ. والذى عليه أكثر أهل السّير والمؤرّخين أن كنانة خلف على برّة بعد أبيه خزيمة، على ما كانت الجاهلية تفعله؛ إذا مات الرجل خلف على زوجته بعده أكبر بنيه من غيرها «6» . ويردّ هذا ما روى عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أنه قال:
«ما ولدنى من سفاح أهل الجاهلية شىء؛ ما ولدنى إلا نكاح كنكاح أهل الإسلام «7» » ، وقول ابن الكلبىّ:«كتبت لرسول الله، صلى الله عليه وسلم خمسمائة أمّ، فلم أجد فيها شيئا مما كان من أمر الجاهلية» . وقد تقدّم ذكر ذلك آنفا.
وقد اعتذر القائلون هذا القول عنه بأعذار، وأقاموا أدلة على أنه ليس يسقاح ولا من أمر الجاهلية. وفى أعذارهم وأدلّتهم بعض تكلّف. وقد حصل الظفر- ولله الحمد والمّنة- بما يزيل هذا الإشكال، ويرفع هذا الاحتمال، ويخلّص من مهاوى هذه الشّبه؛ وهو الصحيح، إن شاء الله تعالى، وسنذكره بعد ذكر أعذارهم وأدلّتهم.
أما ما استدلوا به على تقدير أن يكون كنانة خلف على برة بنت مرّ بن ادّ بعد أبيه، فقال السّهيلىّ «1» ، رحمه الله، فى قوله تعالى:(وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ «2» )
؛ أى إلا ما قد سلف من تحليل ذلك قبل الإسلام، قال: وفائدة لاستثناء ألا يعاب نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليعلم أنه لم يكن فى أجداده بغية ولا سفاح؛ ألا ترى أنه لم يقل فى شىء نهى عنه فى القرآن (إلا ما قد سلف) نحو:(وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى «3» )
؛ ولم يقل (إلا ما قد سلف) ، (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ «4» ) *
ولم يقل (إلا ما قد سلف) ، ولا فى شىء من المعاصى التى نهى عنها إلا فى هذه [لآية «5» ] ، وفى الجمع بين الأختين؛ لأن الجمع بينهما قد كان مباحا فى شرع من قبلنا؛ وقد جمع يعقوب عليه السلام، بين راحيل «6» وأختها ليا؛ فقوله:(إلا ما قد سلف) التفات إلى هذا المعنى وتنبيه على هذا المعزى. ونقل السّهيلىّ هذه التكتة عن القاضى أبى بكر بن العربىّ.
واعتذار من اعتذر عن هذه الواقعة على هذا المنوال.