الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النبىّ صلى الله عليه وسلم يخرجن ليلا إلى ليل قبل المناصع «1» فخرجت سودة بنت زمعة وكانت امرأة طويلة، فرآها عمر بن الخطاب وهو فى المجلس، فقال: عرفتك يا سودة- حرصا على أن ينزل الحجاب- فأنزل الله [الحجاب «2» ] . وفى هذه السنة فرضت الزكاة فى المال.
حوادث السنة الخامسة
فيها تزوّج رسول الله صلى الله عليه وسلم ريحانة بنت زيد النّضرية، وجويرية بنت الحارث المصطلقيّة. وفيها زلزلت المدينة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«إن الله يستعتبكم فأعتبوه «3» » . وفيها سابق رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الخيل.
وقد تقدم ذكر ذلك فى الباب الأول من القسم الثالث من الفن الثالث فى الجزء التاسع من هذه النسخة. وفيها كانت غزوة بنى المصطلق بالمريسيع. وحدث فى هذه الغزوة وقائع نذكرها فى هذا الموضع؛ فيها ما وقع بين المهاجرين والأنصار، وحديث الإفك، وخبر التّيمّم.
ذكر ما وقع بين المهاجرين والأنصار «4» فى غزوة المريسيع وما قاله عبد الله بن أبىّ بن سلول المنافق
قال محمد بن إسحاق: لما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم على المريسيع- وهو ماء لبنى المصطلق «5» - فى نزوله عن غزوته إياهم، وردت واردة الناس،
ومع عمر بن الخطاب أجير له من بنى غفار، يقال له جهجاه بن مسعود يقود فرسه، فازدحم جهجاه وسنان بن وبر الجهنىّ- حليف بنى عوف بن الخزرج- على الماء، فاقتتلا، فصرخ الجهنىّ: يا معشر الأنصار! وصرخ جهجاه: يا معشر المهاجرين! فغضب عبد الله بن أبىّ، وعنده رهط من قومه، فيهم زيد بن أرقم- غلام حدث- فقال: أو قد فعلوها! قد نافرونا وكاثرونا فى بلادنا، والله ما أعدّنا وجلابيب قريش «1» هذه إلا كما قال الأول: سمّن كلبك يأكلك؛ أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعزّ منها الأذلّ. ثم أقبل على من حضره من قومه وقال: هذا ما فعلتم بأنفسكم! أحللتموهم بلادكم، وقاسمتموهم «2» أموالكم، والله لو أمسكتم عنهم ما بأيديكم لتحولوا إلى غير داركم. قال: فمشى زيد بن أرقم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر، وعنده عمر بن الخطاب، فقال عمر: مر به عبّاد بن بشر فليقتله؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فكيف يا عمر إذا تحدّث الناس أن محمدا يقتل أصحابه! لا، ولكن أذّن بالرحيل» ، فارتحل الناس فى ساعة لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يرتحل فيها، وجاء عبد الله بن أبىّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فحلف بالله: ما قلت ما قال زيد بن أرقم عنّى، وما تكلمت به، فقال من حضر من الأنصار: يا رسول الله، عسى أن يكون الغلام أوهم فى حديثه، ولم يحفظ ما قال الرجل.
فلما استقلّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لقيه أسيد بن حضير فقال: يا نبىّ الله، والله لقد رحت فى ساعة منكرة ما كنت تروح فى مثلها. قال: «أو ما بلغك
ما قال صاحبكم» ؟ قال: أىّ صاحب؟ قال: «عبد الله بن أبىّ» قال، وما قال يا رسول الله؟ قال:«زعم أنه إن رجع إلى المدينة أخرج الأعزّ منها الأذل» قال: فأنت يا رسول الله تخرجه إن شئت، هو والله الذليل وأنت العزيز. ثم قال:
يا رسول الله، ارفق به، فو الله لقد جاء الله بك وإنّ قومه لينظمون له الخرز ليتوّجوه، فإنه ليرى أنك استلبته ملكا. قال: ثم متن «1» رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس يومهم ذاك حتى أمسى، وليلتهم حتى أصبح، وصدر يومهم ذلك حتى آذتهم «2» الشمس، ثم نزل بالناس فلم يلبثوا إلا أن وجدوا مسّ الأرض فوقعوا نياما.
قال: وإنما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك ليشغل الناس عن الحديث الذى كان من عبد الله بن أبىّ.
قال: ثم هبت ريح شديدة تخوّفها الناس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«لا تخوّفوها فإنما هبت لموت عظيم من عظماء الكفار» . فلما قدموا المدينة وجدوا رفاعة بن زيد بن التابوت أحد بنى قينقاع- وكان من عظماء يهود، وكهفا للمنافقين- مات ذلك اليوم.
ونزلت السورة التى ذكر الله تعالى فيها المنافقين فى ابن أبىّ ومن قال بقوله، فلما نزلت أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بأذن زيد بن أرقم ثم قال:«هذا الذى أوفى لله بأذنه» . وبلغ عبد الله بن عبد الله بن أبىّ بن سلول ما كان من أمر أبيه، فقال: يا رسول الله، إنه بلغنى أنك تريد قتل عبد الله بن أبىّ فيما بلغك عنه، فإن كنت فاعلا فمرنى به فأنا أحمل إليك رأسه، إنى أخشى أن تأمر غيرى فيقتله فلا تدعنى نفسى أنظر إلى قاتل عبد الله يمشى فى الناس فأقتله، فأقتل مؤمنا بكافر فأدخل