الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بنى إسحاق، لكان من أنفسهم، لا من إخوتهم، كما قال تعالى إخبارا عن إبراهيم فى دعوته:(رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ)
، وكما قال تعالى:(لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ)
؛ ومنها قوله: «نبيا مثلك» ، وقد قال فى التوراة:«لا يقوم فى بنى إسرائيل أحد مثل موسى» ، وفى ترجمة أخرى:«مثل موسى لا يقوم فى بنى إسرائيل أبدا» ؛ ومنها قوله: «أجعل كلامى فى فمه» ، فهو واضح أن المقصود به محمد صلى الله عليه وسلم، لأن معناه: أوحى إليه بكلامى فينطق به؛ وقوله: «أيّما رجل لم يطع من تكلّم باسمى فإنى أنتقم منه» دليل على كذب اليهود فى قولهم: إن الله أمرنا بمعصية كلّ نبى دعا إلى دين سمّى نسخا لبعض ما شرعه موسى صلى الله عليه وسلم. والله تعالى أعلم.
وأما ما اتفقوا عليه، ورضوا ترجمته مما فى الإنجيل
فمن ذلك ما ترجموه فى الإنجيل: أن عيسى عليه السلام قال: «إن أحببتمونى فاحفظوا وصيتى، وأنا أطلب إلى أبى فيعطيكم بارقليط آخر يكون معكم الدهر كلّه، فهذا تصريح بأن الله سيبعث إليهم من يقوم مقامه، وينوب عنه فى تبليغ رسالات ربه، وسياسة خلقه منابه، وتكون شريعته باقية مخلّدة أبدا» ، ولم يأت بذلك بعد عيسى إلا محمد صلى الله عليه وسلم.
قال ابن ظفر: قولهم: «أبى» : فهذه اللفظة عندنا مبدلة محرّفة، وليست منكرة الاستعمال عند أهل الكتابين إشارة إلى الرب سبحانه، لأنها عندهم لفظة
تعظيم يخاطب بها المتعلّم معلّمه الذى يستمدّ العلم منه؛ قال: ومن المشهور مخاطبة النصارى عظماء دينهم بالآباء الروحانية؛ قال: وأما قوله: «يرسله أبى باسمى» فهو إشارة إلى شهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم له بالصّدق والرسالة، وما تضمّنه القرآن من مدحه وتنزيهه عما افتراه اليهود فى أمره.
ومما ترجموه ورضوا ترجمته قولهم: إنه قال: «إذ قال البارقليط الذى أرسل إليكم من عند أبى، روح الحق الذى يخرج من الأب، فهو يشهد لى، وأنتم تشهدون لى أيضا لكينونتكم معى من أوّل أمرى» .
قال: قوله «روح الحق الذى يخرج من الأب» كناية عن كلام الله المنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى:(وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا) .
وقوله: «يشهد لى» تصريح بنبوّة محمد صلى الله عليه وسلم، إذ لم يشهد للمسيح عليه السلام بالنبوّة، والنزاهة عما افترى عليه، وبأنه روح الله وكلمته وصفيّه ورسوله، كتاب سوى القرآن، ولم تزل الأمم تكذّب المتّبعين للمسيح، واليهود يفترون العظائم من البهتان، حتى بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم فشهد للمسيح بما شهد به حواريّوه الذين كانوا معه من أوّل أمره، والمهتدون من أمته.
قال: ومما رضوه من الترجمة أيضا عن الإنجيل قوله فيه: «إن انطلاقى خير لكم، لأنى إن لم أنطلق لم يأتكم البارفليط؛ فإذا انطلقت أرسلت به إليكم، فإذا جاء فنّد أهل العلم» . قال: فهذا ظاهر، وقوله:«أرسلت به إليكم» إن كان سالما من التحريف، فمعناه مثل معنى قوله:«إن لم أنطلق لم يأتكم» ، وقوله:
«فنّد» وصف صريح للنبىّ صلى الله عليه وسلم، فهو الذى فنّد علماء اليهود والنّصارى فيما أطبقوا عليه من أن المسيح قتل وصلب بعد أن عذّب، وما انفرد