الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بما صنع الله على وجهك «1» ، فإنّها تعرف [لك «2» ] ذلك، فتقدّم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخل مكّة فى ساعة الظّهيرة وخديجة فى علية «3» لها، فرأت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على بعيره، وملكان يظلّان عليه، فأرته نساءها، فعجبن لذلك، ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها فخبّرها «4» بما ربحوا فى وجههم ذلك، فسّرت به، فلمّا دخل ميسرة عليها أخبرته بما رأت، فقال: قد رأيت هذا مذ خرجنا من الشام، وأخبرها بما قال نسطورا، وبما قال الآخر الذى حالفه «5» فى البيع، وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم بتجارتها، فربحت ضعف ما كانت تربح، وأضعفت له ما سمّت له. والله المعين.
ذكر تزويج رسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة بنت خويلد
قال الواقدى بسند يرفعه إلى نفيسة بنت منية «6» ؛ قالت: كانت خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزّى بن قصىّ امرأة حازمة جلدة شريفة لبيبة؛ وهى يومئذ أوسط «7» قريش نسبا، وأعظمهم شرفا، وأكثرهم مالا، وكلّ قومها كان حريصا على نكاحها لو قدر على ذلك، قد طلبوها وبذلوا «8» لها الأموال؛ فأرسلتنى «9» دسيسا إلى محمد بعد أن رجع فى عيرها من الشام، فقلت: يا محمد، ما يمنعك أن تتزوّج؟ فقال: ما بيدى ما أتزوّج به، قلت: فإن كفيت ذلك، ودعيت إلى الجمال والمال والشّرف والكفاءة ألا تجيب؟ قال: فمن هى؟ قلت خديجة، قال: وكيف لى بذلك؟
قلت علىّ «1» ، فأنا أفعل، فذهبت فأخبرتها، فأرسلت إليه: أن ائت لساعة كذا وكذا، وأرسلت إلى عمّها عمرو بن أسد ليزوّجها. وقيل: إنّها أرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تقول: يا بن العمّ! إنى قد رغبت فيك لقرابتك منّى، وشرفك فى قومك، وسطتك «2» وأمانتك عندهم، وحسن خلقك وصدق حديثك؛ ثم عرضت نفسها عليه، فذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك لأعمامه، فخرج معه حمزة ابن عبد المطّلب حتى دخل على خويلد بن أسد، وقيل: بل عمرو بن خويلد بن أسد، وقيل: بل عمرو بن أمية عمّها، وكان شيخا كبيرا وهو الصحيح، فخطبها إليه. قيل: وحضر أبو طالب ورؤساء مضر، فخطب أبو طالب فقال:
«الحمد لله الذى جعلنا من ذرّية إبراهيم، وزرع إسماعيل، وضئضىء «3» معدّ، وعنصر «4» مضر، وجعلنا حضنة بيته، وسوّاس حرمه، وجعل لنا بيتا محجوجا، وحرما آمنا، وجعلنا الحكّام على الناس؛ ثم إن ابن أخى هذا محمد بن عبد الله، لا يوزن به رجل إلا رجح به، فإن كان فى المال قلّ فإن المال ظلّ زائل، وأمر حائل، ومحمد من «5» قد عرفتم قرابته؛ وقد خطب خديجة بنت خويلد، وبذل لها من الصّداق ما آجله وعاجله من مالى كذا، وهو والله بعد هذا له نبأ عظيم، وخطب جليل «6» » . فتزوّجها صلى الله عليه وسلم وهو ابن خمس وعشرين سنة وشهرين وعشرة أيام، وخديجة يومئذ بنت ثمان وعشرين سنة، وقيل: بنت أربعين سنة، وأصدقها صلى الله عليه