الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر خبر المرأة التى عرضت نفسها على عبد الله بن عبد المطّلب وما أبدته من سبب ذلك
قد اختلف فى هذه المرأة، فمنهم من يقول: هى قتيلة «1» ، بنت نوفل، بن أسد، ابن عبد العزّى، بن قصىّ، وهى أخت «2» ورقة بن نوفل. قال السّهيلى «3» : اسمها رقيّقة «4» بنت نوفل تكنّى أم قتال، وهى أخت ورقة بن نوفل. ومنهم من يقول «5» : هى فاطمة بنت مرّ الخثعمية، وقيل غيرها. ونحن نذكر ما قالوه فى ذلك.
فأما عبد الملك بن هشام فقال «6» : لما انصرف عبد المطلب يوم الفداء آخذا بيد ابنه عبد الله، فمرّ به على امرأة من بنى أسد، وهى أخت ورقة بن نوفل، وهى عند الكعبة، فقالت له حين نظرت إلى وجهه: أين تذهب يا عبد الله؟
قال: مع أبى، قالت: لك مثل الإبل التى نحرت عنك وقع علىّ الآن. قال:
أنا مع أبى «7» ، ولا أستطيع خلافه ولا فراقه، فخرج به عبد المطّلب حتى أتى وهب ابن عبد مناف. وذكر خبر زواجه بآمنة، وأنه وقع عليها كما ذكرناه آنفا.
قال: ثم خرج من عندها، فأتى المرأة التى عرضت عليه ما عرضت، فقال لها: مالك لا تعرضين علىّ اليوم ما كنت عرضت علىّ بالأمس؟ قالت له:
فارقك النّور الذى كان معك بالأمس، فليس لى بك اليوم حاجة.
وقال الواقدىّ «1» : هى قتيلة بنت نوفل. وعن ابن عباس رضى الله عنهما:
أنها امرأة من بنى أسد، وهى أخت ورقة.
قال الواقدىّ: كانت «2» تنظر وتعتاف «3» ، فمرّ بها عبد الله فدعته يستبضع منها، ولزمت طرف ثوبه فأبى وقال: حتى آتيك، وخرج مسرعا «4» حتى دخل على آمنة فوقع عليها، فحملت برسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم رجع إلى المرأة وهى تنتظره فقال: هل لك فى الذى عرضت علىّ؟ فقالت: لا. مررت وفى وجهك نور ساطع، ثم رجعت وليس فيه ذلك النور.
قال «5» : وقال بعضهم قالت: مررت وبين عينيك غرّة مثل غرّة الفرس، ورجعت وليس هى فى وجهك.
وقال «6» محمد بن عمر بن واقد، عن هشام بن محمد بن السائب الكلبى، عن أبيه، عن أبى الفيّاض «7» الخثعمى، قال: مرّ عبد الله بامرأة من خثعم يقال لها: فاطمة
بنت مرّ «1» ، وكانت من أجمل الناس وأشبّه وأعفّه «2» ، وكانت قد قرأت الكتب «3» ، وكان شباب قريش يتحدثون إليها، فرأت نور النبوّة فى وجه عبد الله فقالت:
يا فتى! من أنت؟ فأخبرها، قالت: هل لك أن تقع علىّ وأعطيك «4» مائة من الإبل؟ فنظر إليها وقال:
أمّا الحرام فالممات دونه
…
والحلّ لا حلّ فأستبينه
فكيف بالأمر «5» الذى تنوينه «6»
ثم مضى إلى امرأته آمنة، فكان معها، ثم ذكرا الخثعمية وجمالها، وما عرضت عليه، فأقبل عليها فلم ير منها من الإقبال عليه آخرا كما رآه منها أولا، فقال: هل لك فيما قلت لى؟ فقالت: «قد كان ذاك مرّة فاليوم لا «7» » ، فذهبت مثلا، وقالت:
أىّ شىء صنعت بعدى؟ قال: وقعت على زوجتى آمنة، قالت: إنى والله لست
بصاحبة زنية «1» ، ولكنى رأيت نور النبوّة فى وجهك، فأردت أن يكون ذلك فىّ، وأبى الله إلا يجعله حيث جعله.
وبلغ شباب قريش ما عرضت على عبد الله وتأبّيه عليها، فذكروا ذلك لها، فأنشأت تقول:
إنى رأيت مخيلة «2» عرضت «3»
…
فتلألأت بحناتم القطر
فلمأتها نورا «4» يضىء له «5»
…
ما حوله كإضاءة الفجر
ورأيته شرفا «6» أبوء به
…
ما كلّ قادح زنده يورى
لله ما زهرية سلبت
…
ثوبيك ما استلبت وما تدرى «7»
وقالت أيضا «8» :
بنى هاشم قد غادرت من أخيكم
…
أمينة إذ للباه يعتلجان «9»
كما غادر المصباح بعد خبوّه «10»
…
فتائل قد ميثت له بدهان
وما كلّ ما يحوى الفتى من تلاده «1»
…
بحزم «2» ولا ما فاته لتوان
فأجمل إذا طالبت أمرا فإنه
…
سيكفيكه جدّان يصطرعان
ستكفيكه إمّا يد مقفعلة «3»
…
وإمّا يد مبسوطة ببيان
ولما قضت منه أمينة ما قضت
…
نبا بصرى عنه وكلّ لسانى «4»
وعن أبى يزيد المدنى «5» قال: نبّئت أن عبد الله أبا رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى على امرأة من خثعم فرأت بين عينيه نورا ساطعا إلى السماء فقالت: هل لك فىّ؟ قال: نعم حتى أرمى الجمرة، فانطلق فرمى الجمرة، ثم أتى امرأته آمنة بنت وهب، ثم ذكر الخثعمية «6» فأتاها فقالت: هل أتيت امرأة بعدى؟ قال نعم، امرأتى آمنة بنت وهب، قالت: فلا حاجة لى فيك، إنك مررت وبين عينيك نور ساطع إلى السماء، فلما وقعت عليها ذهب؛ فأخبرها أنها قد حملت بخير «7» أهل الأرض.
وقال محمد بن إسحاق: حدّثنى أبى إسحاق بن يسار، أنه حدّث «8» أن عبد الله إنما دخل على امرأة كانت له مع آمنة بنت وهب، وقد عمل فى طين له، وبه آثار من الطّين، فدعاها إلى نفسه فأبطأت عليه لما رأت عليه من آثار الطّين،