الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إحدى وثلاثون ومائتان، هل مع هذا غيره يا محمد؟ قال: «نعم (المر)
» قال:
هذه أثقل وأطول، الألف واحدة، واللام ثلاثون، والميم أربعون، والراء مائتان، فهذه إحدى وسبعون ومائتا سنة، ثم قال: لقد لبّس علينا أمرك يا محمد حتى ما ندرى أقليلا أعطيت أم كثيرا؟ ثم قاموا عنه؛ فقال أبو ياسر لأخيه حيىّ ولمن معه من الأحبار: ما يدريكم، لعله قد جمع هذا كلّه لمحمد؛ سبعمائة وأربع [وثلاثون «1» ] سنة، قالوا: لقد تشابه علينا أمره، فيقال: إنّ قوله تعالى:
(هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ)
«2» نزلت فيهم، وقيل: إنما نزلت فى وفد نجران، على ما نذكره إن شاء الله تعالى.
ذكر شىء من مقالات أحبار يهود، وما أنزل من القرآن فى ذلك
كان من مقالاتهم ما قاله مالك بن الضّيف «3» حين بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر لهم ما أخذ عليهم من الميثاق، وما عهد إليهم فيه، فقال:
والله ما عهد إلينا فى محمد عهد، وما أخذ له علينا ميثاق، فأنزل الله عز وجل فيه:
(أَوَكُلَّما عاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ)
«4» . وقال ابن صلوبا الفطيونى «5» لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا محمد، ما جئتنا بشىء نعرفه، وما أنزل عليك من آية بينة فنتبعك بها؛ فأنزل الله تعالى:(وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ آياتٍ بَيِّناتٍ وَما يَكْفُرُ بِها إِلَّا الْفاسِقُونَ)
«6» .
وقال رافع بن حريملة، ووهب بن زيد لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا محمد، ائتنا بكتاب تنزله علينا من السماء نقرؤه، وفجرّ لنا أنهارا نتبعك ونصدّقك، فأنزل الله تعالى:(أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ كَما سُئِلَ مُوسى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمانِ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ)
«1» قال: وكان حيىّ بن أخطب [وأخوه أبو ياسر بن «2» أخطب] من أشدّ يهود للعرب حسدا؛ فكانا جاهدين فى ردّ الناس عن الإسلام بما استطاعا، فأنزل الله عز وجل فيهما:(وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)
«3» قال: ولما قدم أهل نجران من النصارى على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أتتهم أحبار يهود، فتنازعوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رافع بن حريملة:
ما أنتم على شىء، وكفر بعيسى وبالإنجيل، فقال رجل من أهل نجران من النصارى لليهود: ما أنتم على شىء، وجحد نبوّة موسى، وكفر بالتوراة، فأنزل الله تعالى:
(وَقالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ وَقالَتِ النَّصارى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتابَ كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ)
«4» . وقال رافع لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا محمد، إن كنت رسولا من الله كما تقول فقل لله يكلمنا تكليما حتى نسمع كلامه، فأنزل الله تعالى فى ذلك:(وَقالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ لَوْلا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينا آيَةٌ كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآياتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ)
«5» .
وقال عبد الله بن صوريا الفطيونىّ الأعور لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ما الهدى
إلا ما نحن عليه، فاتبعنا يا محمد تهتد؛ وقالت النصارى مثل ذلك، فأنزل الله تعالى فى أقوالهم:(وَقالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)
إلى قوله: (وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ)
«1» . وتكلموا عند صرف القبلة بما نذكره إن شاء الله فى حوادث السنة الثانية.
قال: وسأل معاذ بن جبل، وسعد بن معاذ، وخارجة بن زيد، نفرا من أحبار يهود عن بعض ما فى التوراة، فكتموهم إياه وأبوا أن يخبروهم، فأنزل الله فيهم:
(إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ)
«2» . ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهود إلى الإسلام ورغّبهم فيه، وحذّرهم عذاب الله، فقال رافع بن خارجة، ومالك بن عوف: بل نتبع يا محمد ما وجدنا عليه آباءنا، فهم كانوا أعلم منا، وخيرا منا، فأنزل الله فى ذلك:(وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ)
«3» .
قال: ولما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزاة بدر جمع يهود فى سوق بنى قينقاع، وقال لهم:«يا معشر يهود، أسلموا قبل أن يصيبكم الله بمثل ما أصاب به قريشا» فقالوا: يا محمد، لا يغرّنك من نفسك أنك قتلت نفرا من قريش، كانوا أغمارا «4» لا يعرفون القتال، إنك والله لو قاتلتنا لعرفت أنا نحن الناس، وأنك لم تلق مثلنا، فأنزل الله عز وجل فى ذلك من قولهم: (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهادُ. قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا
فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرى كافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ)
«1» .
قال: ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت «2» المدراس على جماعة من يهود، فدعاهم إلى الله عز وجل، فقال له النعمان بن عمرو، والحارث بن زيد: وعلى أى دين [أنت «3» ] يا محمد؟ قال: «على ملة إبراهيم ودينه» قالا: فإن إبراهيم كان يهوديا؛ فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فهلم إلى النوارة فهى بيننا وبينكم» ؛ فأنزل الله فيهما:
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ. ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ)
«4» . وقال أحبار يهود ونصارى نجران حين اجتمعوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وتنازعوا، فقال الأحبار: كان إبراهيم يهوديا، وقالت النصارى: كان نصرانيا؛ فأنزل الله تعالى: (يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْراهِيمَ وَما أُنْزِلَتِ التَّوْراةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ. ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ حاجَجْتُمْ فِيما لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ.
ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ. إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ)
«5» . وقال عبد الله بن صيف «6» ، وعدىّ بن زيد، والحارث بن عوف، بعضهم لبعض: تعالوا نؤمن بما أنزل على محمد وأصحابه غدوة، ونكفر به عشية، حتى نلبس عليهم دينهم، فأنزل الله تعالى فيهم: (يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ