الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإنما ألحقنا هذا الخبر بما قبله لأن موسى صلى الله عليه وسلم إنما يكتب بخطه ما تلقّاه عن الله تعالى، أو عن كتبه المنزلة؛ وهذا الذى أوردناه مما جاء فى كتب الله السالفة هو الذى أبداه أهل الكتاب وأثبتوه، وترجموه ورضوا ترجمته فى تحريفهم وتبديلهم.
وأما ما كتمه أهل الكتاب ممّا فيه صريح ذكر النبى صلى الله عليه وسلم
ودلّنا عليه وأخبرنا به من أسلم «1» منهم ممّن جاز لنا أن نروى عنه ونقبل روايته؛ مثل وهب، وكعب الأحبار، وأبى ثعلبة بن أبى مالك.
فأما «2» ما جاء عن وهب بن منبّه.
فإنه روى عنه أنه قال: قرأت فى بعض كتب الله المنزلة على نبىّ من بنى إسرائيل: «أن قم فى قومك، فقل يا سماء اسمعى، ويا أرض أنصتى؛ لأن الله يريد أن يقصّ شأن بنى إسرائيل:
أنى ربّيتهم بنعمتى، وآثرتهم بكرامتى، واخترتهم لنفسى، وأنى وجدت بنى إسرائيل كالغنم الشاردة التى لا راعى لها، فرددت شاردها، وجمعت ضالّتها، وداويت مريضها، وجبرت كسيرها، وحفظت سمينها؛ فلما فعلت بها ذلك بطرت، فتناطحت كباشها، فقتل بعضها بعضا. فويل لهذه الأمّة الخاطئة، ويل لهؤلاء القوم الظالمين؛ إنى قضيت يوم خلقت السموات والأرض قضاء حتما، وجعلت له أجلا مؤجّلا لا بدّ منه، فإن كانوا يعلمون الغيب فليخبروك متى حتمته، وفى أى زمان يكون ذلك، فإنى مظهره على الدين كله، فليخبروك متى يكون هذا، ومن القيّم به، ومن أعوانه وأنصاره، إن كانوا يعلمون الغيب فإنى باعث بذلك رسولا من الأمّييّن ليس بفظّ ولا غليظ، ولا صحّاب فى الأسواق، ولا قوّال بالهجر والخنى، أسدّده
بكل جميل، وأهب له كلّ خلق كريم، وأجعل السكينة على لسانه، والتقوى ضميره، والحكمة منطقه، والصدق والوفاء طبيعته، والعفو والمعروف خلقه والحقّ شريعته، والعدل سيرته، والإسلام ملّته، أرفع به من الوضيعة، وأغنى به من العيلة، وأهدى به من الضلالة، وأؤلّف به بين قلوب متفرّقة، وأهواء مختلفة، وأجعل أمّته خير الأمم إيمانا بى وتوحيدا «1» لى، وإخلاصا بما جاء به رسولى، ألهمهم التسبيح والتحميد والتمجيد لى فى صلواتهم «2» ومساجدهم ومنقلبهم ومثواهم، يخرجون من ديارهم وأموالهم ابتغاء مرضاتى يقاتلون فى سبيلى صفوفا، ويصلّون «3» لى قياما وركوعا وسجودا، يكبّروننى على كلّ شرف، رهبان بالليل، أسد بالنهار؛ ذلك فضلى أوتيه من أشاء، وأنا ذو الفضل العظيم» .
ومنه ما روى عنه أنه قال: قرأت فى بعض الكتب القديمة: «قال الله تبارك وتعالى: وعزّتى وجلالى لأنزلنّ على جبال العرب نورا يملأ ما بين المشرق والمغرب، ولأخرجن من ولد إسماعيل نبيا عربيا أمّيا يؤمن به عدد نجوم السماء ونبات الأرض، كلهم يؤمن بى ربّا، وبه رسولا، ويكفرون بملل آبائهم، ويفرّون منها. قال موسى: سبحانك وتقدّست أسماؤك! لقد كرّمت هذا النبى وشرّفته، قال الله عز وجل: يا موسى إنى أنتقم من عدوّه فى الدنيا والآخرة، وأظهر دعوته على كل دعوة، وسلطانه ومن معه «4» على البر والبحر، وأخرج لهم من كنوز الأرض، وأذلّ من خالف شريعته؛ يا موسى: بالعدل ربّيته «5» ، وبالقسط أخرجته؛