الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال آخر «1» :
إذا التثموا بالرّيط خلت وجوههم
…
أزاهر تبدو من فتوق الكمائم
أو التأموا بالسابرية أبرزوا
…
عيون الأفاعى من جلود الأراقم «2»
نرجع الى أخبار يوسف بن تاشفين
قال: واستقامت له الأمور. وتزوج زينب بنت إبراهيم «3» زوجة أبى بكر بن عمر، وكانت حظية عنده، وأميرة «4» عليه.
وكذلك جميع الملثمين ينقادون لأمور نسائهم، ولا يسمون الرجل إلا بأمه فيقولون: ابن فلانة، ولا يقولون: ابن فلان.
وكانت زينب لها عزم وحزم. حكى عنها أن زرهون- ويعرف بابن خلوف- وكان له أدب «5» ، فبلغ زينب أنه مدح حواء امرأة سير بن أبى بكر وفضّلها على سائر النساء بالجمال والكمال. فأمرت بعزله عن القضاء. فوصل إلى أغمات واستأذن عليها. فدخل البواب وأعلمها به، فقالت:«قل له: امض إلى التى مدحتها تردك إلى القضاء» . فبقى بالباب أياما حتى نفدت نفقته.
فأتى إلى خادمها فقال له: «إن مولاتك صرفتنى ونقمت على مدحى لامرأة سير. ولو علمت أن ذلك يغضبها ما قلته. وقد نفدت نفقتى، وأردت بيع هذا المهر، وعزّ على أن يصير فى يد من لا يستحقه، وأنا أحب أن تعطينى مثقالين أتزود بهما إلى أهلى. وخذ المهر فأنت أحق به» . فسر الخادم وأعطاه مثقالين وأخذ المهر.
ودخل على مولاته زينب وهو فرحان. فقالت له: «ما شأنك؟» فأخبرها الخبر. فرقت للقاضى وندمت على ما فعلت به. وقالت:
«اذهب فأتنى به الساعة» . فأحضره إليها. فقالت له: «تمدح زوجة سير وتفضلها على سائر النساء، وخرجت فى وصفك لها عن الحد، وزعمت أن ليس فى الأرض أجمل منها، وما هذه منزلة القضاء «1» ولا يليق بك أن تنزل «2» نفسك فى هذه المنزلة» . فقال ارتجالا:
أنت بالشمس لا حقه
…
وهى بالأرض لاصقه
فمتى ما مدحتها
…
فهى من سير طالقه
فقالت له: «يا قاضى، طلقتها منه؟» قال: «نعم، ثلاثة وثلاثة وثلاثة» . فضحكت حتى افتضحت وقالت له: «والله، لا شم «3» لها قفا أبدا» . وكتبت إلى يوسف برده إلى القضاء، فرده.