الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر قتل الروافض
قال: وفى يوم السبت سادس عشر المحرم منها، ركب المعز فى القيروان والناس يسلمون عليه ويدعون له فمر بجماعة فسأل عنهم فقيل:«هؤلاء رفضة والذين قبلهم سنة «1» » . فقال: «وأى شىء الرّفضة والسنة؟» قالوا: «السنة يترضّون عن أبى بكر وعمر والرفضة يسبونهما» . فقال: «رضى الله عن أبى بكر وعمر» «2» .
فانصرفت العامة من فورها إلى الناحية المعروفة بدرب المقلى «3» من مدينة القيروان- وهو موضع يشتمل على جماعة منهم- فقتلوا منهم جماعة، ووقع القتل فيهم. وصادفت شهوة من العسكريين وأتباعهم طمعا فى النهب. وانبسطت أيدى العامة فيهم. فأقبل عامل القيروان يظهر أنه يسكّن الناس، وهو يحرضهم ويشير إليهم بزيادة الفتنة، لأنه كان قد أصلح البلد فبلغه أنه معزول، فأراد إفساده. فقتل من الرافضة خلق كثير فى ديارهم وحوانيتهم، وأحرقوهم بالنار. وانتهبت ديارهم وأموالهم. وزاد الأمر واتصل القتل فيهم فى جميع بلاد إفريقية. وقيل: إن القتل وقع فيهم فى جميع المغرب فى يوم واحد فى المدائن «4» والقرى، فلم يترك رجل ولا امرأة ولا طفل إلا قتل وأحرق بالنار. ونجا من بقى منهم بالمهدية إلى الجامع الذى بالحصن، فقتلوا فيه عن آخرهم.
ولما كان فى يوم الثلاثاء لاثنتى عشرة خلت من جمادى الأولى، خرج من بقى من المشارقة- وهم الرافضة «1» - إلى قصر المنصور بظاهر المنصورية، وهم زهاء ألف وخمسمائة، وتحصنوا به. فحاصرهم السنة فاشتد عليهم الحصار والجوع. فأقبلوا يخرجون والناس يقتلون منهم «2» ويحرقون إلى أن قتلوا عن آخرهم «3» ، وطهر الله تعالى المغرب منهم.
وعمل الشعراء فى هذه الواقعة القصائد. فممن عمل فيها أبو الحسن الكاتب المعروف بابن زيجى من قصيدة:
شفى الغيظ فى طىّ الضمير المكتّم
…
دماء كلاب حلّلت فى المحرّم «4»
فلا أرقأ الله الدموع التى جرت
…
أسى وجوى فيما أريق من الدم
هى المنّة العظمى التى جلّ قدرها
…
وسارت بها الرّكبان فى كل موسم
فيا سمرا أمسى علالة منجد
…
ويا خبرا أضحى فكاهة متهم «5»
وبانعمة بالقيروان تباشرت
…
بها عصب بين الحطيم وزمزم «1»
وأهدت إلى قبر النبىّ وصحبه
…
سلاما كعرف المسك عن كل مسلم
غزونا أعادى الدين لا رمح ينثنى
…
نبوا ولاحد الحسام المصمّم
بكل فتى شهم الفؤاد كأنما
…
تسربل يوم الروع جلدة شيهم
إذا أمّ لم يشدد عرا متخوّف
…
وإن همّ لم يحلل حبا متندّم
من القيروانيين فى المنصب الذى
…
نمى، وإلى خير الصحابة ينتمى
وأوسع الشعراء فى ذلك. وقالوا فيه قصائد «2» كثيرة تركناها اختصارا.
وأما كرامت بن المنصور فإنه أقام بمدينة آشير ومعه من تلكاتة وغيرهم من قبائل صنهاجة، فما شعر إلا وقد وافاه حماد فى ألف وخمسمائة. فبرز إليه كرامت فى سبعة آلاف. فلما نشبت الحرب بينهم عمد التلكاتيون إلى بيت ماله فانتهبوه، ورجعوا على أدراجهم «3» . فكانت الهزيمة على كرامت فدخل مدينة آشير