المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر ظهور زيد بن على بن الحسن ومقتله - نهاية الأرب في فنون الأدب - جـ ٢٤

[النويري، شهاب الدين]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الرابع والعشرون

- ‌مقدمة

- ‌[تتمة الفن الخامس في التاريخ]

- ‌[تتمة القسم الخامس من الفن الخامس في أخبار الملة الإسلامية]

- ‌الباب السادس من القسم الخامس من الفن الخامس فى أخبار أفريقية وبلاد المغرب

- ‌ذكر فتوح افريقية

- ‌ذكر ولاية معاوية بن حديج الكندى وفتح افريقية ثانيا

- ‌ذكر ولاية عقبة بن نافع الفهرى وفتح افريقية الفتح الثالث وبناء القيروان

- ‌ذكر بناء مدينة القيروان

- ‌ذكر ولاية مسلمة بن مخلد

- ‌ذكر ولاية عقبة بن نافع ثانية

- ‌ذكر خروج كسيلة وقتل عقبة بن نافع واستيلائه على القيروان

- ‌ذكر ولاية زهير بن قيس البلوى وقتل كسيلة البربرى

- ‌ذكر ولاية حسان بن النعمان الغسانى افريقية

- ‌ذكر فتح قرطاجنة وتخريبها

- ‌ذكر حروب حسان والكاهنة وتخريب افريقية وقتل الكاهنة

- ‌ذكر ولاية موسى بن نصير افريقية وما كان من حروبه وآثاره

- ‌ذكر فتح جزيرة الأندلس وشىء من أخبارها

- ‌ذكر غزو جزيرة سردانية

- ‌ذكر ولاية محمد بن يزيد مولى قريش ومقتل عبد العزيز بن موسى بن نصير

- ‌ذكر ولاية اسماعيل بن عبد الله ابن أبى المهاجر مولى بنى مخزوم

- ‌[عبيدة بن عبد الرحمان السلمى]

- ‌[عبيد الله بن الحبحاب مولى بنى سلول]

- ‌[حنظلة بن صفوان الكلبى]

- ‌ذكر أخبار عبد الرحمن بن حبيب وتغلبه على افريقية ورجوع حنظلة الى المشرق

- ‌ذكر مقتل عبد الرحمن بن حبيب وولاية أخيه الياس بن حبيب وقتله وولاية حبيب بن عبد الرحمن وقتله

- ‌ذكر تغلب ورفجومة على افريقية وما كان منهم ومن ولى بعدهم الى أن ولى محمد بن الأشعث

- ‌ذكر ولاية محمد بن الأشعث الخزاعى

- ‌ذكر ولاية الأغلب بن سالم ابن عقال بن خفاجة التميمى

- ‌ذكر ولاية يزيد بن حاتم بن قبيصة ابن المهلب بن أبى صفرة

- ‌ذكر ولاية داود بن يزيد بن حاتم

- ‌ذكر ولاية روح بن حاتم بن قبيصة ابن المهلب بن أبى صفرة

- ‌ذكر ولاية نصر بن حبيب المهلبى

- ‌ذكر ولاية الفضل بن روح

- ‌ذكر أخبار عبد الله بن الجارود

- ‌ذكر ولاية هرثمة بن أعين

- ‌ذكر ابتداء دولة بنى الأغلب

- ‌ذكر ولاية ابراهيم بن الأغلب بن سالم ابن عقال بن خفاجة التميمى

- ‌ذكر ولاية أبى العباس عبد الله ابن ابراهيم بن الأغلب

- ‌ذكر ولاية أبى محمد زيادة الله ابن ابراهيم بن الأغلب

- ‌ذكر ولاية أبى العباس محمد بن الأغلب ابن ابراهيم بن الأغلب

- ‌ذكر ولاية أبى ابراهيم أحمد بن محمد ابن الأغلب بن ابراهيم بن الأغلب

- ‌ذكر ولاية أبى عبد الله محمد بن أحمد بن محمد ابن الأغلب المكنى بأبى الغرانيق

- ‌ذكر ولاية أبى اسحاق ابراهيم بن أحمد بن محمد بن الأغلب

- ‌ذكر انتقال ابراهيم الى تونس

- ‌ذكر اعتزال ابراهيم الملك وزهده وغزوه ووفاته

- ‌ذكر ولاية أبى مضر زيادة الله بن أبى العباس

- ‌ذكر انهزام زيادة الله الى المشرق وانقراض دولة بنى الأغلب

- ‌ذكر ما كان من أخبار زيادة الله وقتله عبد الله ابن الصائغ ومسيره الى بلاد الشرق ووفاته

- ‌ذكر أخبار من ملك المغرب بعد بنى الأغلب الى أن قامت دولة بنى زيرى بن مناد

- ‌ذكر ابتداء دولة بنى زيرى بن مناد ونسبهم ومبدأ أمرهم ومن ملك منهم الى انقضاء دولتهم

- ‌ذكر أخبار زيرى بن مناد

- ‌ذكر بناء مدينة آشير

- ‌ذكر الحرب بين زيرى وزناتة

- ‌ذكر مقتل زيرى

- ‌ذكر أخبار أبى الفتوح يوسف بلكين ابن زيرى بن مناد

- ‌ذكر ولاية أبى الفتوح يوسف بلكين بلاد المغرب

- ‌ذكر ولاية عبد الله بن محمد الكاتب

- ‌ذكر اخبار خلف بن خير

- ‌ذكر وفاة أبى الفتوح يوسف

- ‌ذكر ولاية أبى الفتح المنصور ابن يوسف بلكين بن زيرى

- ‌ذكر مقتل عبد الله بن محمد وولده يوسف

- ‌ذكر أخبار أبى الفهم حسن بن نصرويه الخرسانى

- ‌ذكر وفاة المنصور أبى الفتح بن يوسف

- ‌ذكر ولاية حماد بن يوسف مدينة آشير

- ‌ذكر خروج محمد بن أبى العرب الى زنانة

- ‌ذكر خلاف حماد بن يوسف وأخيه ابراهيم على ابن أخيهما الأمير باديس

- ‌ذكر وفاة باديس

- ‌ذكر ولاية أبى تميم المعز بن أبى مناد باديس ابن المنصور بن يوسف بن زيرى

- ‌ذكر قتل الروافض

- ‌ذكر مسير المعز لحرب حماد

- ‌ذكر الصلح بين المعز وحماد عم أبيه

- ‌ذكر مقتل القائد محمد بن حسن

- ‌ذكر خروج العرب الى المغرب والسبب الموجب لذلك

- ‌ذكر وفاة لقائد بن حماد وولاية ابنه وقتله وولاية بلكين بن محمد

- ‌[بقية أخبار المعز بن باديس]

- ‌ذكر الحرب بين المعز والعرب وانتصار العرب عليه

- ‌ذكر انتقال المعز الى المهدية ومحاصرة العرب القيروان واستيلائهم عليها

- ‌ذكر وفاة المعز بن باديس

- ‌ذكر ولاية تميم بن المعز بن باديس ابن المنصور بن يوسف بن زيرى

- ‌ذكر خروج حمو عن طاعة الأمير تميم وحربه وانهزامه

- ‌ذكر الحرب بين بنى حماد والعرب وانتصار العرب عليهم

- ‌ذكر بناء مدينة بجاية والسبب فيه

- ‌ذكر استيلاء تميم على مدينة تونس

- ‌ذكر استيلاء مالك بن علوى الصخرى على القيروان وأخذها منه، وعودها الى تميم

- ‌ذكر ملك الروم مدينة زويلة وعودهم عنها

- ‌ذكر خلاف مثنى بن تميم على أبيه

- ‌ذكر ملك تميم مدينة قابس

- ‌ذكر وفاة تميم بن المعز

- ‌ذكر ولاية يحيى بن تميم بن المعز بن باديس ابن المنصور يوسف بن زيرى

- ‌ذكر وفاة يحيى بن تميم وشىء من أخباره

- ‌ذكر ولاية على بن يحيى بن تميم بن المعز ابن باديس بن المنصور بن يوسف بن زيرى

- ‌ذكر حصار رافع المهدية وانهزامه

- ‌ذكر ولاية الحسن بن على بن يحيى بن تميم بن المعز ابن باديس بن المنصور بن يوسف بن زيرى

- ‌ذكر استيلاء الفرنج على جزيرة جربة

- ‌ذكر ملك الفرنج مدينة طرابلس

- ‌ذكر استيلاء الفرنج على مدينة المهدية وسفاقس وسوسة

- ‌ذكر انقراض دولة بنى زيرى من افريقية وما اتفق للحسن بن على بعد خروجه من المهدية

- ‌ذكر ما اتفق للحسن بن على بعد خروجه من المهدية

- ‌ذكر ابتداء دولة الملثمين وأخبارهم ومن ملك منهم

- ‌ذكر ولاية أبى بكر بن عمر اللمتونى

- ‌ذكر مقتل الجوهر الجدالى

- ‌ذكر خروج الملثمين الى السوس أولا وثانيا ومقتل عبد الله بن ياسين

- ‌ذكر ولاية يوسف بن تاشفين

- ‌ذكر بناء مدينة مراكش

- ‌ذكر ما قيل فى سبب لثام المرابطين

- ‌نرجع الى أخبار يوسف بن تاشفين

- ‌ذكر استيلائه على مدينة أغرناطة من جزيرة الأندلس

- ‌ذكر ملك أمير المسلمين جزيرة الأندلس

- ‌ذكر حيلة لأمير المسلمين ظهرت ظهورا عجيبا

- ‌ذكر ولاية أمير المسلمين من قبل الخليفة أمير المؤمنين المستظهر بالله

- ‌ذكر ولاية على بن يوسف بن تاشفين

- ‌ذكر محاربة الفرنج خذلهم الله تعالى وانهزامهم

- ‌ذكر الفتنة بقرطبة

- ‌ذكر ولاية تاشفين بن على بن يوسف بن تاشفين

- ‌[اسحاق بن على]

- ‌ذكر ابتداء دولة الموحدين وأخبارهم وسبب ظهورهم

- ‌ذكر أخبار المهدى محمد بن تومرت

- ‌ذكر خبر أبى عبد الله الونشريسى

- ‌ذكر ترتيب أصحاب المهدى

- ‌ذكر حصار مراكش ووقعة البحيرة ومقتل أبى عبد الله الونشريسى

- ‌ذكر وفاة المهدى محمد بن تومرت

- ‌ذكر ولاية عبد المؤمن بن على

- ‌ذكر استيلاء عبد المؤمن على تلمسان وفاس ومكناسة وسلا وسبتة

- ‌ذكر ملك عبد المؤمن مراكش وقتله اسحاق بن على وانقراض دولة الملثمين

- ‌ذكر ظفره بدكالة

- ‌ذكر حصار الفرنج مدينة قرطبة ورجوعهم عنها

- ‌ذكر ملكه مدينة بجاية وملك بنى حماد وانقراض دولتهم

- ‌ذكر ظفره بصنهاجة وملكه قلعة حماد

- ‌ذكر الحرب بين عبد المؤمن والعرب وظفر عساكر عبد المؤمن بهم

- ‌ذكر البيعة لمحمد بن عبد المؤمن بولاية العهد بعد أبيه

- ‌ذكر استعمال عبد المؤمن أولاده على البلاد وأعماله

- ‌ذكر ملكه مدينة المرية من الفرنج وأغر ناطة من الملثمين

- ‌ذكر ملك عبد المؤمن مدينة المهدية من الفرنج وجميع بلاد افريقية

- ‌ذكر ايقاع عبد المؤمن بالعرب

- ‌ذكر وفاة عبد المؤمن بن على وشىء من أخباره

- ‌ذكر ولاية أبى يعقوب يوسف بن عبد المؤمن ابن على

- ‌ذكر غزوة الفرنج

- ‌ذكر ملك أبى يعقوب مدينة قفصة

- ‌ذكر وفاة أبى يعقوب يوسف

- ‌ذكر ولاية أبى يوسف يعقوب بن أبى يعقوب يوسف بن عبد المؤمن

- ‌ذكر أخبار الملثمين وما ملكوه من افريقية واستعادة ذلك منهم

- ‌ذكر ملك الفرنج مدينة شلب وعودها الى المسلمين

- ‌ذكر غزوة الفرنج بالأندلس والوقعة الكبرى والثانية وحصر طليطلة

- ‌ذكر ما فعله الملثم بافريقية

- ‌ذكر وفاة أبى يوسف يعقوب

- ‌ذكر ولاية أبى عبد الله محمد بن أبى يوسف يعقوب بن أبى يعقوب يوسف بن عبد المؤمن ابن على الملقب الناصر لدين الله

- ‌ذكر وفاة أبى عبد الله محمد وشىء من أخباره

- ‌ذكر ولاية يوسف بن محمد بن يعقوب ابن يوسف بن عبد المؤمن بن على

- ‌ذكر وفاة يوسف بن محمد

- ‌ذكر ولاية أبى محمد عبد العزيز بن يوسف ابن عبد المؤمن

- ‌جامع أخبار دولة الموحدين

- ‌ذكر تسمية ملوك بنى مرين

- ‌أول من غزا جزيرة صقلية فى الاسلام

- ‌ذكر ولاية محمد بن أبى الحوارى

- ‌ذكر فتح مدينة بلرم

- ‌ذكر وفاة محمد بن عبد الله بن الأغلب وولاية العباس بن الفضل بن يعقوب

- ‌ذكر فتح قصريانة وهى دار مملكة الروم بجزيرة صقلية

- ‌ذكر ولاية أبى سعيد موسى بن أحمد

- ‌ذكر ما فتح من بلاد قلورية

- ‌ذكر فتح قلعة طبرمين

- ‌ذكر وقعة الحفرة على رمطة

- ‌ذكر اخلاء طبرمين ورمطة

- ‌ذكر ولاية أبى القاسم نيابة عن أخيه أحمد واستقلاله

- ‌ذكر ولاية أبى الفتح يوسف الملقب بثقة الدولة

- ‌ذكر وثوب أهل صقلية بالأمير جعفر واخراجه

- ‌ذكر استيلاء الفرنج- خذلهم الله تعالى- على جزيرة صقلية

- ‌ذكر أخبار جزيرة أقريطش

- ‌ذكر تنصر أهل اقريطش

- ‌ذكر ما استولى عليه الفرنج- خذلهم الله تعالى- من البلاد الاسلامية بجزيرة الأندلس بعد أخذ طليطلة

- ‌الباب السابع من القسم الخامس من الفن الخامس فى أخبار من نهض فى طلب الخلافة من الطالبيين فى الدولة الأموية والدولة العباسية فقتل دونها

- ‌ذكر ظهور زيد بن على بن الحسن ومقتله

- ‌ذكر مسير يحيى بن زيد بن على الى خراسان ومقتله

- ‌ذكر ظهور عبد الله بن معاوية بن عبد الله ابن جعفر بن أبى طالب

- ‌ذكر غلبته على فارس وأخذها منه وقتله

- ‌مراجع التحقيق

- ‌فهرس موضوعات الجزء الرابع والعشرون

الفصل: ‌ذكر ظهور زيد بن على بن الحسن ومقتله

‌ذكر ظهور زيد بن على بن الحسن ومقتله

كان ظهور زيد ومقتله فى سنة اثنتين وعشرين ومائة. وذلك أنه لما أمر أصحابه بالاستعداد للخروج، أخذ من كان يريد الوفاء بالبيعة يتجهز. فانطلق سليمان بن سراقة البارقى إلى يوسف بن عمر فأخبره. فبعث يوسف فى طلب زيد فلم يوجد.

وخاف زيد أن يؤخذ فتعجل الخروج قبل الأجل الذى جعله بينه وبين أهل الكوفة، وعلى الكوفة يومئذ الحكم بن الصّلت، وعلى شرطته عمرو بن عبد الرحمن «1» من القارة، ومعه عبيد الله بن العباس الكندى فى ناس من أهل الشام، ويوسف بن عمر بالحيرة.

فلما رأى أصحاب زيد بن على أن يوسف بن عمر قد بلغه حاله وأنه يبحث عن أمره، اجتمع إليه جماعة من رؤوسهم فقالوا «رحمك الله، ما قولك فى أبى بكر وعمر؟» قال زيد: «رحمهما الله وغفر لهما. ما سمعت أحدا من أهل بيتى يقول فيهما إلا خيرا وإن أشد ما أقول فيما ذكرتم: أنا كنا أحق بسلطان رسول الله صلى الله عليه وسلم من الناس أجمعين، فدفعونا عنه. ولم يبلغ ذلك عندنا بهم كفرا. وقد ولوا فعدلوا فى الناس، وعملوا بالكتاب والسنة» قالوا: «فلم يظلمك هؤلاء إذا كان أولئك لم يظلموك فلم تدعو إلى قتالهم؟» فقال: «إن هؤلاء ليسوا كأولئك. هؤلاء ظالمون لى ولأنفسهم ولكم. وإنما ندعوهم إلى كتاب الله وسنة

ص: 401

نبيه صلى الله عليه وسلم، وإلى السنن أن تحيا، وإلى البدع أن تطفأ، فإن أجبتمونا سعدتم، وإن أبيتم فلست عليكم بوكيل» ففارقوه ونكثوا بيعته وقالوا:«سبق الإمام» ، يعنون محمد الباقر، وكان قد مات. وقالوا:«جعفر ابنه إمامنا اليوم بعد أبيه» فسماهم زيد الرافضة. وهم يزعمون أن المغيرة سماهم الرافضة حيث فارقوه. وكانت طائفة أتت جعفر بن محمد الصادق قبل خروج زيد فأخبروه ببيعة زيد. فقال: «بايعوه، فهو والله أفضلنا وسيدنا» فعادوا وكتموا ذلك.

وكان زيد قد واعد أصحابه أول ليلة من صفر سنة اثنتين وعشرين ومائة. فبلغ يوسف بن عمر، فبعث إلى الحكم يأمره أن يجمع أهل الكوفة فى المسجد الأعظم يحصرهم فيه، فجمعهم فيه. وطلبوا زيدا فى دار معاوية بن إسحاق بن زيد بن حارثة «1» الأنصارى، فخرج منها ليلا. ورفعوا النيران ونادوا:«يا منصور «2» » حتى طلع الفجر.

فلما أصبحوا بعث زيد القاسم الحضرمى وآخر من أصحابه يناديان بشعارهم. فلما كانوا بصحراء عبد القيس لقيهم جعفر بن العباس «3» الكندى. فحملوا عليه وعلى أصحابه، فقتل الذى كان

ص: 402

مع القاسم، وارتثّ «1» القاسم وأتى به الحكم فضرب عنقه. فكانا أول من قتل من أصحاب زيد.

فأغلق الحكم دروب السوق وأبواب المسجد على الناس.

وبعث إلى يوسف بالحيرة فأخبره الخبر. فأرسل جعفر بن العباس «2» ليأتيه بالخبر. فسار فى خمسين فارسا حتى بلغ جبانة سالم، فسأل ثم رجع إلى يوسف فأخبره. فسار يوسف إلى تل قريب من الحيرة، فنزل عليه ومعه أشراف الناس. فبعث الريان بن سليمة الإراشى «3» فى ألفين ومعه ثلاثمائة من القيقانية رجالة معهم النشّاب.

وأصبح زيد فكان جميع من وافاه تلك الليلة مائتى رجل وثمانية عشر رجلا. فقال زيد: «سبحان الله! أين الناس؟» فقيل:

«إنهم فى المسجد الأعظم محصورون» . فقال: «والله، ما هذا بعذر لمن بايعنا» وسمع نصر بن خزيمة العبسى النداء فأقبل إليه.

فلقى عمرو بن عبد الرحمن صاحب شرطة الحكم فى خيله من جهينة فى الطريق فحمل عليه نصر، فقتل عمرو وانهزم من كان معه.

وأقبل زيد على جبانة سالم حتى انتهى إلى جبانة الصائديين «4»

ص: 403

وبها خمسمائة من أهل الشام. فحمل عليهم زيد فيمن معه فهزمهم.

وانتهى زيد إلى دار أنس بن عمرو الأزدى، وكان فيمن بايعه، وهو فى الدار. فنودى فلم يجبهم. وناداه زيد فلم يخرج إليه. فقال زيد:«ما أخلّفكم! قد فعلتموها! الله حسيبكم!» ثم انتهى زيد إلى الكناسة فحمل على من بهامن أهل الشام فهزمهم. ثم سار زيد ويوسف ينظر إليه فى مائتى رجل، فلو قصده زيد لقتله، والريان يتبع آثار زيد بالكوفة فى أهل الشام. فأخذ زيد على مصلى خالد حتى دخل الكوفة. وسار بعض أصحابه نحو جبانة مخنف بن سليم فلقوا أهل الشام فقاتلوهم. فأسر أهل الشام منهم رجلا، فأمر به يوسف بن عمر فقتل.

فلما رأى زيد خذلان الناس إياه قال: «يا نصر بن خزيمة، أتخاف أن يكونوا فعلوها حسينية؟» قال: «أما أنا فو الله لأقاتلن معك حتى أموت، وإن الناس بالمسجد فامض بنا إليهم» . فلقيهم عبيد الله بن العباس الكندى عند دار عمر بن سعد» فاقتتلوا فانهزم عبيد الله وأصحابه. وجاء زيد حتى انتهى إلى باب المسجد. فجعل أصحابه يدخلون راياتهم من فوق الأبواب ويقولون: «يا أهل المسجد، اخرجوا من الذل إلى العز، اخرجوا إلى الدين والدنيا فإنكم لستم فى دين ولا دنيا» . فرماهم أهل الشام بالحجارة من فوق المسجد.

وانصرف الريان عند المساء إلى الحيرة. وانصرف زيد فيمن معه. وخرج إليه ناس من أهل الكوفة. فنزل دار الرزق. فأتاه

ص: 404

الريان بن سليمة فقاتله عن دار الرزق. وخرج أهل الشام مساء يوم الأربعاء أسوأ شئ ظنا.

فلما كان الغد أرسل يوسف بن عمر العباس بن سعد «1» المزنى فى أهل الشام، فانتهى إلى زيد فى دار الرزق. فلقيه زيد وعلى مجنبتيه نصر بن خزيمة ومعاوية بن إسحاق بن زيد بن حارثة، فقتتلوا قتالا شديدا. وحمل نائل بن فروة العبسى من أهل الشام على نصر بن خزيمة. فضربه بالسيف فقطع فخذه، وضربه نصر فقتله. ولم يلبث نصر أن مات. واشتد قتالهم فانهزم أصحاب العباس، وقتل منهم نحو من سبعين رجلا.

فلما كان العشى عبأهم يوسف بن عمر ثم سرحهم. فالتقوا هم وأصحاب زيد، فحمل عليهم فى أصحابه، فكشفهم. وتبعهم حتى أخرجهم إلى السبخة ثم حمل عليهم بالسبخة حتى أخرجهم إلى بنى سليم.

وجعلت خيلهم لا تثبت لخيله. فبعث العباس إلى يوسف يعلمه ذلك وقال له: «ابعث إلى الناشبة» . فبعثهم إليه، فجعلوا يرمون أصحاب زيد. فقاتل معاوية بن إسحاق الأنصارى بين يدى زيد قتالا شديدا فقتل. وثبت زيد ومن معه إلى الليل. فرمى زيد بسهم فأصاب جانب جبهته اليسرى فثبت فى دماغه. ورجع أصحابه.

ولا يظن أهل الشام أنهم رجعوا إلا للمساء والليل.

ونزل زيد فى دار من دور أرحب. وأحضر أصحابه طبيبا، فانتزع

ص: 405

النصل فضج زيد. فلما نزع مات زيد رحمه الله. فقال أصحابه:

«أين ندفنه؟» فقال بعضهم: «نطرحه فى الماء» . وقال بعضهم:

«بل نقطع رأسه ونلقيه فى القتلى» . فقال ابنه يحيى: «والله، لا يأكل لحم أبى الكلاب» . وقال بعضهم: «ندفنه فى الحفرة التى يؤخذ منها الطين ونجعل عليه الماء «1» » . ففعلوا. فلما دفنوه أجروا الماء عليه. وقيل: دفن بنهر يعقوب: سكر «2» أصحابه الماء.

ودفنوه وأجروا الماء. وكان معهم مولى لزيد سندى «3» ، وقيل:

رآهم قصار، فدل عليه. وتفرق الناس عنه.

وسار ابنه يحيى نحو كربلاء. فنزل نينوى «4» على سابق مولى بشر بن عبد الملك بن بشر. ثم إن يوسف بن عمر تتبع الجرحى فى الدور. فدله السندى مولى زيد يوم الجمعة على زيد. فاستخرج من قبره فقطع رأسه وسير إلى يوسف بن عمر، وهو بالحيرة، سيره إليه الحكم بن الصلت. فأمر يوسف أن يصلب، فصلب زيد بالكناسة، هو ونصر بن خزيمة ومعاوية بن إسحاق وزياد النهدى.

وأمر بحراستهم. وبعث الرأس إلى هشام بن عبد الملك، فصلب على باب مدينة دمشق. ثم أرسل إلى المدينة. وبقى البدن مصلوب إلى أن مات هشام وولى الوليد، فأمر بإنزاله وإحراقه.

وقيل: كان خراش «5» بن حوشب بن يزيد الشيبانى على

ص: 406

شرطة يوسف بن عمر «1» ، وهو الذى نبش زيدا «2» وصلبه.

فقال السيد الحميرى:

بت ليلى مسهّدا

ساهر العين مقصدا «3»

ولقد قلت قولة

وأطلت التّبلّدا:

لعن الله حوشبا

وخراشا ومزيدا

ويزيدا فإنه

كان أعتى وأعتدا «4»

ألف ألف وألف أل

ف من اللعن سرمدا

إنهم حاربوا الإل

هـ وآذوا محمدا

شركوا فى دم الحسين وزيد تعبّدا «5»

ثم عالوه فوق جذ

ع صريعا مجردّا

يا خراش بن حوشب

أنت أشقى الورى غدا

وأما يحيى بن زيد بن على فإنه قيل فيه غير ما قدمناه. وهو أنه لما قتل زيد قال له رجل من بنى أسد من أهل خراسان: «إن بخراسان لكم شيعة، والرأى أن تخرج إليها» . قال: «وكيف لى بذلك؟» قال: «تتواري حتى يسكن الطلب ثم تخرج» . فواراه عنده.

ص: 407