الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من بالجزيرة من البربر بعيالاتهم، فنفوا حتى لم يبق منهم أحد.
وأمر بقتل العبيد فقتلوا عن آخرهم. وجعل جميع جنده من أهل صقلية. فقل العسكر عنده. وأدى ذلك إلى وثوب أهل صقلية به وإخراجه.
ذكر وثوب أهل صقلية بالأمير جعفر واخراجه
قال المؤرخ: كان سبب ذلك أنه ولى عليهم كاتبه حسن بن محمد الباغائى «1» ، فصادر الناس وعاملهم بسوء. وأشار على جعفر أن يأخذ من صقلية الأعشار فى طعامهم وثمارهم على عادة البلاد. ولم يجر لهم بذلك عادة وإنما كانت العادة أن يؤخذ على الزوج البقر شىء معلوم ولو أصاب ما أصاب. ثم أظهر جعفر الاستخفاف بأهل صقلية، وشيوخ بلادها، واستطال عليهم.
فزحف إليه أهل البلد صغيرهم وكبيرهم. فحاصروه فى قصره وهدموا بعض أرباضه. وباتوا ليلة الاثنين لست خلون من المحرم سنة عشر وأربعمائة، وقد أشرفوا على أخذه. فخرج إليهم أبوه يوسف فى محفة، وكانوا له مكرمين. فلطف بالناس ووعدهم أنه لا يخرج عن رأيهم. فذكروا له ما أحدث ولده. فقال:«أنا أكفيكم أمره، وأعتقله وأولى عليكم من ترضونه» . فوقع اختيارهم على ولده أحمد الأكحل.
ذكر ولاية الأمير تأييد الدولة «1» أحمد الأكحل
كانت ولايته فى يوم الاثنين السادس من المحرم سنة عشر وأربعمائة. وتسلم أهل صقلية حسن الباغائى الكاتب، فقتلوه، وطافوا برأسه، وأحرقوه بالنار. وخاف يوسف على ابنه جعفر، فحمله فى مركب حربى «2» إلى مصر، وسار يوسف أيضا، ومعهما من الأموال ستمائة ألف وسبعون ألف دينار. وكان ليوسف ثلاثة عشر ألف حجر «3» سوى البغال وغيرها، فمات بمصر وليس له إلا دابة واحدة.
قال: ولما ولى الأكحل أخذ أمره بالحزم والاجتهاد. فسكن الناس وصلحت أحوالهم.
ثم وصل كتاب الحاكم ولقب الأكحل تأييد الدولة.
وجمع الأكحل المقاتلة، وبث سراياه فى بلاد الكفرة، وكانوا يحرقون ويغنمون ويخربون البلاد. فأطاعه جميع القلاع.
وكان للأكحل ابن اسمه جعفر، كان يستخلفه إذا سافر للغزاة فخالف سيرة أبيه فى العدل الإحسان. ثم جمع أهل صقلية وقال:
«إنى أحب إخراج أهل إفريقية عنكم، فإنهم قد شاركوكم فى بلادكم وأموالكم» . فقالوا: «كيف يكون ذلك، وقد صاهرناهم
واختلطنا بهم وصرنا شيئا واحدا؟» فصرفهم. ثم أرسل إلى الإفريقيين وقال لهم مثل ذلك فى حق أهل صقلية، فأجابوه إلى ما أراد. فجمعهم حوله فكان يحمى أملاكهم، ويأخذ الخراج من أملاك أهل صقلية.
فسار جماعة من أهل صقلية إلى المعز بن باديس، وأعلموه بما حل بهم. وقالوا:«نحب أن نكون فى طاعتك وإلا سلمنا الجزيرة إلى الروم» . وذلك فى سنة سبع وعشرين «1» وأربعمائة. فوجه المعز ولده عبد الله «2» إلى صقلية بعسكر عدته ثلاثة آلاف فارس ومثلهم رجالة «3» . فسار إلى الجزيرة ووقعت بينه وبين الأكحل حروب، وحصره فى قصره بالخالصة. ثم اختلف أهل صقلية وأراد بعضهم نصرة الأكحل. فقتله الذين أحضروا عبد الله بن المعز غدرا، وأتوا برأسه إلى عبد الله.
ثم رجع بعض الصقليين عن بعض، وندموا على إدخال عبد الله إلى الجزيرة، واجتمعوا على حربه، وقاتلوه فانهزم عسكر عبد الله وقتل منهم نحو ثلاثمائة «4» رجل. ورجعوا فى المراكب إلى إفريقية.
وولى أهل صقلية على أنفسهم الصمصام أخا الأكحل. واضطربت أحوال أهل الجزيرة، وانفردت كل طائفة بجهتها. فرجع أمر أهل المدينة إلى المشايخ الذين بها، وأخرجوا الصمصام. وانفرد القائد
عبد الله بن منكوت بمازر وطرابنش والشاقة»
ومرسى على «2» وما حولها من البوادى. وانفرد القائد على بن نعمة المعروف بابن الجواش «3» بقلعة قصر يانة ومدينة جرجنت وقصر نوبو «4» ومايلى ذلك. واختبطت الجزيرة. ثم ثار رجل يعرف بابن الثّمنة فاستولى على مدينة سرقوسة وما يليها. وخرج منها بعسكر إلى مدينة قطانية «5» فدخلها، وقتل ابن المكلاتى «6» وملكها.
وكان ابن المكلاتى مصاهرا للقائد على بن نعمة المعروف بابن الجواش بأخته ميمونة. فلما انقضت عدّتها، خطبها ابن الثمنة لأخيها، فزوجه بها، وكانت امرأة عاقلة. فجرى بينها وبينه فى بعض الأيام خصام أدى إلى أن أغلظ لها فى القول، فأجابته بمثله.
وكان سكران، فغضب وأمر بفصدها فى عضديها وتركها لتموت.
فسمع ولده إبراهيم فحضر وأحضر الأطباء، وعالجها إلى أن عادت قوتها. ولما أصبح أبوه ندم واعتذر إليها بالسكر، فأظهرت قبول عذره. ثم طلبت منه بعد مدة أن تزور أخاها، فأذن لها وسير معها التحف والهدايا. فلما وصلت إليه ذكرت له ما فعل بها، فحلف