المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر خروج محمد بن أبى العرب الى زنانة - نهاية الأرب في فنون الأدب - جـ ٢٤

[النويري، شهاب الدين]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الرابع والعشرون

- ‌مقدمة

- ‌[تتمة الفن الخامس في التاريخ]

- ‌[تتمة القسم الخامس من الفن الخامس في أخبار الملة الإسلامية]

- ‌الباب السادس من القسم الخامس من الفن الخامس فى أخبار أفريقية وبلاد المغرب

- ‌ذكر فتوح افريقية

- ‌ذكر ولاية معاوية بن حديج الكندى وفتح افريقية ثانيا

- ‌ذكر ولاية عقبة بن نافع الفهرى وفتح افريقية الفتح الثالث وبناء القيروان

- ‌ذكر بناء مدينة القيروان

- ‌ذكر ولاية مسلمة بن مخلد

- ‌ذكر ولاية عقبة بن نافع ثانية

- ‌ذكر خروج كسيلة وقتل عقبة بن نافع واستيلائه على القيروان

- ‌ذكر ولاية زهير بن قيس البلوى وقتل كسيلة البربرى

- ‌ذكر ولاية حسان بن النعمان الغسانى افريقية

- ‌ذكر فتح قرطاجنة وتخريبها

- ‌ذكر حروب حسان والكاهنة وتخريب افريقية وقتل الكاهنة

- ‌ذكر ولاية موسى بن نصير افريقية وما كان من حروبه وآثاره

- ‌ذكر فتح جزيرة الأندلس وشىء من أخبارها

- ‌ذكر غزو جزيرة سردانية

- ‌ذكر ولاية محمد بن يزيد مولى قريش ومقتل عبد العزيز بن موسى بن نصير

- ‌ذكر ولاية اسماعيل بن عبد الله ابن أبى المهاجر مولى بنى مخزوم

- ‌[عبيدة بن عبد الرحمان السلمى]

- ‌[عبيد الله بن الحبحاب مولى بنى سلول]

- ‌[حنظلة بن صفوان الكلبى]

- ‌ذكر أخبار عبد الرحمن بن حبيب وتغلبه على افريقية ورجوع حنظلة الى المشرق

- ‌ذكر مقتل عبد الرحمن بن حبيب وولاية أخيه الياس بن حبيب وقتله وولاية حبيب بن عبد الرحمن وقتله

- ‌ذكر تغلب ورفجومة على افريقية وما كان منهم ومن ولى بعدهم الى أن ولى محمد بن الأشعث

- ‌ذكر ولاية محمد بن الأشعث الخزاعى

- ‌ذكر ولاية الأغلب بن سالم ابن عقال بن خفاجة التميمى

- ‌ذكر ولاية يزيد بن حاتم بن قبيصة ابن المهلب بن أبى صفرة

- ‌ذكر ولاية داود بن يزيد بن حاتم

- ‌ذكر ولاية روح بن حاتم بن قبيصة ابن المهلب بن أبى صفرة

- ‌ذكر ولاية نصر بن حبيب المهلبى

- ‌ذكر ولاية الفضل بن روح

- ‌ذكر أخبار عبد الله بن الجارود

- ‌ذكر ولاية هرثمة بن أعين

- ‌ذكر ابتداء دولة بنى الأغلب

- ‌ذكر ولاية ابراهيم بن الأغلب بن سالم ابن عقال بن خفاجة التميمى

- ‌ذكر ولاية أبى العباس عبد الله ابن ابراهيم بن الأغلب

- ‌ذكر ولاية أبى محمد زيادة الله ابن ابراهيم بن الأغلب

- ‌ذكر ولاية أبى العباس محمد بن الأغلب ابن ابراهيم بن الأغلب

- ‌ذكر ولاية أبى ابراهيم أحمد بن محمد ابن الأغلب بن ابراهيم بن الأغلب

- ‌ذكر ولاية أبى عبد الله محمد بن أحمد بن محمد ابن الأغلب المكنى بأبى الغرانيق

- ‌ذكر ولاية أبى اسحاق ابراهيم بن أحمد بن محمد بن الأغلب

- ‌ذكر انتقال ابراهيم الى تونس

- ‌ذكر اعتزال ابراهيم الملك وزهده وغزوه ووفاته

- ‌ذكر ولاية أبى مضر زيادة الله بن أبى العباس

- ‌ذكر انهزام زيادة الله الى المشرق وانقراض دولة بنى الأغلب

- ‌ذكر ما كان من أخبار زيادة الله وقتله عبد الله ابن الصائغ ومسيره الى بلاد الشرق ووفاته

- ‌ذكر أخبار من ملك المغرب بعد بنى الأغلب الى أن قامت دولة بنى زيرى بن مناد

- ‌ذكر ابتداء دولة بنى زيرى بن مناد ونسبهم ومبدأ أمرهم ومن ملك منهم الى انقضاء دولتهم

- ‌ذكر أخبار زيرى بن مناد

- ‌ذكر بناء مدينة آشير

- ‌ذكر الحرب بين زيرى وزناتة

- ‌ذكر مقتل زيرى

- ‌ذكر أخبار أبى الفتوح يوسف بلكين ابن زيرى بن مناد

- ‌ذكر ولاية أبى الفتوح يوسف بلكين بلاد المغرب

- ‌ذكر ولاية عبد الله بن محمد الكاتب

- ‌ذكر اخبار خلف بن خير

- ‌ذكر وفاة أبى الفتوح يوسف

- ‌ذكر ولاية أبى الفتح المنصور ابن يوسف بلكين بن زيرى

- ‌ذكر مقتل عبد الله بن محمد وولده يوسف

- ‌ذكر أخبار أبى الفهم حسن بن نصرويه الخرسانى

- ‌ذكر وفاة المنصور أبى الفتح بن يوسف

- ‌ذكر ولاية حماد بن يوسف مدينة آشير

- ‌ذكر خروج محمد بن أبى العرب الى زنانة

- ‌ذكر خلاف حماد بن يوسف وأخيه ابراهيم على ابن أخيهما الأمير باديس

- ‌ذكر وفاة باديس

- ‌ذكر ولاية أبى تميم المعز بن أبى مناد باديس ابن المنصور بن يوسف بن زيرى

- ‌ذكر قتل الروافض

- ‌ذكر مسير المعز لحرب حماد

- ‌ذكر الصلح بين المعز وحماد عم أبيه

- ‌ذكر مقتل القائد محمد بن حسن

- ‌ذكر خروج العرب الى المغرب والسبب الموجب لذلك

- ‌ذكر وفاة لقائد بن حماد وولاية ابنه وقتله وولاية بلكين بن محمد

- ‌[بقية أخبار المعز بن باديس]

- ‌ذكر الحرب بين المعز والعرب وانتصار العرب عليه

- ‌ذكر انتقال المعز الى المهدية ومحاصرة العرب القيروان واستيلائهم عليها

- ‌ذكر وفاة المعز بن باديس

- ‌ذكر ولاية تميم بن المعز بن باديس ابن المنصور بن يوسف بن زيرى

- ‌ذكر خروج حمو عن طاعة الأمير تميم وحربه وانهزامه

- ‌ذكر الحرب بين بنى حماد والعرب وانتصار العرب عليهم

- ‌ذكر بناء مدينة بجاية والسبب فيه

- ‌ذكر استيلاء تميم على مدينة تونس

- ‌ذكر استيلاء مالك بن علوى الصخرى على القيروان وأخذها منه، وعودها الى تميم

- ‌ذكر ملك الروم مدينة زويلة وعودهم عنها

- ‌ذكر خلاف مثنى بن تميم على أبيه

- ‌ذكر ملك تميم مدينة قابس

- ‌ذكر وفاة تميم بن المعز

- ‌ذكر ولاية يحيى بن تميم بن المعز بن باديس ابن المنصور يوسف بن زيرى

- ‌ذكر وفاة يحيى بن تميم وشىء من أخباره

- ‌ذكر ولاية على بن يحيى بن تميم بن المعز ابن باديس بن المنصور بن يوسف بن زيرى

- ‌ذكر حصار رافع المهدية وانهزامه

- ‌ذكر ولاية الحسن بن على بن يحيى بن تميم بن المعز ابن باديس بن المنصور بن يوسف بن زيرى

- ‌ذكر استيلاء الفرنج على جزيرة جربة

- ‌ذكر ملك الفرنج مدينة طرابلس

- ‌ذكر استيلاء الفرنج على مدينة المهدية وسفاقس وسوسة

- ‌ذكر انقراض دولة بنى زيرى من افريقية وما اتفق للحسن بن على بعد خروجه من المهدية

- ‌ذكر ما اتفق للحسن بن على بعد خروجه من المهدية

- ‌ذكر ابتداء دولة الملثمين وأخبارهم ومن ملك منهم

- ‌ذكر ولاية أبى بكر بن عمر اللمتونى

- ‌ذكر مقتل الجوهر الجدالى

- ‌ذكر خروج الملثمين الى السوس أولا وثانيا ومقتل عبد الله بن ياسين

- ‌ذكر ولاية يوسف بن تاشفين

- ‌ذكر بناء مدينة مراكش

- ‌ذكر ما قيل فى سبب لثام المرابطين

- ‌نرجع الى أخبار يوسف بن تاشفين

- ‌ذكر استيلائه على مدينة أغرناطة من جزيرة الأندلس

- ‌ذكر ملك أمير المسلمين جزيرة الأندلس

- ‌ذكر حيلة لأمير المسلمين ظهرت ظهورا عجيبا

- ‌ذكر ولاية أمير المسلمين من قبل الخليفة أمير المؤمنين المستظهر بالله

- ‌ذكر ولاية على بن يوسف بن تاشفين

- ‌ذكر محاربة الفرنج خذلهم الله تعالى وانهزامهم

- ‌ذكر الفتنة بقرطبة

- ‌ذكر ولاية تاشفين بن على بن يوسف بن تاشفين

- ‌[اسحاق بن على]

- ‌ذكر ابتداء دولة الموحدين وأخبارهم وسبب ظهورهم

- ‌ذكر أخبار المهدى محمد بن تومرت

- ‌ذكر خبر أبى عبد الله الونشريسى

- ‌ذكر ترتيب أصحاب المهدى

- ‌ذكر حصار مراكش ووقعة البحيرة ومقتل أبى عبد الله الونشريسى

- ‌ذكر وفاة المهدى محمد بن تومرت

- ‌ذكر ولاية عبد المؤمن بن على

- ‌ذكر استيلاء عبد المؤمن على تلمسان وفاس ومكناسة وسلا وسبتة

- ‌ذكر ملك عبد المؤمن مراكش وقتله اسحاق بن على وانقراض دولة الملثمين

- ‌ذكر ظفره بدكالة

- ‌ذكر حصار الفرنج مدينة قرطبة ورجوعهم عنها

- ‌ذكر ملكه مدينة بجاية وملك بنى حماد وانقراض دولتهم

- ‌ذكر ظفره بصنهاجة وملكه قلعة حماد

- ‌ذكر الحرب بين عبد المؤمن والعرب وظفر عساكر عبد المؤمن بهم

- ‌ذكر البيعة لمحمد بن عبد المؤمن بولاية العهد بعد أبيه

- ‌ذكر استعمال عبد المؤمن أولاده على البلاد وأعماله

- ‌ذكر ملكه مدينة المرية من الفرنج وأغر ناطة من الملثمين

- ‌ذكر ملك عبد المؤمن مدينة المهدية من الفرنج وجميع بلاد افريقية

- ‌ذكر ايقاع عبد المؤمن بالعرب

- ‌ذكر وفاة عبد المؤمن بن على وشىء من أخباره

- ‌ذكر ولاية أبى يعقوب يوسف بن عبد المؤمن ابن على

- ‌ذكر غزوة الفرنج

- ‌ذكر ملك أبى يعقوب مدينة قفصة

- ‌ذكر وفاة أبى يعقوب يوسف

- ‌ذكر ولاية أبى يوسف يعقوب بن أبى يعقوب يوسف بن عبد المؤمن

- ‌ذكر أخبار الملثمين وما ملكوه من افريقية واستعادة ذلك منهم

- ‌ذكر ملك الفرنج مدينة شلب وعودها الى المسلمين

- ‌ذكر غزوة الفرنج بالأندلس والوقعة الكبرى والثانية وحصر طليطلة

- ‌ذكر ما فعله الملثم بافريقية

- ‌ذكر وفاة أبى يوسف يعقوب

- ‌ذكر ولاية أبى عبد الله محمد بن أبى يوسف يعقوب بن أبى يعقوب يوسف بن عبد المؤمن ابن على الملقب الناصر لدين الله

- ‌ذكر وفاة أبى عبد الله محمد وشىء من أخباره

- ‌ذكر ولاية يوسف بن محمد بن يعقوب ابن يوسف بن عبد المؤمن بن على

- ‌ذكر وفاة يوسف بن محمد

- ‌ذكر ولاية أبى محمد عبد العزيز بن يوسف ابن عبد المؤمن

- ‌جامع أخبار دولة الموحدين

- ‌ذكر تسمية ملوك بنى مرين

- ‌أول من غزا جزيرة صقلية فى الاسلام

- ‌ذكر ولاية محمد بن أبى الحوارى

- ‌ذكر فتح مدينة بلرم

- ‌ذكر وفاة محمد بن عبد الله بن الأغلب وولاية العباس بن الفضل بن يعقوب

- ‌ذكر فتح قصريانة وهى دار مملكة الروم بجزيرة صقلية

- ‌ذكر ولاية أبى سعيد موسى بن أحمد

- ‌ذكر ما فتح من بلاد قلورية

- ‌ذكر فتح قلعة طبرمين

- ‌ذكر وقعة الحفرة على رمطة

- ‌ذكر اخلاء طبرمين ورمطة

- ‌ذكر ولاية أبى القاسم نيابة عن أخيه أحمد واستقلاله

- ‌ذكر ولاية أبى الفتح يوسف الملقب بثقة الدولة

- ‌ذكر وثوب أهل صقلية بالأمير جعفر واخراجه

- ‌ذكر استيلاء الفرنج- خذلهم الله تعالى- على جزيرة صقلية

- ‌ذكر أخبار جزيرة أقريطش

- ‌ذكر تنصر أهل اقريطش

- ‌ذكر ما استولى عليه الفرنج- خذلهم الله تعالى- من البلاد الاسلامية بجزيرة الأندلس بعد أخذ طليطلة

- ‌الباب السابع من القسم الخامس من الفن الخامس فى أخبار من نهض فى طلب الخلافة من الطالبيين فى الدولة الأموية والدولة العباسية فقتل دونها

- ‌ذكر ظهور زيد بن على بن الحسن ومقتله

- ‌ذكر مسير يحيى بن زيد بن على الى خراسان ومقتله

- ‌ذكر ظهور عبد الله بن معاوية بن عبد الله ابن جعفر بن أبى طالب

- ‌ذكر غلبته على فارس وأخذها منه وقتله

- ‌مراجع التحقيق

- ‌فهرس موضوعات الجزء الرابع والعشرون

الفصل: ‌ذكر خروج محمد بن أبى العرب الى زنانة

وثمانين وثلاثمائة، وصل من مصر الشريف الداعى على بن عبد الله العلوى المعروف بالتّيهرتى «1» . وكان أبو مناد بعث فى حشد عساكره وأجناده، فلم يبق بإفريقية وأعمالها فارس ولا راجل إلا وصل إلى المنصورية. فنزل أبو مناد بهم إليه فى هذا اليوم، فكانوا صفوفا من باب قصر السلطان بالمنصورية إلى باب قلشانة. فرأى الداعى من العساكر والعدد ما لم ير مثله. وأتى بسجلين قرئا على منبر المنصورية والقيروان: أحدهما بولاية أبى مناد باديس، وتلقيبه نصير الدولة؛ والثانى بوفاة نزار، وولاية ابنه الحاكم، والجواب عن وفاة المنصور والعزاء عن نزار وعن المنصور. وكان معه سجل ثالث بأخذ البيعة على باديس وجماعة بنى مناد للحاكم. فأنزل الشريف بدار الأمير يوسف بجوار قصر السلطان. ثم جلس باديس بعد ذلك وأحضر الشريف. ودعا بنى مناد وسائر قبائل صنهاجة وأخذ عليهم البيعة.

ثم كان الشريف يجلس فى الدار التى نزل فيها، ويأخذ البيعة على كل من أتاه من الصنهاجيين وغيرهم. ثم وصله أبو مناد بمال جليل وتخوت ثياب وبراذين بسروج محلاة، وصرفه إلى مصر. ثم جهز هدية بعده.

‌ذكر خروج محمد بن أبى العرب الى زنانة

قال: وفى سنة تسع وثمانين وثلاثمائة، وصل كتاب يطّوفت بن يوسف بن زيرى إلى ابن أخيه أبى مناد يعرفه أن زيرى بن عطية الزناتى

ص: 186

قد نزل عليه بتيهرت، وسأله أن يمده بالعساكر. فأمر باديس محمد ابن أبى العرب بالخروج فنهض بالعساكر الثقيلة حتى بلغ آشير فأقام بها أياما يسيرة. ثم رحل ورحل معه حماد بن يوسف عاملها بعساكر عظيمة حتى وصلا إلى تيهرت. فاجتمعا بيطوفت فى غرة «1» جمادى الأولى من السنة. وكان زيرى بن عطية بموضع يقال له أمسان «2» على مرحلتين من تيهرت فزحفوا إليه واقتتلوا قتالا شديدا. وكان معظم جيش حماد التّلكّاتيين «3» ، وقد أساء عشرتهم، وكلف بأمورهم غلامه خلفا الجيزى «4» فسامهم الخسف. فلما حمى الوطيس واشتد البأس ولوا منهزمين، واتبعهم الناس. فكانت الهزيمة على الجميع.

ورام محمد رد الناس فلم يقدر على ذلك. ووصلوا إلى آشير، وقد أسلموا عساكرهم وما فيها من بيوت الأموال وخزائن السلاح والمضارب وغير ذلك فاحتوى زيرى على جميع ذلك وأمر ألا يتّبعوا. ووقف على باب تيهرت، فخرج إليه أهلها. فوعدهم الجميل وأطلق خلقا كثيرا ممن أسر فى المعركة أو لجأ إلى تيهرت، فمضوا حتى وصلوا إلى آشير.

وكانت هذه الهزيمة يوم السبت لأربع خلون من جمادى الأولى منها.

قال: وبلغ خبر الهزيمة الأمير باديس، فبرز بنفسه من رقادة للقاء زيرى بن عطية، وذلك لليلتين خلتا من جمادى الآخرة. فلما

ص: 187

وصل إلى قرب طبنة بعث فى طلب فلفل بن سعيد بن خزرون. فخاف وأرسل يعتذر. وسأل أن يكتب له سجل بولاية طبنة إلى أن يقدم باديس. فكتب له سجلا بولايتها وبعث به إليه. وتمادى أبو مناد فى مسيره. فلما علم فلفل أنه أبعد عنه أتى إلى طبنة فأكل ما حولها ونهب وأفسد. ومضى إلى تيجس «1» وما والاها فنهبها. وتمادى إلى باغاية فحصرها أياما ثم رحل عنها، وباديس فى هذا مستمر السير «2» إلى آشير. فلما بلغ المسيلة «3» ، رحل زيرى بن عطية عن آشير إلى تيهرت. فرحل إليها باديس. فلما بلغها توغل زيرى هاربا منه إلى داخل المغرب.

فعند ذلك ولى أبو مناد على تيهرت وآشير عمه يطوفت.

فاستخلف يطوفت على تيهرت ابنه أيوبا وتركه فى أربعة آلاف فارس.

ثم رجع باديس إلى آشير وعمه يطوفت معه. فبلغه ما فعل فلفل ابن سعيد. فأرسل إليه أبا زعبل وجعفر بن حبيب ومحمد بن حسن فى عسكر.

ثم رحل بعدهم من آشير، وبقى يطوفت ومعه أولاد زيرى وقد سألوا باديس أن يتركهم أعوانا ليطوفت. فأبى ذلك وقال:«لا بد من رحيلكم معى» . فقالوا: «لنا أمور نقضيها ونلحق بك» . فتركهم على هذا ورحل ومعه أبو البهار بن زيرى حتى وصل إلى المسيلة، فعيّد

ص: 188

بها عيد الفطر. فبينا هو فى صلاة العيد، إذ وصل إلى أبى البهار رسول أخبره أن إخوته ماكسن وزاوى ومغنين وعرما «1» نافقوا بآشير، وقبضوا على يطوفت، وأنه أفلت منهم بحيلة بعد أن عزموا على قتله. فخاف أبو البهار أن يصل يطوفت إلى باديس فيتهمه بمباطنة إخوته، فهرب لوقته. وطلب فلم يدرك. فلقى يطوفت فى طريقه فعرّفه ما كان من إخوته، فحلف أنه لم يعاقدهم على ذلك، وأنه إنما هرب خوفا على نفسه. وفارقه والتحق بإخوته. وسار يطوفت حتى لحق بابن أخيه الأمير باديس وهو بالمسيلة. فرحل إلى إفريقية، فاتصل به أن فلفل بن سعيد قتل أبا زعبل، وهزم أصحابه، وأسر حميد بن أبى زعبل فمثّل به ثم قتله، وأن فلفلا تمادى إلى القيروان.

فرحل باديس إلى باغاية فوصل إليها لإحدى عشرة بقيت من شوال. فأقام بها بقية الشهر. ورحل فى غرة ذى القعدة حتى وصل إلى مرمجنة.

فلما صار إلى بنى سعيد، زحف إليه فلفل فى يوم الخميس لست خلون من ذى القعدة. فلم يلقه باديس ولم يلتفت إليه. فلما كان يوم الاثنين، زحف فلفل إليه. فالتقيا بوادى اغلان «2» ، فكانت بينهم من الحروب العظيمة ما لم يسمع بمثلها. وقد كان اجتمع لفلفل من قبائل البربر ما لا يحصى كثرة، وكذلك من زناتة، وكلهم أصحاب خسائف. فثبتت صنهاجة بين يدى باديس. وظهر منه فى ذلك اليوم ما قرت به أعينهم. ثم أجلت الحرب عن هزيمة زناتة والبربر هزيمة

ص: 189

فاحشة. وهرب فلفل واتبعته صنهاجة والعبيد حتى حال بينهم الليل.

ورحل باديس من الغد فنزل فى مناخ فلفل. وقتل من زناتة فى ذلك اليوم تسعة آلاف رجل سوى من قتل من البربر. ثم رحل باديس فوصل إلى المنصورية فى يوم الأربعاء لعشر بقين من ذى القعدة.

ثم وصل الخبر أن فلفل بن سعيد وأولاد زيرى بن مناد عمومة والدباديس تصالحوا وتعاقدوا على قتال باديس. فلما تحقق ذلك خرج إلى رقادة سنة تسعين وثلاثمائة. ورحل حتى انتهى إلى قصر الإفريقى. فبلغه أن أولاد زيرى رجعوا إلى المغرب خوفا منه، وأنه ما بقى مع فلفل منهم سوى ما كسن وولده محسن فرجع باديس الى المنصورية.

وفى سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة «1» ، دخل باديس إلى المغرب فى طلب فلفل بن سعيد. فهرب منه إلى الرمال وافترق جمعه. فرجع باديس إلى إفريقية ومعه أبو البهار بن زيرى عم أبيه، وكان قبل ذلك قد أتاه معتذرا بأنه لم يدخل فى شىء مما دخل فيه إخوته. فقبل عذره وطيب قلبه. وأما فلفل بن سعيد فإنه سار إلى طرابلس، فقبله أهلها أهلها أحسن قبول، فاستوطن بها.

وفى سنة اثنتين وتسعين «2» ، وصل رسول ابن يوسف «3» إلى ابن أخيه باديس، يذكر أنه زحف إليه عمه ماكسن وأولاده

ص: 190

ومن معهم. فكانت بينهم وقعة شديدة فقتل فيها ماكسن وأولاده محسن وباديس وحباسة.

ثم توفى زيرى بن عطية الزناتى بعد ذلك بتسعة أيام.

وفى سنة خمسة وتسعين، اشتد الغلاء بإفريقية وأعقبه وباء عظيم. وكان يدفن فى اليوم الألف والأكثر والأقل «1» .

وفى سنة أربعمائة مات فلفل بن سعيد الزناتى من علة أصابته.

وولى أخوه ورّو، فأطاعته زنانة. ثم سار باديس فى عساكر عظيمة لقتال زناتة. فلقيه فى بعض الطريق عبد الله وسواشى «2» أولاد ينال التركى وأصحابهما. فعرفوه أنهم لما علموا بخروجه أغلقوا أبواب طرابلس ومنعوا الزناتيين منها. فسر بذلك ووصلهم وأحسن إليهم. وسار إلى طرابلس فتلقاه أهلها فدخلها. ثم جاءته رسل ورو ابن سعيد ومن معه من الزناتيين، يرغبون فى الأمان، ويسألون أن يجعلوا عمالا كسائر رجال الدولة. ووصل جماعة منهم «3» ، فأحسن إليهم، وأعطاهم نفزاوة على أنهم يرحلون عن أعمال طرابلس.

وأعطى النّعيم «4» قصطيلية. ورجع إلى المنصورية.

ثم تغير ورو ومن معه وخلعوا الطاعة فى سنة إحدى وأربعمائة، ورحلوا عن نفزاوة. ولم يتغير النعيم. فأضاف باديس نفزاوة إلى النعيم.

وفى سنة خمس وأربعمائة، وصلت رسل الحاكم بأمر الله إلى

ص: 191