الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر ملك أمير المسلمين جزيرة الأندلس
وفى سنة أربع وثمانين وأربعمائة، ملك من جزيرة الأندلس ما كان بقى بيد المسلمين بها، وهى قرطبة وإشبيلية والمرية وبطليوس.
وذلك أنه سار فى هذه السنة من مراكش إلى سبتة. وأدخل العساكر مع سير بن أبى بكر إلى الأندلس وحشد خلقا كثيرا، وأمره بمحاصرة إشبيلية. فحاصرها وفتحها فى يوم الأحد لتسع بقين من شهر رجب من هذه السنة. وأسر المعتمد بن عباد ونقله إلى أغمات فحبسه بها حتى مات، على ما قدمناه مبينا فى أخبار ابن عباد «1» .
قال: ثم خرج سير من إشبيلية إلى مدينة المرية فنزل عليها.
وكان واليها محمد بن معن بن «2» صمادح فقال لولده: «مادام المعتمد بن عباد بإشبيلية فلسنا نساءل عنه» . فأتاه الخبر بفتح إشبيلية وأسر ابن عباد فمات غما. فخرج ولده بإخوته وأهله فى مركب حربى شحنه بأمواله. وأقلع إلى الجزائر والتحق ببنى حماد، فأحسنوا إليه وأسكنوه مدينة تدلّس.
قال: وكان أبو محمد عمر بن محمد بن عبد الله بن مسلمة «3» المعروف بابن الأفطس صاحب بطليوس ممن أعان المعتمد، فلما سمع بإشبيلية رجع إلى بلده «4» . فسار إليه سير بن أبى بكر فحاربه
وغلبه. وأتى به وبولده»
الفضل أسيرين، فأمر سير بضرب أعناقهما. فقال:«قدّموا ولدى قبلى للقتل ليكون فى صحيفتى» .
فقتل قبله ثم قتل هو بعده.
قال: ولم يترك سير من ممالك الأندلس وملوكهم سوى بنى هود.
فإنه لم يقصد بلادهم وهى شرقى الأندلس. وصاحبها يومئذ المستعين بالله [بن]«2» هود، وهو من الشجعان الذين يضرب بهم المثل.
وكان قد حصّل عنده من آلات الحصار والأقوات ما يكفيه عدة سنين بمدينة روطة، وكانت قلعة حصينة. وكان يهادن أمير المسلمين قبل ملكه الأندلس ويكثر مراسلته. فرعى له ذلك حتى أنه أوصى ابنه على ابن يوسف عند موته بترك التعرض إلى بلاد [بنى] هود. وقال «اتركهم بينك وبين العدو فإنهم شجعان» .
قال: وتتابعت الفتوح على أمير المسلمين حتى احتوى على جميع بلاد الأندلس التى كانت للمسلمين وما والاها من البلاد فى البر الكبير، من جميع بلاد السوس والجبال والصحراء. وفتح فى بلاد الفرنج فتوحا كثيرا.