الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ودخل العسكر إلى مدينة تونس فانتهبوا الأموال واستباحوا الحرم وسبوهم. وبعثوا إلى إبراهيم بألف ومائتى أسير، وهم أكابر القوم ورؤساؤهم. وذلك فى شهر رمضان من السنة «1» . ووصل الخبر إلى إبراهيم فى وقته على جناح طائر. فبعث إلى قائده ألا يقطع رأس قتيل. ووجه العجل فحملت القتلى وشق بها سماط القيروان.
ذكر انتقال ابراهيم الى تونس
وفى سنة إحدى وثمانين ومائتين، أمر إبراهيم أن تبنى له بتونس قصوره ومساكنه، فبنيت. ثم انتقل إليها يوم الأربعاء لستّ بقين من جمادى الأولى «2» . وانتقل أهل بيته وجميع قواده ومواليه.
وفى سنة ثلاث وثمانين ومائتين، تحرك إبراهيم يريد محاربة ابن طولون بمصر. وحشد وخرج من تونس لعشر خلون من المحرم. فأقام برقادة إلى سبع بقين من صفر. ثم خرج بعساكره، فاعترضه أهل نفوسة بجمع عظيم فى النصف من شهر ربيع الأول. فكان بينهم قتال عظيم، فقتل «3» ميمون الخادم وجماعة ممن معه. ثم انهزم أهل نفوسة، وتبعهم إبراهيم فقتلهم قتلا ذريعا. وتطارح منهم خلق كثير فى البحر فقتلوا حتى احمر لون الماء من دمائهم. فقال إبراهيم «لو كان هذا القتل لله لكان إسرافا» . فقال له بعض رجاله:
«ليدع الأمير بعض من أحب من مشايخهم ويسأله عن اعتقاده.
فإذا سأله علم أن ذلك لله» . فأحضر بعضهم، فقال:«ما تقولون فى على بن أبى طالب؟» فقال: «نقول: إنه كان كافرا «1» ، فى النار من لم يكفره» . فقال إبراهيم:«فجميعكم على هذا الرأى؟» قالوا: «نعم.» قال: «الآن طابت نفسى على قتلكم» . وجلس على كرسى وبيده حربة. فكان يقدّم إليه الرجل منهم فيقد أضلاعه من تحت منكبيه ثم يطعنه فيصيب قلبه حتى قتل منهم خمسمائة رجل بيده فى وقت واحد.
ثم تمادى إبراهيم بعد فراغه من أهل نفوسة إلى طرابلس. وكان محمد بن زيادة الله عامله عليها، وكان إبراهيم كثير الحسد له من صغره على علمه وأدبه. فقتله إبراهيم وصلبه.
ثم سار من طرابلس حتى بلغ عين تاورغا «2» . فرجع كثير ممن معه «3» إلى إفريقية، ولم يبق معه إلا أقل من النصف. فلما رأى ذلك انصرف إلى رقادة ثم إلى تونس.
وفى سنة أربع وثمانين «4» ، جهز إبراهيم ابنه أبا العباس إلى صقلية لقتال أهلها. فسار إليها فى جمادى الآخرة. فقاتله أهلها قتالا شديدا ثم انهزموا. ودخل المدينة بالسيف فقتل خلقا عظيما.
ثم عفا عن الناس وأمنهم. ثم ركب حتى جاز المجاز، وأوقع بالروم فقتل المقاتلة وسبى الذرية. ورجع إلى صقلية وقد أثخن فى الروم.