الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر غلبته على فارس وأخذها منه وقتله
كانت غلبة عبد الله بن معاوية على فارس فى سنة تسع وعشرين «1» ومائة. وذلك أنه لما غلب على ما ذكرناه أقام بأصبهان. وكان محارب «2» بن موسى مولى بنى يشكر عظيم القدر بفارس. فجاء إلى دار الإمارة باصطخر، فطرد عامل ابن عمر عنها. وبايع الناس لعبد الله بن معاوية. وخرج محارب إلى كرمان فأغار عليها. وانضم إلى محارب قواد «3» من أهل الشام. فسار إلى سليم «4» بن المسبب، وهو عامل ابن عمر بشيراز، فقتله فى سنة ثمان وعشرين ومائة، ثم خرج محارب إلى أصبهان إلى عبد الله بن معاوية، فحوله إلى اصطخر.
فاستعمل عبد الله أخاه الحسن على الجبال. وأقبل معه إلى اصطخر، فأقام بها. وأتاه الناس: بنو هاشم وغيرهم، وجبى المال، وبعث العمال. وكان معه منصور بن جمهور وسليمان بن هشام بن عبد الملك. وأتاه شيبان بن عبد العزيز الحرورى الخارجى، وكان قد خرج فى جموع كثيرة، كما ذكرنا فى أخباره فلم يتفق بينهما أمر «5» . وأتاه أبو جعفر المنصور وعبد الله وعيسى
ابن على «1» .
فلما قدم ابن هبيرة على العراق أرسل نباتة بن حنظلة الكلابى إلى عبد الله بن معاوية. وبلغ سليمان بن حبيب أن ابن هبيرة استعمل نباتة على الأهواز، فسرح داود بن حاتم بكربج دينار «2» ليمنع نباتة من الأهواز. فقاتلة فقتل داود. وهرب سليمان من الأهواز إلى نيسابور «3» وفيها الأكراد وقد غلبوا عليها. فقاتلهم سليمان فطردهم عن نيسابور وكتب إلى ابن معاوية بالبيعة.
ثم إن محارب بن موسى اليشكرى نافر ابن معاوية وفارقه.
وجمع جمعا وأتى نيسابور. فقاتله يزيد بن معاوية، فانهزم محارب. وأتى كرمان، فأقام بها حتى قدم محمد بن الأشعث فصار معه. ثم نافره فقتله ابن الأشعث وأربعة وعشرين ابناله.
ولم يزل عبد الله بن معاوية باصطخر حتى أتاه داود بن ضبارة مع داود بن يزيد بن عمر بن هبيرة. وسير ابن هبيرة أيضا معن ابن زائدة من وجه آخر. فقاتلهم معن عند مرو الشاذان، ومعن يقول:
ليس أمير القوم بالخبّ الخدع
…
فر من الموت وفى الموت وقع
وانهزم ابن معاوية فكف معن عنهم. وقتل فى المعركة رجل من آل
أبى لهب، وكان يقال: يقتل «1» رجل من بنى هاشم بمرو الشاذان. وأسروا أسرى كثيرة، وقتل ابن ضبارة منهم عدة كثيرة.
وهرب منصور بن جمهور إلى السند، وعبد الرحمن بن يزيد إلى عمان، وعمرو بن سهيل «2» بن عبد العزيز بن مروان إلى مصر.
وبعث «3» ببقية الأسرى»
إلى ابن هبيرة فأطلقهم.
ومضى ابن معاوية إلى خراسان «5» . فسار معن بن زائدة يطلب منصور بن جمهور فلم يدركه، فرجع. وكان مع ابن معاوية من الخوارج وغيرهم خلق كثير، فأسر منهم أربعون ألفا «6» ، وكان ممن أسر عبد الله بن على بن عبد الله بن عباس فسبّه «7» ابن ضبارة وقال:«ما جاء بك إلى ابن معاوية وقد عرفت خلافة أمير المؤمنين» فقال: «كان علىّ دين فأتيته «8» » فشفع «9» فيه حرب بن قطن الهلالى «10» وقال: «هو ابن أختنا» فوهبه له. فعاب عبد الله بن على عبد الله بن معاوية ورمى أصحابه باللواط. فسيّره ابن ضبارة إلى ابن هبيرة ليخبره أخبار ابن معاوية.
وسار فى طلب عبد الله بن معاوية إلى شيراز فحصره بها. فخرج عبد الله منها هاربا ومعه أخواه الحسن ويزيد ابنا معاوية وجماعة من أصحابه. وسلك «1» المفازة على كرمان. وقصد خراسان طمعا فى أبى مسلم لأنه يدعو إلى الرّضا من آل محمد، وقد استولى على خراسان. فوصل إلى نواحى هراة وعليها أبو نصر مالك بن الهيثم الخزاعى. فأرسل إلى ابن معاوية يسأله عن قدومه، فقال:
«بلغنى أنكم تدعون إلى الرضا من آل محمد» فأرسل إليه مالك:
«انتسب نعرفك» . فانتسب له فقال: «أما عبد الله وجعفر فمن أسماء آل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما معاوية فلا نعرفه فى أسمائهم» . فقال: «إن جدى كان عند معاوية بن أبى سفيان لما ولد له أبى، فطلب إليه أن يسمى ابنه باسمه، ففعل، فأرسل إليه معاوية بمائة ألف درهم» . فأرسل إليه مالك: «لقد اشتريتم الاسم الخبيث بالثمن اليسير، ولا نرى لك حقا فيما تدعو إليه» «2» ثم أرسل إلى أبى مسلم يعرفه خبره. فأمره بالقبض عليه وعلى من معه، فقبض عليهم وحبسوا. ثم ورد عليه كتاب أبى مسلم يأمره بإطلاق الحسن ويزيد ابنى معاوية وقتل عبد الله بن معاوية.
فأمر من وضع فراشا على وجهه. فمات وأخرج فصلى عليه ودفن.
وكان عبد الله بن معاوية شاعرا مجيدا. فمن قوله:
ولا تركبّن الصّنيع الذى
…
تلوم أخاك على مثله «3»
ولا يعجبنّك قول امرئ
…
يخالف ما قال فى فعله
فهؤلاء الذين ظهروا من الطالبيين فى الدولة الأموية وقتلوا. ثم ظهر فى الدولة العباسية من نذكرهم إن شاء الله تعالى، والله أعلم بالصواب. وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما.