الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أسلم سلم، ومن طلب المضى إلى بلاد النصارى أذن له فى ذلك، ومن أبى قتل. فجميع أهل مملكته مسلمون لا يخالطهم سواهم.
ولا لهو ولا هزل تحت أمره بل تلاوة كتاب الله العزيز، ومدارسة الأحاديث الصحيحة النبوية، والاشتغال بالعلوم الشرعية، وإقام الصلوات. فهذا كان دأب أصحابه.
وكان لعبد المؤمن من الأولاد الذكور ستة عشر «1» ، وهم محمد وهو ولى عهده، وعلى، وعمر، ويوسف، وعثمان، وسليمان، ويحيى، وإسماعيل، والحسن، والحسين، وعبد الله، وعبد الرحمن، وموسى، وإبراهيم، ويعقوب «2» .
ذكر ولاية أبى يعقوب يوسف بن عبد المؤمن ابن على
كانت ولايته بعد وفاة أبيه. وذلك أن عبد المؤمن لما حضرته الوفاة جمع أشياخ الموحدين وقال لهم: «قد جربت ابنى محمدا فلم أجد فيه نجابة تصلح للأمر، ولا يستحق الولاية ولا يصلح لها إلا ابنى يوسف، وهو أولى بها، فقدّموه لها» . ووصاهم به فبايعوه وعقدوا له الولاية. وخوطب بأمير المؤمنين.
ثم مات عبد المؤمن فكتموا مونه وحمل فى محفة من سلا بصورة أنه مريض إلى أن وصل إلى مراكش. وكان ابنه أبو حفص حاجبا
لأبيه فبقى مع أخيه على مثل حاله مع أبيه يخرج إلى الناس فيقول «1» أمر أمير المؤمنين بكذا وكذا، ويوسف يقعد مقعد أبيه إلى أن كملت المبايعة له فى جميع البلاد. فأظهر موت أبيه بعد انقضاء أشهر «2» من وفاته. واستقامت الأمور لأبى يعقوب وانقاد الناس لأمره «3» .
ذكر عصيان غمارة مع مفتاح بن عمرو «4» وقتالهم وقتل مفتاح
قال. ولما تحقق الناس موت عبد المؤمن، ثارت قبائل غمارة فى سنة تسع وخمسين وخمسمائة مع مفتاح بن عمرو؛ وكان مقدما كبيرا فيهم، فاتبعوه بأجمعهم، وامتنعوا فى جبالهم، وهى معاقل مانعة، وهم أمم جمة. فتجهز إليهم أبو يعقوب ومعه أخواه عمر «5» وعثمان فى جيش كثيف من الموحدين والعرب. وتقدموا إليهم والتقوا واقتتلوا فى سنة إحدى وستين. فانهزمت غمارة،
وقتل مفتاح وجماعة من أعيانهم ومقدميهم وخلق كثير منهم. وملكوا بلادهم عنوة. وكانت قبائل كثيرة يريدون الفتنة، وهم ينظرون ما يكون من غمارة، فلما قتلوا انقادت تلك القبائل إلى الطاعة، ولم يبق متحرك لفتنة، وسكنت الدهماء فى جميع المغرب «1» .
وفى سنة خمس وستين وخمسمائة، وجه أبو يعقوب أخاه عمر ابن عبد المؤمن إلى الأندلس بالعساكر لقتال محمد بن «2» سعد ابن مردنيش. وكان قد ملك شرق الأندلس، واتفق مع الفرنج، وامتنع على عبد المؤمن ثم على ابنه، وتمادى فى عصيانه، واستفحل أمره. فدخل العسكر «3» إلى بلاده، وجاس خلال دياره، وأخذوا مدينتين من بلاده. وأقاموا مدة يتنقلون فى بلاده ويجبون أموالها.
ثم توفى محمد بن سعد فى سنة سبع «4» وستين، وأوصى أولاده أن يقصدوا الأمير أبا يعقوب، ويسلموا البلاد إليه، ويدخلوا فى طاعته. فلما مات قصدوه. فسربهم وأكرمهم وتسلم البلاد منهم، وهى مرسية، وبلنسية، وجيان، وغير ذلك، وتزوج أختهم.
وأقاموا عنده مكرمين. وكان اجتماعهم به بمدينة إشبيلية، وقد دخل الأندلس فى مائة ألف فارس فى سنة ست وستين «5» وخمسمائة.