الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر ظفره بدكالة
وفى سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة، سار بعض المرابطين من الملثمين «1» إلى دكّالة. فاجتمع إليه «2» قبائلها وصاروا يغيرون على أعمال مراكش، وعبد المؤمن لا يلتفت إليهم. فلما كثر ذلك منهم، سار إليهم عبد المؤمن فى سنة أربع وأربعين «3» . فلما سمعت دكالة بمسيره، اجتمعت كلها وانحسروا «4» إلى ساحل البحر، وكانوا فى مائتى ألف راجل وعشرين ألف فارس، وهم من الشجاعة بالمكان المعروف. وكانت جيوش عبد المؤمن تخرج عن الحصر. وكان الموضع الذى فيه دكالة كثير الحجر والحزون، فكمنوا فيه كمينا ليخرجوا على عبد المؤمن إذا سلكه. فكان من الاتفاق الحسن أنه قصدهم من غير الجهة التى فيها الكمناء. فانحل عليهم النظام وفارقوا ذلك الموضع وأخذهم السيف فدخلوا البحر. فقتل أكثرهم، وغنمت أموالهم وأغنامهم، وسبيت نساؤهم. فبيعت الجارية بدراهم يسيرة.
وعاد عبد المؤمن إلى مراكش بالظفر والنصر. وثبت ملكه وخافه جميع من بالمغرب، وأذعنوا له بالطاعة.
ذكر ملكه «1» جزيرة الأندلس
قال: كان ملكه لها فى سنة إحدى وأربعين «2» ، وذلك أنه لما كان يحاصر مراكش، ورد عليه جماعة من أعيان الأندلس منهم أبو جعفر أحمد بن محمد بن حمدين «3» ، ومعهم مكتوب يتضمن بيعة أهل الأندلس لعبد المؤمن ودخولهم فى زمرة أصحابه الموحدين، والتزامهم لطاعته، وإقامتهم لأمره فى بلادهم. وجميع أسماء القوم الذين بايعوه مثبتة فى المكتوب. فقبل عبد المؤمن طاعتهم، وشكر هجرتهم، وطيب قلوبهم. فطلبوا منه النصرة على الفرنج، فإن الفرنج كانوا قد ملكوا من بلاد المسلمين «4» مدينة شنترين وباجة وماردة وأشبونة وسائر المعاقل المجاورة لها، وذلك فى سنة أربعين وخمسمائة. وكان سبب ذلك ما وقع من الاختلاف بين المسلمين، فطمع العدو فيهم وأخذ هذه المدن وقوى بها. ثم ملكوا فى سنة اثنتين وأربعين مدينة المرية، ومدينة بياسة، وجميع ولاية جيان.
فجهز عبد المؤمن جيشا كثيفا وجعل مقدمه أبا عمر بن صالح من آية الخمسين. وجهز أسطولا فى البحر وجعل قائده يحيى بن