الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأعطى الألفى دينار والخمسمائة. فاشتد ذلك على حماد، ورأى من رجاله ما أنكره، وضعفت نفسه. وغلت الأسعار عنده فجعل يكذب على من عنده، ويكتب كسبا يذكر فيها أن باديس قد عزم على الرحيل إلى إفريقية، وأن كتبه تصل إليه فى الصلح إلى غير ذلك مما يختلقه «1» . وداوم باديس الحصار حتى مات.
ذكر وفاة باديس
كانت وفاته فى ليلة الأربعاء آخر ذى القعدة سنة ست وأربعمائة وذلك أنه وصل إليه وهو فى الحصار سليمان بن خلف «2» بعساكر عظيمة، جمهورهم تلكاتة «3» وصنهاجة، فضمن لبادير فتح للقلعة وسائر بلاد المغرب. فلما كان يوم الثلاثاء لليلة بقيت من ذى القعدة، أمر باديس بالعرض، فعرضهم إلى الليل. ثم مات فى نصف الليل.
فخرج الخادم إلى حبيب بن أبى سعيد وباديس بن حمامة «4» وأيوب بن يطّوفت ابن عمه، وكان حبيب من أكبر رجاله، وبينه وبين باديس بن حمامة منافسه وعداوة. فلما أعلمه الخادم، خرج حبيب مسرعا إلى فازة باديس، وخرج باديس مسرعا إلى فازة حبيب.
فاجتمعا فى الطريق، فقال كل منهما لصاحبه: «بيننا عداوة
ولا تبرح، والأولى بنا فى هذا الوقت الموافقة والاجتماع فى تدبير هذا المهم.
فإذا انقضى رجعنا إلى «1» ما كنا عليه» . فحضرا ومعهما أيوب بن يطوفت وقالا: «إن صاحب هذا الأمر بعيد منا والعدو قريب مشرف علينا. ومتى لم نقدم رأسا نرجع فى أمورنا إليه لم نأمن العدو على أنفسنا. ونحن نعلم أن ميل تلكاتة وصنهاجة المغرب إلى كرامت بن المنصور أخى باديس» . فاجتمع رأيهم على تولية كرامت ظاهرا. فإذا وصلوا موضع الأمن قدم المعز بن باديس، وينقطع الخلاف، وتصان بيوت الأموال «2» والعدد. فأحضروا كرامت وبايعوه وكتموا الأمر.
وأصبحت العساكر للسلام على ما جرت به العادة. ولم يعلم بوفاته سوى من ذكرناه «3» . فأرادوا صرف الناس بأن يقولوا: إن الأمير قد أخذ دواء. فبينا «4» هم فى ذلك أتى الخبر أن أهل مدينة المحمدية قد شاع عندهم موت باديس، وأنهم أغلقوا أبواب المحمدية، وطلعوا على سورها. وكأنما نودى فى الناس بوفاته. فاضطرب لموته بنو مناد وجميع القواد. وخافوا من الفرقة وشتات الكلمة فأظهروا ولاية كرامت وأمر بالكتب إلى سائل الأعمال باسمه، ولم يذكر المعز بن باديس.
فلما رأى عبيد باديس ومن كان على مثل رأيهم من الحشم والأجناد أنكروا ذلك إنكارا شديدا. فخلا حبيب بن أبى سعيد بأكابرهم وقال: «إنما رضيناه وقدمناه على أن يحوط الرجال، ويحرس