الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر استيلاء عبد المؤمن على تلمسان وفاس ومكناسة وسلا وسبتة
قال: ثم سار عبد المؤمن إلى تلمسان، وهى مدينتان بينهما شوط.
فرس: تاجررت «1» وبها أصحاب السلطان، والأخرى أجادير.
وتاجررت ينطق بها بجيم محيرة «2» بين الكاف والجيم، وكذلك أجادير. وتاجررت محدثة البناء، وأجادير قديمة. فامتنعت أجادير وتأهب أهلها للقتال. وأما تاجررت فكان بها يحيى بن الصحراوية «3» واليا عليها فخرج منها بعسكره فارا إلى مدينة فاس. ودخلها عبد المؤمن، فلقيه أهلها بالخضوع والاستكانة. فلم يقبل ذلك منهم وقتل أكثرهم.
ثم رحل عنها فى سنة أربعين وخمسمائة إلى مدينة فاس. ورتب على أجادير جيشا يحصرها «4» ، وجعل عليهم يوسف بن وانودين ابن تامصلت الهنتاتى «5» . فداوم الحصار وضيق على من بها، ونصب عليها المجانيق وأبراج الخشب والدبابات. ودام الحصار نحو سنة «6» وكان المقدم على أهلها الفقيه عثمان. فلما اشتد الحصار على أهلها،
اجتمع جماعة منهم وراسلوا الموحدين بغير علم الفقيه، وأدخلوهم البلد. فلم يشعر أهله إلا والسيف قد أخذهم. فقتل أكثر أهل البلد، ونهبت الأموال، وسبيت الذرارى والحرم. وبيع من لم يقتل بأبخس الأثمان. وأخذ من الأموال والجواهر ما لا يحصى. وكان عدة من قتل مائة ألف. وقيل: إن عبد المؤمن هو الذى حصر تلمسان وفتحها، وسار منها إلى فاس «1» .
قال: ولما وصل عبد المؤمن إلى مدينة فاس، نزل على جبل الفرض المطل عليها. وعمل حول مخيّمه سورا وخندقا. وحصرها تسعة «2» أشهر، وبها يحيى بن الصحراوية بعسكره الذين فروا من تاجررت.
فعمد عبد المؤمن إلى نهر يدخل البلد فسكره «3» حتى صار بحيرة تسير السفن فيها. ثم هدم السّكر فجاء الماء دفعة واحدة، فخرب سور البلد. فأراد الدخول فقاتله أهلها خارج السور. وكان القائد عبد الله بن خيار الجيانى عاملا عليها وعلى جميع أعمالها، فاتفق هو وجماعة أعيان «4» البلد، وكاتبوا عبد المؤمن سرا فى طلب الأمان لأهل فاس. فأجابهم عبد المؤمن إلى ذلك. ففتحوا له بابا من أبواب المدينة، فدخلها عسكره. وهرب يحيى بن الصحراوية بمن معه إلى مدينة طنجة. وكان فتحها فى أواخر سنة أربعين وخمسمائة «5» .