المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب السابع من القسم الخامس من الفن الخامس فى أخبار من نهض فى طلب الخلافة من الطالبيين فى الدولة الأموية والدولة العباسية فقتل دونها - نهاية الأرب في فنون الأدب - جـ ٢٤

[النويري، شهاب الدين]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الرابع والعشرون

- ‌مقدمة

- ‌[تتمة الفن الخامس في التاريخ]

- ‌[تتمة القسم الخامس من الفن الخامس في أخبار الملة الإسلامية]

- ‌الباب السادس من القسم الخامس من الفن الخامس فى أخبار أفريقية وبلاد المغرب

- ‌ذكر فتوح افريقية

- ‌ذكر ولاية معاوية بن حديج الكندى وفتح افريقية ثانيا

- ‌ذكر ولاية عقبة بن نافع الفهرى وفتح افريقية الفتح الثالث وبناء القيروان

- ‌ذكر بناء مدينة القيروان

- ‌ذكر ولاية مسلمة بن مخلد

- ‌ذكر ولاية عقبة بن نافع ثانية

- ‌ذكر خروج كسيلة وقتل عقبة بن نافع واستيلائه على القيروان

- ‌ذكر ولاية زهير بن قيس البلوى وقتل كسيلة البربرى

- ‌ذكر ولاية حسان بن النعمان الغسانى افريقية

- ‌ذكر فتح قرطاجنة وتخريبها

- ‌ذكر حروب حسان والكاهنة وتخريب افريقية وقتل الكاهنة

- ‌ذكر ولاية موسى بن نصير افريقية وما كان من حروبه وآثاره

- ‌ذكر فتح جزيرة الأندلس وشىء من أخبارها

- ‌ذكر غزو جزيرة سردانية

- ‌ذكر ولاية محمد بن يزيد مولى قريش ومقتل عبد العزيز بن موسى بن نصير

- ‌ذكر ولاية اسماعيل بن عبد الله ابن أبى المهاجر مولى بنى مخزوم

- ‌[عبيدة بن عبد الرحمان السلمى]

- ‌[عبيد الله بن الحبحاب مولى بنى سلول]

- ‌[حنظلة بن صفوان الكلبى]

- ‌ذكر أخبار عبد الرحمن بن حبيب وتغلبه على افريقية ورجوع حنظلة الى المشرق

- ‌ذكر مقتل عبد الرحمن بن حبيب وولاية أخيه الياس بن حبيب وقتله وولاية حبيب بن عبد الرحمن وقتله

- ‌ذكر تغلب ورفجومة على افريقية وما كان منهم ومن ولى بعدهم الى أن ولى محمد بن الأشعث

- ‌ذكر ولاية محمد بن الأشعث الخزاعى

- ‌ذكر ولاية الأغلب بن سالم ابن عقال بن خفاجة التميمى

- ‌ذكر ولاية يزيد بن حاتم بن قبيصة ابن المهلب بن أبى صفرة

- ‌ذكر ولاية داود بن يزيد بن حاتم

- ‌ذكر ولاية روح بن حاتم بن قبيصة ابن المهلب بن أبى صفرة

- ‌ذكر ولاية نصر بن حبيب المهلبى

- ‌ذكر ولاية الفضل بن روح

- ‌ذكر أخبار عبد الله بن الجارود

- ‌ذكر ولاية هرثمة بن أعين

- ‌ذكر ابتداء دولة بنى الأغلب

- ‌ذكر ولاية ابراهيم بن الأغلب بن سالم ابن عقال بن خفاجة التميمى

- ‌ذكر ولاية أبى العباس عبد الله ابن ابراهيم بن الأغلب

- ‌ذكر ولاية أبى محمد زيادة الله ابن ابراهيم بن الأغلب

- ‌ذكر ولاية أبى العباس محمد بن الأغلب ابن ابراهيم بن الأغلب

- ‌ذكر ولاية أبى ابراهيم أحمد بن محمد ابن الأغلب بن ابراهيم بن الأغلب

- ‌ذكر ولاية أبى عبد الله محمد بن أحمد بن محمد ابن الأغلب المكنى بأبى الغرانيق

- ‌ذكر ولاية أبى اسحاق ابراهيم بن أحمد بن محمد بن الأغلب

- ‌ذكر انتقال ابراهيم الى تونس

- ‌ذكر اعتزال ابراهيم الملك وزهده وغزوه ووفاته

- ‌ذكر ولاية أبى مضر زيادة الله بن أبى العباس

- ‌ذكر انهزام زيادة الله الى المشرق وانقراض دولة بنى الأغلب

- ‌ذكر ما كان من أخبار زيادة الله وقتله عبد الله ابن الصائغ ومسيره الى بلاد الشرق ووفاته

- ‌ذكر أخبار من ملك المغرب بعد بنى الأغلب الى أن قامت دولة بنى زيرى بن مناد

- ‌ذكر ابتداء دولة بنى زيرى بن مناد ونسبهم ومبدأ أمرهم ومن ملك منهم الى انقضاء دولتهم

- ‌ذكر أخبار زيرى بن مناد

- ‌ذكر بناء مدينة آشير

- ‌ذكر الحرب بين زيرى وزناتة

- ‌ذكر مقتل زيرى

- ‌ذكر أخبار أبى الفتوح يوسف بلكين ابن زيرى بن مناد

- ‌ذكر ولاية أبى الفتوح يوسف بلكين بلاد المغرب

- ‌ذكر ولاية عبد الله بن محمد الكاتب

- ‌ذكر اخبار خلف بن خير

- ‌ذكر وفاة أبى الفتوح يوسف

- ‌ذكر ولاية أبى الفتح المنصور ابن يوسف بلكين بن زيرى

- ‌ذكر مقتل عبد الله بن محمد وولده يوسف

- ‌ذكر أخبار أبى الفهم حسن بن نصرويه الخرسانى

- ‌ذكر وفاة المنصور أبى الفتح بن يوسف

- ‌ذكر ولاية حماد بن يوسف مدينة آشير

- ‌ذكر خروج محمد بن أبى العرب الى زنانة

- ‌ذكر خلاف حماد بن يوسف وأخيه ابراهيم على ابن أخيهما الأمير باديس

- ‌ذكر وفاة باديس

- ‌ذكر ولاية أبى تميم المعز بن أبى مناد باديس ابن المنصور بن يوسف بن زيرى

- ‌ذكر قتل الروافض

- ‌ذكر مسير المعز لحرب حماد

- ‌ذكر الصلح بين المعز وحماد عم أبيه

- ‌ذكر مقتل القائد محمد بن حسن

- ‌ذكر خروج العرب الى المغرب والسبب الموجب لذلك

- ‌ذكر وفاة لقائد بن حماد وولاية ابنه وقتله وولاية بلكين بن محمد

- ‌[بقية أخبار المعز بن باديس]

- ‌ذكر الحرب بين المعز والعرب وانتصار العرب عليه

- ‌ذكر انتقال المعز الى المهدية ومحاصرة العرب القيروان واستيلائهم عليها

- ‌ذكر وفاة المعز بن باديس

- ‌ذكر ولاية تميم بن المعز بن باديس ابن المنصور بن يوسف بن زيرى

- ‌ذكر خروج حمو عن طاعة الأمير تميم وحربه وانهزامه

- ‌ذكر الحرب بين بنى حماد والعرب وانتصار العرب عليهم

- ‌ذكر بناء مدينة بجاية والسبب فيه

- ‌ذكر استيلاء تميم على مدينة تونس

- ‌ذكر استيلاء مالك بن علوى الصخرى على القيروان وأخذها منه، وعودها الى تميم

- ‌ذكر ملك الروم مدينة زويلة وعودهم عنها

- ‌ذكر خلاف مثنى بن تميم على أبيه

- ‌ذكر ملك تميم مدينة قابس

- ‌ذكر وفاة تميم بن المعز

- ‌ذكر ولاية يحيى بن تميم بن المعز بن باديس ابن المنصور يوسف بن زيرى

- ‌ذكر وفاة يحيى بن تميم وشىء من أخباره

- ‌ذكر ولاية على بن يحيى بن تميم بن المعز ابن باديس بن المنصور بن يوسف بن زيرى

- ‌ذكر حصار رافع المهدية وانهزامه

- ‌ذكر ولاية الحسن بن على بن يحيى بن تميم بن المعز ابن باديس بن المنصور بن يوسف بن زيرى

- ‌ذكر استيلاء الفرنج على جزيرة جربة

- ‌ذكر ملك الفرنج مدينة طرابلس

- ‌ذكر استيلاء الفرنج على مدينة المهدية وسفاقس وسوسة

- ‌ذكر انقراض دولة بنى زيرى من افريقية وما اتفق للحسن بن على بعد خروجه من المهدية

- ‌ذكر ما اتفق للحسن بن على بعد خروجه من المهدية

- ‌ذكر ابتداء دولة الملثمين وأخبارهم ومن ملك منهم

- ‌ذكر ولاية أبى بكر بن عمر اللمتونى

- ‌ذكر مقتل الجوهر الجدالى

- ‌ذكر خروج الملثمين الى السوس أولا وثانيا ومقتل عبد الله بن ياسين

- ‌ذكر ولاية يوسف بن تاشفين

- ‌ذكر بناء مدينة مراكش

- ‌ذكر ما قيل فى سبب لثام المرابطين

- ‌نرجع الى أخبار يوسف بن تاشفين

- ‌ذكر استيلائه على مدينة أغرناطة من جزيرة الأندلس

- ‌ذكر ملك أمير المسلمين جزيرة الأندلس

- ‌ذكر حيلة لأمير المسلمين ظهرت ظهورا عجيبا

- ‌ذكر ولاية أمير المسلمين من قبل الخليفة أمير المؤمنين المستظهر بالله

- ‌ذكر ولاية على بن يوسف بن تاشفين

- ‌ذكر محاربة الفرنج خذلهم الله تعالى وانهزامهم

- ‌ذكر الفتنة بقرطبة

- ‌ذكر ولاية تاشفين بن على بن يوسف بن تاشفين

- ‌[اسحاق بن على]

- ‌ذكر ابتداء دولة الموحدين وأخبارهم وسبب ظهورهم

- ‌ذكر أخبار المهدى محمد بن تومرت

- ‌ذكر خبر أبى عبد الله الونشريسى

- ‌ذكر ترتيب أصحاب المهدى

- ‌ذكر حصار مراكش ووقعة البحيرة ومقتل أبى عبد الله الونشريسى

- ‌ذكر وفاة المهدى محمد بن تومرت

- ‌ذكر ولاية عبد المؤمن بن على

- ‌ذكر استيلاء عبد المؤمن على تلمسان وفاس ومكناسة وسلا وسبتة

- ‌ذكر ملك عبد المؤمن مراكش وقتله اسحاق بن على وانقراض دولة الملثمين

- ‌ذكر ظفره بدكالة

- ‌ذكر حصار الفرنج مدينة قرطبة ورجوعهم عنها

- ‌ذكر ملكه مدينة بجاية وملك بنى حماد وانقراض دولتهم

- ‌ذكر ظفره بصنهاجة وملكه قلعة حماد

- ‌ذكر الحرب بين عبد المؤمن والعرب وظفر عساكر عبد المؤمن بهم

- ‌ذكر البيعة لمحمد بن عبد المؤمن بولاية العهد بعد أبيه

- ‌ذكر استعمال عبد المؤمن أولاده على البلاد وأعماله

- ‌ذكر ملكه مدينة المرية من الفرنج وأغر ناطة من الملثمين

- ‌ذكر ملك عبد المؤمن مدينة المهدية من الفرنج وجميع بلاد افريقية

- ‌ذكر ايقاع عبد المؤمن بالعرب

- ‌ذكر وفاة عبد المؤمن بن على وشىء من أخباره

- ‌ذكر ولاية أبى يعقوب يوسف بن عبد المؤمن ابن على

- ‌ذكر غزوة الفرنج

- ‌ذكر ملك أبى يعقوب مدينة قفصة

- ‌ذكر وفاة أبى يعقوب يوسف

- ‌ذكر ولاية أبى يوسف يعقوب بن أبى يعقوب يوسف بن عبد المؤمن

- ‌ذكر أخبار الملثمين وما ملكوه من افريقية واستعادة ذلك منهم

- ‌ذكر ملك الفرنج مدينة شلب وعودها الى المسلمين

- ‌ذكر غزوة الفرنج بالأندلس والوقعة الكبرى والثانية وحصر طليطلة

- ‌ذكر ما فعله الملثم بافريقية

- ‌ذكر وفاة أبى يوسف يعقوب

- ‌ذكر ولاية أبى عبد الله محمد بن أبى يوسف يعقوب بن أبى يعقوب يوسف بن عبد المؤمن ابن على الملقب الناصر لدين الله

- ‌ذكر وفاة أبى عبد الله محمد وشىء من أخباره

- ‌ذكر ولاية يوسف بن محمد بن يعقوب ابن يوسف بن عبد المؤمن بن على

- ‌ذكر وفاة يوسف بن محمد

- ‌ذكر ولاية أبى محمد عبد العزيز بن يوسف ابن عبد المؤمن

- ‌جامع أخبار دولة الموحدين

- ‌ذكر تسمية ملوك بنى مرين

- ‌أول من غزا جزيرة صقلية فى الاسلام

- ‌ذكر ولاية محمد بن أبى الحوارى

- ‌ذكر فتح مدينة بلرم

- ‌ذكر وفاة محمد بن عبد الله بن الأغلب وولاية العباس بن الفضل بن يعقوب

- ‌ذكر فتح قصريانة وهى دار مملكة الروم بجزيرة صقلية

- ‌ذكر ولاية أبى سعيد موسى بن أحمد

- ‌ذكر ما فتح من بلاد قلورية

- ‌ذكر فتح قلعة طبرمين

- ‌ذكر وقعة الحفرة على رمطة

- ‌ذكر اخلاء طبرمين ورمطة

- ‌ذكر ولاية أبى القاسم نيابة عن أخيه أحمد واستقلاله

- ‌ذكر ولاية أبى الفتح يوسف الملقب بثقة الدولة

- ‌ذكر وثوب أهل صقلية بالأمير جعفر واخراجه

- ‌ذكر استيلاء الفرنج- خذلهم الله تعالى- على جزيرة صقلية

- ‌ذكر أخبار جزيرة أقريطش

- ‌ذكر تنصر أهل اقريطش

- ‌ذكر ما استولى عليه الفرنج- خذلهم الله تعالى- من البلاد الاسلامية بجزيرة الأندلس بعد أخذ طليطلة

- ‌الباب السابع من القسم الخامس من الفن الخامس فى أخبار من نهض فى طلب الخلافة من الطالبيين فى الدولة الأموية والدولة العباسية فقتل دونها

- ‌ذكر ظهور زيد بن على بن الحسن ومقتله

- ‌ذكر مسير يحيى بن زيد بن على الى خراسان ومقتله

- ‌ذكر ظهور عبد الله بن معاوية بن عبد الله ابن جعفر بن أبى طالب

- ‌ذكر غلبته على فارس وأخذها منه وقتله

- ‌مراجع التحقيق

- ‌فهرس موضوعات الجزء الرابع والعشرون

الفصل: ‌الباب السابع من القسم الخامس من الفن الخامس فى أخبار من نهض فى طلب الخلافة من الطالبيين فى الدولة الأموية والدولة العباسية فقتل دونها

‌الباب السابع من القسم الخامس من الفن الخامس فى أخبار من نهض فى طلب الخلافة من الطالبيين فى الدولة الأموية والدولة العباسية فقتل دونها

وذلك بعد مقتل الحسين بن على بن أبى طالب رضى الله عنهما كان أول من رام ذلك منهم فى الدولة الأموية:

زيد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب رضى الله عنهم وكان ظهوره فى سنة إحدى وعشرين ومائة، وقتل فى سنة اثنتين وعشرين فى أيام هشام بن عبد الملك بن مروان «1» . وقد اختلف فى سبب قيامه وطلبه الخلافة ما هو. فقيل «2» : إن زيدا هذا وداود بن على بن عبد الله بن عباس ومحمد بن عمر بن على بن أبى طالب رضى الله عنهم قدموا على خالد بن عبد الله القسرى، وهو أمير العراق. فأجازهم وأكرمهم ورجعوا إلى المدينة. فلما ولى

ص: 391

يوسف بن عمر الثّقفى العراق كتب [إلى]«1» هشام بذلك. وذكر له أن خالدا ابتاع من زيد أرضا بالمدينة بعشرة آلاف دينار ثم رد الأرض عليه. فكتب هشام إلى عامل المدينة أن يسيّرهم إليه ففعل. فسألهم هشام عن ذلك، فأقروا بالجائزة، وأنكروا ما سوى ذلك، وحلفوا فصدقهم. وأمرهم بالمسير إلى العراق، ليقابلوا خالد بن عبد الله. فساروا على كره وقابلوا خالدا فصدقهم فعادوا نحو المدينة. فلما نزلوا القادسية راسل أهل الكوفة زيدا فعاد إليهم.

وقيل: بل ادعى خالد القسرى أنه أودع زيدا وداود بن على ونفرا من قريش مالا. فكتب يوسف الثقفى بذلك إلى هشام، فأحضرهم هشام من المدينة، وسيرهم إلى يوسف ليجمع بينهم وبين خالد. فقدموا عليه، فقال يوسف لزيد:«إن خالدا زعم أنه أودعك مالا» . قال: «كيف يودعنى وهو يشتم آبائى على منبره؟» فأرسل إلى خالد فأحضره فى عباءة «2» . فقال: «هذا زيد قد أنكر أنك قد أودعته شيئا» . فنظر خالد إليه وإلى داود، وقال ليوسف:«أتريد أن تجمع مع إثمك فى إثما فى هذا؟ كيف أودعه وأنا أشتمه وأشتم آباءه على المنبر؟» فقال لخالد «3» :

ص: 392

«ما دعاك إلى ما صنعت؟» فقال: «شدّد على العذاب فادّعيت ذلك، وأملت أن يأتى الله بفرج قبل قدومك» . فرجعوا وأقام زيد وداود بالكوفة.

وقيل «1» : إن يزيد بن خالد القسرى هو الذى ادعى المال وديعة عند زيد. فلما أمرهم هشام بالمسير إلى العراق إلى يوسف، استقالوه خوفا من شر يوسف وظلمه. فقال:«أنا أكتب إليه بالكف عنكم» . وألزمهم بذلك، فساروا على كره. فجمع يوسف بينهم وبين يزيد، فقال يزيد:«ليس لى عندهم قليل ولا كثير» .

قال يوسف: «أفبى تهزأ أم بأمير المؤمنين؟» فعذبه يومئذ عذابا كاد يهلكه. ثم أمر بالقرشيين فضربوا وترك زيدا. ثم استحلفهم وأطلقهم فلحقوا بالمدينة. وأقام زيد بالكوفة، وكان زيد قد قال لهشام لما أمره بالمسير إلى يوسف:«والله، ما آمن إن بعثتنى إليه أن لا نجتمع أنا وأنت حيين «2» أبدا» . قال: «لا بد من المسير إليه» .

وقيل «3» : كان السبب فى ذلك أن زيدا كان يخاصم ابن عمه جعفر بن الحسن بن الحسن «4» بن على فى وقوف «5» على ابن أبى طالب رضى الله عنه؛ زيد يخاصم عن بنى حسين، وجعفر

ص: 393

يخاصم عن بنى حسن. فكانا يتبالغان كل غاية «1» ويقومان فلا يعيدان مما كان بينهما حرفا. فلما مات جعفر نازعه عبد الله بن حسن بن الحسن. فتنازعا يوما بين يدى خالد بن عبد الملك بن الحارث بالمدينة. فأغلظ عبد الله لزيد وقال: «يابن السندية» فضحك زيد وقال: «قد كان إسماعيل لأمة، ومع ذلك فقد صبرت بعد وفاة سيدها إذ لم تصبر غيرها» . يعنى فاطمة ابنة الحسين أم عبد الله فإنها تزوجت بعد أبيه الحسن. ثم ندم زيد واستحيى من فاطمة وهى عمته، فلم يدخل عليها زمانا. فأرسلت إليه:

«يا ابن أخى إنى لأعلم أن أمك «2» عندك كأم عبد الله عنده» وقالت لعبد الله: «بئس ما قلت لأم زيد، أم والله لنعم دخيلة القوم كانت» .

قال: فذكر أن خالدا قال لهما: «اغدوا علينا غدا. فلست لعبد الملك إن لم أفصل بينكما» . فباتت المدينة تغلى كالمراجل يقول قائل: قال زيد كذا، ويقول قائل: قال عبد الله كذا. فلما كان من الغد، جلس فى المسجد واجتمع الناس، فمن بين شامت ومهموم. فدعا بهما خالد، وهو يحب أن يتشاتما. فذهب عبد الله يتكلم. فقال زيد:«لا تعجل يا أبا محمد، أعتق زيد ما يملك إن خاصمك إلى خالد أبدا» ثم أقبل على خالد فقال له: «أجمعت ذرية رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمر ما كان يجمعهم عليه

ص: 394

أبو بكر أو عمر؟ «1» فقال خالد: «أما لهذا السفيه أحد؟» فتكلم رجل من الأنصار من آل عمرو بن حزم فقال: «يا ابن أبى تراب، وابن حسين السفيه، أما ترى لوال عليك حقا ولا طاعة؟» فقال زيد «اسكت أيها القحطانى، فإنا لا نجيب مثلك» . قال: «ولم ترغب عنى؟ فو الله إنى لخير منك، وأبى خير من أبيك، وأمى خير من أمك» . فتضاحك زيد وقال: «يا معشر قريش، هذا الدين قد ذهب، أفتذهب الأحساب؟ فو الله ليذهب دين القوم وما تذهب أحسابهم» . فتكلم عبد الله بن واقد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب فقال: «كذبت والله أيها القحطانى، فو الله لهو خير منك نفسا وأما وأبا ومحتدا» . وتناوله بكلام كثير، وأخذ كفا من حصباء فضرب بها الأرض ثم قال:«إنه والله ما لنا على هذا من صبر» . وقام.

وشخص زيد إلى هشام بن عبد الملك فجعل هشام لا يأذن له فيرفع إليه القصص «2» . فكلما رفع قصة يكتب هشام فى أسفلها «ارجع إلى منزلك «3» » . فيقول زيد: «والله، لا أرجع إلى خالد أبدا» . ثم أذن له يوما بعد طول حبس، ورقى علّية طويلة.

وأمر خادما «4» أن يتبعه بحيث لا يراه زيد ويسمع ما يقول. فصعد زيد، وكان بادنا، فوقف فى بعض الدرجة فسمعه يقول: «والله،

ص: 395

لا يحب الدنيا أحد إلا ذل» ثم صعد إلى هشام فحلف له على شىء. فقال: «لا أصدقك» فقال: «يا أمير المؤمنين إن الله لم يرفع أحدا عن أن يرضى بالله، ولم يضع أحدا عن أن لا يرضى بذلك منه» فقال هشام: «لقد بلغنى يا زيد أنك تذكر الخلافة وتتمناها.

ولست هناك وأنت ابن أمة» . قال زيد: «إن لك جوابا» قال: «فتكلم» قال: «إنه ليس أحد أولى بالله ولا أرفع درجة من نبى ابتعثه.

وقد كان إسماعيل عليه السلام ابن أمة وأخوه من صريحة. فاختاره الله عليه، وأخرج منه خير البشر. وما على أحد من ذلك إذا كان جده رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كانت أمه» . قال له هشام:

«اخرج» قال: «أخرج ثم لا أكون «1» إلا بحيث تكره» فقال له سالم «2» : «يا أبا الحسين، لا يظهرن هذا منك» .

فخرج من عنده وسار إلى الكوفة. فقال له محمد بن عمر بن أبى طالب: «أذكّرك الله يا زيد، لما لحقت بأهلك، ولا تأت أهل الكوفة فإنهم لا يفون لك» . فلم يقبل وقال: «خرج بنا أسرى على غير ذنب من الحجاز إلى الشام ثم إلى الجزيرة ثم إلى العراق إلى تيس ثقيف يلعب بنا» . وقال «3» :

بكرت تخوّفنى الحتوف كأننى

أصبحت من غرض الحياة بمعزل

ص: 396

فأجبتها إن المنية منهل

لا بد أن أسقى بكأس المنهل

إن المنية لو تمثّل مثّلت

مثلى إذا نزلوا بضيق المنزل

فاقنى حياءك لا أبا لك واعلمى

أنى امرؤ سأموت إن لم أقتل

ثم قال زيد: «أستودعك الله، وإنى أعطى الله عهدا أن [لا] دخلت يدى فى طاعة هؤلاء ما عشت» .

وفارقه وأقبل إلى الكوفة. فأقام بها مستخفيا يتنقل فى المنازل.

وأقبلت الشيعة تختلف إليه تبايعة «1» . فيايعه جماعة منهم سلمة ابن كهيل، ونصر بن خزيمة العبسى، ومعاوية بن إسحاق بن زيد بن حارثة الأنصارى، وناس من وجوه أهل الكوفة. وكانت بيعته:

«إنا ندعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وجهاد الظالمين، والدفع عن المستضعفين، وإعطاء المحرومين، وقسم هذا الفىء بين أهله بالسواء، ورد المظالم، وإقفال المجمر «2» ونصرة أهل البيت. أتبايعون على ذلك؟» فإذا قالوا: «نعم» . وضع يده على أيديهم ويقول: «عليك عهد الله وميثاقه وذمته وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم لتفينّ ببيعنى، ولتقاتلن عدوى، ولتنصحن لى فى السر والعلانية» فإذا قال: «نعم» . مسح يده على يده.

ص: 397

ثم قال: «اللهم اشهد» . فبايعه خمسة عشر ألفا، وقيل:

أربعون ألفا. وأمر أصحابه بالاستعداد، فأقبل من يريد أن يفى له ويخرج معه يستعد ويتهيأ. فشاع أمره فى الناس. هذا على قول من زعم أنه أتى الكوفة من الشام واختفى بها يبايع الناس.

وأما على قول من زعم أنه أتى الكوفة إلى يوسف بن عمر لمقابلة خالد بن عبد الله القسرى أو ابنه يزيد بن خالد، فإنه يقول: إنه أقام بالكوفة ظاهرا ومعه داود بن على بن عبد الله بن عباس. وأقبلت الشيعة تختلف إلى زيد، وتأمره بالخروج، ويقولون:«إنا لنرجو أن تكون أنت المنصور، وأن هذا الزمان هو الذى يهلك فيه بنو أمية» . فأقام بالكوفة.

وجعل يوسف بن عمر الثقفى يسأل عنه، فيقال:«هو هاهنا» . ويبعث إليه ليسير فيقول: «نعم» ويعتل بالوجع.

فمكث ما شاء الله. ثم أرسل إليه يوسف ليسير، فاحتج بأنه يبتاع أشياء يريدها. ثم أرسل إليه يوسف بالمسير عن الكوفة، فاحتج بأنه يحاكم بعض آل طلحة بن عبيد الله فى ملك بينهما بالمدينة، فأرسل إليه ليوكل وكيلا ويرحل عنها.

فلما رأى جد يوسف فى أمره سار حتى أتى القادسية وقيل الثّعلبية. فتبعه أهل الكوفة وقالوا: «نحن أربعون ألفا لم يتخلف عنك أحد، نضرب عنك بأسيافنا، وليس هاهنا من أهل الشام إلا عدة يسيرة بعض قبائلنا تكفيهم بإذن الله تعالى» . وحلفوا بالأيمان المغلظة، فجعل يقول:«إنى أخاف أن تخذلونى وتسلمونى كفعلكم بأبى وجدى» فيحلفون له. فقال له داود بن على:

ص: 398

«يا ابن عم، إن هؤلاء يغرونك من نفسك، أليس قد خذلوا من كان أعز عليهم منك: جدك على بن أبى طالب حتى قتل، والحسن من بعده بايعوه ثم وثبوا عليه فانتزعوا رداءه وجرحوه؟ أو ليس قد أخرجوا جدك الحسين وحلفوا له ثم خذلوه وأسلموه، ولم يرضوا بذلك حتى قتلوه؟ فلا ترجع معهم» فقالوا لزيد: «إن هذا لا يريد أن تظهر أنت، ويزعم أنه وأهل بيته أولى بهذا الأمر منكم» فقال زيد لداود: «إن عليا كان يقاتله معاوية بدهائه ومكره، وإن الحسين قاتله يزيد والأمر مقبل عليهم» . فقال داود: «إنى خائف إن رجعت معهم أن لا يكون أحد أشد عليك منهم، وأنت أعلم» . ومضى داود إلى المدينة ورجع زيد إلى الكوفة.

فلما رجع زيد، أتاه سلمة بن كهيل فذكر له قرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم وحقه فأحسن. ثم قال له:«نشدتك الله: كم بايعك؟» قال: «أربعون ألفا» قال: «فكم بايع جدك؟» قال: «ثمانون ألفا» . قال: «فكم حصل معه؟» قال:

«ثلاثمائة» قال: «نشدتك الله: أنت خير أم جدك؟» قال:

«جدى» . قال: «فهذا القرن خير أم ذلك القرن؟» قال:

«ذلك القرن» . قال: «أفتطمع أن يفى لك هؤلاء وقد غدر أولئك بجدك؟» قال: «قد بايعونى ووجبت البيعة فى عنقى وعنقهم» . قال: «أفتأذن لى أن أخرج من هذا البلد، فلا آمن أن يحدث حدث فلا أملك نفسى» . فأذن له فخرج إلى اليمامة.

وكتب عبد الله بن الحسن «1» بن الحسن إلى زيد: «أما

ص: 399

بعد، فإن أهل الكوفة نفخ العلانية، خور السريرة، هرج فى الرخاء «1» ، جزع فى اللقاء، تقدمهم ألسنتهم، ولا تشايعهم قلوبهم. ولقد تواترت إلى كتبهم بدعوتهم، فصممت عن ندائهم وألبست قلبى غشاء عن ذكرهم يأسا منهم واطراحا لهم. وما لهم مثل إلا ما قال «2» على بن أبى طالب رضى الله عنه: إن أهملتم خضتم، وإن حوربتم «3» خرتم، وإن اجتمع الناس على إمام طعنتم، وإن أجبتم إلى مشاقّة نكصتم» فلم يصغ زيد إلى شىء من ذلك وأقام على حاله يبايع الناس ويتجهز للخروج.

وتزوج بالكوفة ابنة يعقوب بن عبد الله السلمى. وتزوج أيضا ابنة عبد الله بن أبى العنبس الأزدى. وكان سبب تزوجه إياها أن أمها أم عمرو بنت الصلت كانت تتشيع، فأتت زيدا تسلم عليه، وكانت جميلة حسنة قد دخلت فى السن ولم يظهر عليها. فخطبها زيد إلى نفسها «4» . فاعتذرت بالسن وقالت له:«لى بنت «5» هى أجمل منى وأبيض وأحسن دلا وشكلا» فضحك زيد ثم تزوجها وكان ينتقل بالكوفة تارة عندها، وتارة عند زوجته الأخرى، وتارة فى بنى عبس، وتارة فى بنى نهد، وتارة فى بنى تغلب «6» وغيرهم إلى أن ظهر.

ص: 400