الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأراد الرجوع إلى باغاية، فأتاه الخبر أن زناتة قد نزلوا على تلمسان. فرحل إليهم فهربوا بين يديه. فحصر تلمسان مدة فنزلوا على حكمه. فعفا عنهم من القتل، ونقلهم إلى آشير، فبنوا بقربها مدينة سموها بلنسان «1» .
ذكر ولاية عبد الله بن محمد الكاتب
كان سبب ولايته أن يوسف كان قد ولى جعفر بن يموت «2» مدينة القيروان وصبرة، وجعل معه خيلا كثيرة، عند مسيره إلى بلاد المغرب فى شهر ربيع الأول. فمات فى جمادى الآخرة. فكتب ابن القديم إلى أبى الفتوح بموته، ويسأله أن يرسل إليه بدلا منه يعاونه على أمور البلد.
فاستعمل عبد الله على ذلك. فأبى عليه وامتنع واستعفى مرة بعد أخرى. فجمع يوسف حبوس «3» بن زيرى، وكرامة بن إبراهيم، وكبّاب بن زيرى، وخلوف بن أبى محمد. وأحضر عبد الله وقال لأولئك:«ما جزاء من من عاند أمرى، وخالف رأيى ومرادى، ولم يعبأ بما كلفته؟» . قالوا: «القتل، ونحن نتولى قتله» .
فقال: «كاتبى هذا أمرته بالرجوع إلى إفريقية إذ لا ينوب عنى أحد غيره فامتنع» . فقالوا له: «إن لم ترجع وإلا قتلناك» . فرجع كارها. وعبد الله هذا من بنى الأغلب، كان أبوه محمد قد هرب «1» إلى نفزاوة فولد بها عبد الله. فرباه خاله صالح وتعلم الخط والترسّل.
فاستكتبه زيرى وهو صبى شاب. ثم استكتبه بعده أبو الفتوح، فحظى عنده. وكان فصيحا بليغا، عالما بلغة العرب ولسان البربر.
قال: فلما وصل عبد الله إلى القيروان، تلقاه ابن القديم. وترجّل كل منهما لصاحبه، وتعانقا، واتفقا وصارت كلمتهما واحدة. ثم وقع بينهما بعد ذلك، وكانت فتنة عظيمة بالقيروان يطول شرحها، انتصر فيها عبد الله وقبض على ابن القديم، وأرسله إلى الأمير أبى الفتوح، فحبسه حتى مات.
وكانت ولاية ابن القديم سنتين وشهرا ونصفا. ثم توفى فى الاعتقال يوم الأربعاء لإحدى عشرة ليلة خلت من جمادى الأولى سنة ست وستين وثلاثمائة. واستقل عبد الله بن محمد الكاتب وحده لثمان مضين من شهر ربيع الأول سنة أربع وستين وثلاثمائة.