الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا يحل له نكاح واحدة منهن، كلهن من نسل إخوته وأخواته، ومن الرجال مثل هذا العدد.
قال: وكان له قبل أن يستخلفه المعز لدين الله على المغرب قصور تشتمل على أربعمائة جارية، فيقال: إن البشارات تواترت عليه فى يوم واحد بولادة سبعة عشر ولدا «1» .
وكانت مدة إمارته منذ تسلم المغرب من المعز لدين الله ثنتى عشرة سنة، ومنذ قام بالأمر بعد أبيه ثلاث عشرة سنة وشهورا.
ولما مات قام بالأمر بعده ابنه المنصور أبو الفتح.
ذكر ولاية أبى الفتح المنصور ابن يوسف بلكين بن زيرى
قال: ولما توفى يوسف، أسند وصيته إلى أبى زعبل بن مسلم «2» ، وكان من جملة عبيده وخاصة قواده. فكتب إلى المنصور يعرفه بوفاة أبيه، وكان المنصور إذ ذاك بآشير. فاستقل بالأمر بعد أبيه. وأتاه عبد الله بن محمد الكاتب ومشايخ القيروان والقضاة وأصحاب الخراج؛ فعزوه بأبيه وهنئوه بالولاية، فأكرمهم وعظمهم وأحسن جوائزهم وأعطاهم عشرة آلاف دينار. فدعوا له وشكروه. فقال لهم: «إن أبى وجدى أخذا الناس بالسيف قهرا، وأنا لا آخذ الناس إلا بالإحسان. ولست ممن يولّى ولا
يعزل بكتاب. ولا أحمد فى هذا الملك إلا الله ويدى. وهذا الملك ما زال فى يد آبائى وأجدادى ورثناه عن حمير» «1» . وكلام كثير فى هذا المعنى. ثم قال لهم: «انصرفوا فى حفظ الله فإن قلوب أهليكم مشغولة بكم» فانصرفوا.
وقدم المنصور إلى رقادة فى يوم الاثنين لإحدى عشرة ليلة بقيت من شهر رجب سنة أربع وسبعين وثلاثمائة. فتلقاه عبد الله الكاتب ووجوه الناس. فأظهر لهم الخير ووعدهم بكل جميل.
وأتاه العمال من كل بلد بالهدايا والأموال. وأهدى إليه عبد الله ما لا يحيط به الوصف. فجهز المنصور هدية إلى نزار بلغت قيمتها ألف ألف دينار.
وأقام برقادة إلى يوم الأربعاء لثلاث بقين من ذى الحجة «2» من السنة. ورجع إلى المغرب ومعه عبد الله الكاتب. واستخلف عبد الله ابنه يوسف على القيروان، فسار أحسن سيرة.
وفى هذه السنة، أعطى المنصور أخاه يطّوفت العساكر والعدد ووجهه إلى فاس «3» وسجلماسة يطلب ردهما، وكانت زناتة قد ملكت تلك البلاد بعد موت أبى الفتوح. فمضى حتى وصل إلى قرب فاس وبها زيرى بن عطية الزناتى المعروف بالقرطاس، ومعه
عساكر زناتة. فعاجله «1» زيرى والتقوا واقتتلوا. فانهزم يطّوفت وجميع من معه. وتبعه زيرى فقتل من عسكره خلقا عظيما وأسر وهرب من سلم إلى تيهرت. فلما بلغ المنصور هزيمة يطّوفت، أرسل أخاه عبد الله بعسكر يلقاه به ثم وصل يطوفت إلى آشير.
فلم يتعرض المنصور بعدها لشئ من بلد زناتة.
وفى سنة ست وسبعين، أخذ يوسف بن عبد الله بن محمد الكاتب فى بناء قصر المنصور. فبلغ الإنفاق عليه ثمانمائة ألف دينار «2» ثم عمل عليه وعلى قصر بجواره كان بناه قديما شفيع الصقلبى صاحب المظلة سورا محدقا عليهما. وغرست حوله الأشجار من كل جهة.
وفى سنة سبع وسبعين، وصل المنصور من آشير إلى إفريقية فى يوم الاثنين منتصف المحرم، ونزل فى قصره الذى بنى له. ونزل عبد الله الكاتب وجميع القواد حوله.
ووصل كتاب السلطان نزار إلى المنصور يعلمه أنه جعل الدعوة لعبد الله بن محمد الكاتب، ويأمره بذلك. ففعل المنصور ذلك وأمر أن يفرش له قصر السلطان فى الموضع المعروف بقصر الحجر، وذلك فى يوم الاثنين لسبع خلون من جمادى الآخرة منها. وجلس فيه المنصور وأقرباؤه ووجوه بنى عمه. ثم دخل عبد الله فأخذ عليهم الدعوة، وصار عبد الله داعيا. فذكر أنه لما تم هذا له مسح بيده على رأسه وقال:«الآن قد خلصت من القتل وأمنت على شعرى وبشرى» . وما علم أن ذلك سبب هلاكه.