الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر مقتل زيرى
كان مقتله فى شهر رمضان سنة ستين وثلاثمائة فى أيام المعز لدين الله المنصور بن القائم بن المهدى.
وسبب ذلك أن جعفر بن على صاحب المسيلة كان أميرا على الزاب كله، وأبوه هو الذى بنى المسيلة. وكبر جعفر وشمخ فكان ملكا جليلا. وكان فى طاعة المعز بن المنصور، وبينه وبين زيرى ضغائن فى النفوس وعداوة فى الصدور. ثم اتفق أن المعز لدين الله أمر ببناء دار ابن رباح، وهى المعروفة فى القيروان بدار الإمارة. فشاع عند الناس أنها بنيت لجعفر بن على، وأنه يعطى ولاية إفريقية، وأن المغرب «1» كله يعطى لزيرى. فعظم ذلك على جعفر بن على وأراد أن لا يكون لأحد معه فى المغرب ولاية. فأنفذ المعز لدين الله إليه يستدعيه، فلم يأت ولم يمتنع. فأرسل إليه ثانية فرجا الصقلبى. فلما بقى بين فرج وجعفر مقدار مرحلة، وكان فى المسيلة فخرج «2» منها وأظهر المسير إلى المعز. ثم مال بعسكره ومعه السلاح والأموال ومضى إلى زتاتة. وخلع الطاعة، وأظهر أن الذى حمله على ذلك عداوة زيرى بن مناد لأنه كان
يؤذيه فى أعماله «1» . ووصل فرج الصقلبى إلى المسيلة، فأخبروه بخبر جعفر.
قال: ولما وصل جعفر إلى زناتة، قبلوه أحسن قبول، وقدموه على أنفسهم. فبلغ الخبر زيرى، فبادر بالخروج إلى جعفر. وزحف إليه فى عسكر عظيم من صنهاجة وغيرها، وذلك فى شهر رمضان من السنة. وزحف جعفر فى زناتة والتقوا واقتتلوا قتالا شديدا. فكبا بزيرى فرسه فسقط. إلى الأرض. وكانت جولة عظيمة، وقطعت قدامه خمسمائة يمين ثم قتل. وبعث جعفر بن على أخاه يحيى إلى الحكم صاحب الأندلس يبشره بقتل زيرى. ثم أحس جعفر أن زناتة يريدون الغدر به وأنهم ندموا على قتل زيرى، فاحتال لنفسه ودخل الأندلس.
قال: وكان زيرى حسن السيرة فى الرعية والتجار.
وكان له آشير التى بناها، وأعطاه المنصور تاهرت وأعمالها وباغاية وأعمالها. وكان شديدا على البربر. وأقام على ذلك ستا وعشرين سنة. ورزق من الأولاد ما يزيد على المائة،