الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم سار إلى كنيسة المسلقين «1» . فلقيه طائفة من بطارقة سرقوسة فسألوه الأمان خديعة ومكرا. واجتمع أهل الجزيرة إلى قلعة الكرّاث وجمعوا فيها جميع أموال أهل الجزيرة. وذل أهل سرقوسة وألقوا بأيديهم. فلما شاهد ذلك فيمى داخلته حمية الكفر. فأرسل إليهم أن يثبتوا وأن يجدوا فى الحرب ويستعدوا. وأقام القاضى أسد فى موضعه أياما. وتبين له «2» أنهم مكروا به حتى أصلحوا حصنهم وأدخلوا إليه جميع ما كان فى الرّبض «3» وفى الكنائس من الذهب والفضة والميرة. فتقدم وناصبهم القتال. وبث السرايا فى كل ناحية فغنموا وسبوا سبيا «4» كثيرا. وأتوه بالسبى والغنائم وأتته الأساطيل من إفريقية والأندلس. وشدد القاضى الحصار على مدينة سرقوسة. فسألوه الأمان فأراد أن يفعل. فأبى عليه المسلمون وعاودوا الحرب. فمرض القاضى أسد فى خلال ذلك، ومات فى شعبان سنة ثلاث عشرة ومائتين.
ذكر ولاية محمد بن أبى الحوارى
«5»
قال: ولما توفى القاضى أسد بن الفرات، ولى المسلمون على أنفسهم محمد بن أبى الحوّارى، فضيق على أهل سرقوسة. فوصل
من القسطنطينية أسطول كبير «1» وعساكر فى البر. فعزم المسلمون على العود إلى إفريقية، فرحلوا عن سرقوسة وأصلحوا مراكبهم «2» وركبوها. فوقفت مراكب الروم على المرسى الكبير «3» ومنعوهم من الخروج.
فأحرق المسلمون مراكب نفوسهم. ورحلوا إلى حصن مناو «4» ومعهم فيمى. فملكوا الحصن وسكنوه.
وملكوا حصن جرجنت «5» وسكنه طائفة من المسلمين.
ثم خرج فيمى إلى قصريانة، فخرج إليه أهلها وبذلوا له الطاعة وخدعوه. وقالوا له:«نكون نحن وأنت والمسلمون على كلمة واحدة ونخلع طاعة الملك» . وسألوه أن يرجع عنهم ذلك اليوم لينظروا فيما يصالحون عليه. فرجع عنهم يومه ذلك. ثم جاءهم فى الغد فى نفر يسير. فخرجوا يقبلون الأرض بين يديه، وكانوا قد دفنوا سلاحا فى تلك البقعة. فلما قرب منهم، أخرجوا السلاح وثاروا به فقتلوه.
ثم وصل تودط البطرك «6» من القسطنطينية فى عساكر عظيمة
من الأرمن «1» وغيرهم، وتوجه إلى قصريانة. وخرج بمجموعه «2» للقاء المسلمين. فالتقوا فانهزم تودط. وقتل من عسكره خلق كثير، وأسر من بطارقته تسعون «3» بطريقا. ثم توفى محمد بن أبى الحوارى فى أول سنة أربع عشرة ومائتين.
فولى المسلمون عليهم زهير بن برغوث «4» . وكان بينه وبين تودط حروب كثيرة. وحاصر المسلمين فى حصنهم وضاقت عليهم الميرة وقلّت الأقوات حتى أكلوا دوابهم. ولم يزالوا كذلك حتى قدم أصبغ بن وكيل الهوارى فى مراكب كثيرة من الأندلس قد خرجوا غزاة، وقدم سليمان بن عافية الطرطوشى «5» بمراكب. فأرسل المسلمون إليهم وسألوهم النصرة، وأرسلوا إليهم دواب. فخرجوا وقصدوا تودط، وهو مقيم على مناو. فانصرف إلى قصريانة وارتفع الحصار عن المسلمين، وذلك فى جمادى الآخرة سنة خمس «6» عشرة ومائتين.