الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر وفاة أبى عبد الله محمد وشىء من أخباره
كانت وفاته بمدينة مراكش لعشر خلون، وقيل: لخمس خلون من شعبان سنة عشر «1» وستمائة. فكانت ولايته خمس عشرة سنة وشهورا.
وكان شديد الصمت، بعيد الغور، كثير الإطراق، حليما، شجاعا، عفيفا عن الدماء، قليل الخوض فيما لا يعنيه، إلا أنه كان نحيلا «2» ألثغ.
وكان له من الأولاد يوسف، وهو ولى عهده، ويحيى، وإسحاق توفى يحيى فى حياته.
ولما مات ولى بعده ابنه يوسف.
ذكر ولاية يوسف بن محمد بن يعقوب ابن يوسف بن عبد المؤمن بن على
كانت ولايته بعد وفاة أبيه فى شعبان سنة عشر وستمائة، وعمره يوم ذاك ست عشرة سنة. وقام ببيعته من القرابة أبو موسى عيسى ابن عبد المؤمن عم جده، الذى دخل عليه الميورقيون بجاية، وهو آخر من بقى من ولد عبد المؤمن لصلبه، وأبو زكريا يحيى بن عمر بن عبد المؤمن. بويع له البيعة الخاصة فى يومى الخميس والجمعة،
بايعه أشياخ الموحدين والقرابة. وفى يوم السبت أذن للناس عامة وأبو عبد الله بن عياش الكاتب قائم على رأسه يقول للناس:
«تبايعون أمير المؤمنين ابن أمير المؤمنين «1» ، على ما بايع عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من السمع والطاعة فى المنشط والمكره واليسر والعسر، والنصح له ولولاته ولعامة المسلمين، هذا ماله عليكم. ولكم عليه أن يحمى ثغوركم «2» ، وأن لا يدخر عنكم شيئا مما نعمكم مصلحته، وأن يعجل لكم عطاءكم. وأن لا يحتجب دونكم. أعانكم الله على الوفاء، وأعانه على ما قلده من أموركم» قال المؤرخ: ولما مضى من ولاية يوسف هذا أربعة أشهر، قبض على رجل كان قد ثار عليهم اسمه عبد الرحمن، ادعى أنه من أولاد العاضد من خلفاء المصرين «3» . وكان خروجه فى زمن أبيه محمد بن يعقوب، والتفّت عليه ببلاد صنهاجة جماعة كبيرة «4» .
وكان كثير الإطراق والصمت، حسن الهيئة. وقصد سجلماسة فى حياة محمد بن يعقوب فى جيش عظيم. فخرج إليه متوليها سليمان بن عمر بن عبد المؤمن. فهزمه عبد الرحمن هذا، وأعاده إلى سجلماسة أسوأ عود. ولم يزل يتنقل فى قبائل البربر ولا تثبت عليه جماعة لأنه غريب البلد، حتى قبض عليه بظاهر فاس.
فضربت عنقه وصلب، ووجّه برأسه إلى مراكش.