الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر ولاية أبى الفتوح يوسف بلكين بلاد المغرب
وهو أول ملوك بنى زيرى. وذلك أن المعز لدين الله أبا تميم معد بن المنصور بنصر الله بن القائم بأمر الله بن المهدى لما توجه من المنصورية إلى ديار مصر فى سنة إحدى وستين وثلاثمائة بعد أن فتحها القائد جوهر له توجه بجميع من كان فى قصره وأهل بيته. ورحل معه يوسف إلى سردانية، فسلم إليه إفريقية وأعمالها وسائر أعمال المغرب، وذلك فى يوم الأربعاء لسبع بقين من ذى الحجة سنة إحدى وستين وثلاثمائة. وأمر سائر الناس بالسمع والطاعة له. وفوض إليه جميع الأعمال إلا جزيرة صقلية فإنها كانت بيد أبى القاسم على بن حسن بن على ابن أبى الحسين، وكذلك طرابلس فإن المعز جعل عليها عند وصوله إليها عبد الله بن يخلف الكتامى فلم تزل بيده إلى أن توفى المعز. ثم سلمها ابنه نزار إلى يوسف هى وسرت وما والاهما فى سنة سبع وستين وثلاثمائة، بسؤال يوسف لذلك.
قال: ولما ولى المعز يوسف، ولى أيضا أبا مضر زيادة الله بن عبيد الله بن القديم نظر الدواوين بسائر كور إفريقية.
وقال ليوسف عند وداعه: «إنى تركت زيادة الله بن القديم عونا لك على جميع الأموال بإفريقية، كبّره» .
وأوصاه وصايا كثيرة كان آخرها أن قال له:
«يا يوسف، إن نسيت مما أوصيتك به فلا تنس ثلاثة أشياء: لا ترفع الجباية عن أهل البلاد «1» ، ولا ترفع السيف عن البربر، ولا تولّ أحدا من إخوتك فإنهم يرون أنهم أحق بهذا الأمر منك، واستوص بأبى مضر خيرا «2» » .
ثم ودعه يوسف ورجع. فكان دخوله إلى المنصورية فى يوم الخميس لإحدى عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة اثنتين وستين وثلاثمائة. فنزل بقصر السلطان وخرج إليه أهل القيروان وتلقوه، وأظهروا الفرح بمقدمه والبشر والسرور. فأخرج العمال «3» وجباة الأموال إلى سائر البلدان، وعقد الولايات للعمال.
فاستقامت الأمور بحسن تدبيره.
ولما رتب ذلك كله رحل إلى المغرب فى شعبان من السنة. فوصل إلى باغاية فولى عليها عاملا، وأمره أن يلطف بأهلها. ففعل. فدخلوا فى الطاعة. ثم خالفوا فقاتلهم العامل، فتحصنوا بمدينتهم. فهم يوسف أن يرجع إليهم، فوافاه رسول خلوف «4» بن محمد عامله على تيهرت يذكر أن أهلها خالفوا. فسار إليهم وقاتلهم.
ودخل البلد بالسيف فى شهر رمضان، فقتل وسبى ونهب وأحرق البلد.