الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من قبائل صنهاجة لأن كل قبيل كان يطمع أن يكون القائم منهم «1» .
فلما تحققوا أنه القائم اجتمعت القبائل من صنهاجة على زيرى وحاربوه. وطالت الحرب بينهم فظفر بهم وقتل وسبى ورجع بالغنائم إلى الجبل.
فلما سمعت بذلك زناتة، اجتمعوا وتحالفوا وكاتبوا من كان خالفه من صنهاجة وحالفوهم على حرب زيرى. فاتصل ذلك به فخرج إليهم وضرب على زناتة بأرض مغيلة فى الليل وهم مطمئنون، فقتلهم وسباهم، وقطع منهم رؤوسا كثيرة.
وخرج إلى جبل تيطرى وقد امتلأت أيدي أصحابه من الغنائم، وأخذ من خيلهم ثلاثمائة فرس فحمل أصحابه عليها. وشاع خبره فى سائر أقطار المغرب وتسامع الناس به، فعظموا أمره واستهالوه.
واجتمع إليه كل من فيه منعة. فكثر أصحابه وضاق بهم المتسع.
فقالوا له: «لو رأيت مكانا أوسع من مكاننا هذا» . فأتى إلى موضع آشير، وهو إذ ذاك خال ليس فيه ساكن وفيه عيون، فاستحسنه.
ذكر بناء مدينة آشير
قال: ولما نظر زيرى إلى موضعها قال لأصحابه:
«هذا موضعكم الذى يصلح أن تسكنوه» وعزم على بنائها، وذلك فى سنة أربع وعشرين وثلاثمائة «2»
أيام القائم بأمر الله بن المهدى. قال: وأمر زيرى بإحضار البنائين والنجارين من حمزة والمسيلة وطبنة. وبعث إلى القائم بأمر الله فى طلب صناع. فبعث إليه برجل لم يكن بإفريقية أعلم منه. وأعانه بعدة كثيرة من الحديد وغيره.
وشرع زيرى فى البناء إلى أن كملت المدينة.
وكانت زناتة قد استطالت على أهل تلك الناحية من أيام بنى الأغلب ثم تزايد ضررهم فى أيام المهدي والقائم.
فلما سمع القائم ببناء زيرى هذه المدينة، حمد الله لى ذلك وقال:«مجاورة العرب خير لنا من مجاورة البربر» .
وأعانه وساعده. ثم خرج زيرى إلى طبنة والمسيلة وحمزة، فنقل منها وجوه الناس إلى مدينة آشير.
فعمرت وجاءت حصنا منيعا لا يقاتل إلا من شرقيها- يحميها عشرة من الرجال، ولو لم يكن عليها سور لاستغنت بعلوها عن السور. وفى وسطها عينان تجريان بماء عذب غزير. وامتلأت البلد بالعلماء والفقهاء والتجار.
وتسامع الناس بها. ولم يكن الناس إذ ذاك يتعاملون بالذهب والفضة وإنما بالبعير والبقرة والشاة، فضرب زيرى السكة. وبسط. العطاء فى الجند، وجعل لهم الأرزاق. فكثرت الدنانير والدراهم فى أيدي الناس.
واطمأنت نفوس أهل البادية للحرث «1» والزراعة.
وصانهم زيري مما كان ينالهم من زناتة. وتمكنت العداوة بين صنهاجة وزناتة.
ثم خرج زيري إلى المغرب، وولى أخاه ما كسن بن مناد على آشير. فلما وصل إلى جراوة، خرج إليه صاحبها موسى بن أبى العافية، وكان واليا عليها لعبد الرحمن بن محمد الأموي صاحب قرطبة، بهدية سنية وجوار وغير ذلك. وقال له:«يا مولاي، إنما استعملت نفسى لبنى أمية لأرهب بهم على زناتة، وإذ قد أتانى الله بك وجمع بينى وبينك فأنا عبدك، ومنقطع إليك، وغوثك «2» .
أنت منى قريب، وسيف قريب من أمنع من سيف بعيد» .
فقربه زيرى وأدناه وقال له: «اكتب إلى بما يعن لك.
فأنا أمدك بالعساكر متى أردت» . فشكا إليه من غمارة وقال: «إنهم قوم على غير مذهب يبيحون المحارم. وقام فيهم رجل يدّعى النبوة، وسنّ سننا من المنكرات» .
فرحل زيري إلى غمارة وصحبه موسى، فأوقع بهم. وأخذ الذي يدعى النبوة فوصل به إلى آشير. وجمع عليه الفقهاء فقالوا له:«إن كنت نبيا فما علامة نبوتك؟» . فقال:
«اسمى فى القرآن» . قالوا: «وما اسمك؟» . قال: «اسمى