الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السرايا مع ولاته. فلما مات اجتمع الناس على ولاية العباس بن الفضل فولوه. وكتبوا بذلك إلى الأمير محمد بن الأغلب أمير القيروان فولاه الجزيرة. فكان يخرج بنفسه تارة وبسراياه أخرى. وهو يخرب فى بلاد العدو وينكى، وينال منهم ومن بلادهم، ويصالحونه على الأموال والرقيق.
ذكر فتح قصريانة وهى دار مملكة الروم بجزيرة صقلية
قال المؤرخ: كانت سرقوسة دار ملك الجزيرة إلى أن فتح المسلمون بلرم.
فانتقل الروم إلى قصريانة لحصانتها وجعلوها دار ملكهم. فلما كان فى سنة أربع وأربعين «1» ومائتين، خرج العباس بن الفضل فوصل إلى قصريانة وسرقوسة. وأخرج أخاه عليا فى المراكب الحربية فى البحر. فلقيه الإقريطشى فى أربعين شلنديا. فقاتلهم أشد قتال، فهزمهم وأخذ منهم عشر شلنديات برجالها، ورجع.
ثم سير العباس سرية إلى قصريانة فغنموا وقدموا بعلج. فأمر العباس بقتله، فقال له العلج:«استبقنى ولك عندى نصيحة» .
فخلا به وسأله: «ما النصيحة؟» فقال: «أدخلك قصريانة
فعند ذلك خرج العباس فى كانون فى أنجاد «1» رجاله، والعلج معه، وهو فى ألف فارس وسبعمائة راجل «2» ، فجعل على كل عشرة مقدما. ثم سار بهم ليلا حتى نزل على مرحلة من جبل الغدير.
وقدم عمه رباحا «3» فى خيار أصحابه. وأقام هو بموضعه وهو مستتر»
. ومضى عمه رباح بمن معه يدبون دبيبا حتى صاروا إلى جبل المدينة، والعلج معهم. فأراهم الموضع الذى ينبغى أن توضع عليه السلاليم. فتلطفوا فى الصعود إلى الجبل، وذلك الوقت قريب الصبح وقد نام الحرس. فلما وصلوا إلى السور، دخلوا من خوخة كانت فى السور يدخل منها الماء. ووضعوا السيف.
وفتحوا الأبواب. وأقبل العباس يجد السير. وقصد باب المدينة، ودخلها صلاة الصبح من يوم «5» الخميس لأربع عشرة ليلة بقيت «6» من شوال. وقتل من وجد بها من المقاتلة، وكان بها بنات البطارقة وأبناء ملوك الروم. فوجد المسلمون بها ما لا يحصى من الأموال.
وبنى العباس فيها مسجدا فى يومه، ونصب فيه «7» منبرا، وخطب عليه الخطيب يوم الجمعة.
وما زال العباس يداوم الغزو بنفسه إلى أن توفى فى يوم الجمعة
لثلاث خلون من جمادى الآخرة سنة سبع «1» وأربعين ومائتين.
فكانت ولايته إحدى عشرة سنة.
قال: ولما مات العباس، ولّى الناس على أنفسهم أحمد بن يعقوب «2» .
ثم ولوا عبد الله بن العباس، وكتبوا إلى أمير القيروان. فولى خمسة أشهر.
ثم وصل إليهم خفاجة بن سفيان فى سنة ثمان وأربعين ومائتين.
ودام الغزو إلى أن اغتاله رجل من جنده عند منصرفه من غزاة فقتله.
وذلك فى يوم الثلاثاء مستهل شهر رجب «3» سنة خمس وخمسين ومائتين. ويقال: إن الذى قتله خلفون بن أبى زياد الهوارى.
قال: ولما قتل خفاجة، ولى الناس على أنفسهم ابنه محمد بن خفاجة. ثم أتته الولاية من قبل أمير القيروان. ثم قتله خدامه الخصيان لثلاث خلون من شهر رجب سنة سبع وخمسين ومائتين وهربوا. فأخذوا وقتلوا.
فولى الناس عليهم محمد بن أبى الحسين «4» ، وكتبوا إلى
إفريقية. فبعث أمير إفريقية بولايتها إلى رباح بن يعقوب «1» .
وولّى الأرض الكبيرة «2» عبد الله بن يعقوب. فمات رباح فى المحرم سنة ثمان وخمسين ومائتين. ومات بعده أخوه فى صفر من السنة.
فولى الناس عليهم أبا العباس بن عبد الله بن يعقوب «3» فأقام أشهرا «4» ثم مات. فولوا أخاه «5» .
ثم ولى الحسين بن رباح «6» من قبل أمير إفريقية.
ثم عزله واستعمل عبد الله بن محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن الأغلب فى شوال سنة تسع وخمسين ومائتين.
ثم عزله وولى أبا مالك أحمد بن عمر بن عبد الله بن [إبراهيم]«7» ابن الأغلب المعروف بحبشى. فبقى متوليا عليها ستا وعشرين سنة.
ثم وليها أبو العباس بن إبراهيم بن أحمد فى سنة سبع «8» وثمانين ومائتين. فأقام إلى أن انخلع له أبوه إبراهيم بن أحمد
من الملك، فرده إلى إفريقية. وسار إبراهيم إلى صقلية وغزا بنفسه، كما ذكرناه فى أخباره آنفا «1» . ومات فى الغزو.
ثم وليها محمد بن السرقوسى مولى إبراهيم بن أحمد «2» .
ثم ولى على بن أبى الفوارس «3» فى سنة تسعين ومائتين.
«4» فأقام بها إلى سنة خمس وتسعين ومائتين «5» . فعزله زيادة الله.
واستعمل أحمد بن أبى الحسين بن رباح «6» .
ثم بلغ أهل صقلية تغلب أبى عبد الله الشيعى على بلاد إفريقية.
فوثب أهل صقلية على أحمد، وانتهبوا ماله وحبسوه. وولوا عليهم على بن أبى الفوارس لعشر من شهر رجب سنة ست وتسعين ومائتين. وأرسلوا ابن أبى الحسين إلى أبى عبد الله الشيعى.
وكتبوا إليه كتابا يسألونه إبقاء علىّ عليهم، فأجابهم إلى ذلك.
وكتب إليه أن يغزو برا وبحرا. وكان أحمد بن أبى الحسين آخر ولاة بنى الأغلب بصقلية.
وكان لكل واحد من الولاة الذين ذكرناهم غزوات وسرايا وجهاد فى العدو.
قال: ولما ولى المهدى بعد بنى الأغلب، كتب إليه ابن أبى الفوارس
يستأذنه فى القدوم إلى إفريقية، فأذن له فخرج إليه. فلما وصل حبسه برقادة.
ذكر ولاية حسن بن أحمد «1» بن أبى خنزير
كانت ولايته من قبل المهدى. فوصل إلى صقلية فى عاشر ذى الحجة سنة سبع وتسعين ومائتين. فثار به أهل المدينة فى سنة ثمان وتسعين «2» وقبضوا عليه. وكان سبب ذلك أن عماله جاروا على الناس. واتفق أنه صنع طعاما ودعا إليه وجوه الناس.
فلما صاروا عنده زعم بعضهم أنه رأى عبيده يتعاطون السيوف المسلولة. فخافوا وفتحوا طاقات المجلس وصاحوا: «السلاح، السلاح» . فثار إليهم الناس، واجتمعوا حول الدار، وأطلقوا النار فى الأبواب. فأخرج إليهم من كان عنده من وجوه الناس، وأنكر أن يكون أراد بهم سوءا فلم يقبلوا منه وتألبوا عليه. فوثب من داره إلى دار رجل من جيرانه فسقط فانكسر ساقه. فأخذوه وحبسوه. وكتبوا بذلك إلى المهدى. فعزله واغتفر فعلهم. وضبط المدينة خليل صاحب الخمس «3» .
ثم استعمل المهدى على بن عمر البلوى. فوصل إلى المدينة لثلاث بقين من ذى الحجة سنة تسع وتسعين ومائتين. فلم يرض أهل صقلية سيرته، وكان شيخا هينا لينا رفيقا بالرعية. فألب