الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابن معروف، وهم أمراء بنى رياح وساداتهم، فأنزلهم المعز، وأكرمهم وأحسن إليهم. فخرجوا من عنده ولم يجازوه بما فعل معهم بل شنوا الغارات على البلاد، وقطعوا على الرفاق، وأفسدوا الزرع «1» ، وقطعوا الأشجار، وحاصروا المدن. فضاق الناس وساءت أحوالهم وانقطعت أسفارهم. وحل بإفريقية من البلاء ما لم ينزل بها مثله قط.
ذكر الحرب بين المعز والعرب وانتصار العرب عليه
قال: ولما كان من أمرهم ما ذكرناه، احتفل المعز وجمع العساكر. وخرج فى ثلاثين ألف فارس ومثلهم «2» رجالة «3» .
وسار حتى انتهى إلى جندران «4» ، وهو جبل على مسيرة ثلاثة أيام من القيروان. وكانت عدة العرب ثلاثة آلاف فارس «5» .
فلما شاهدوا عساكر صنهاجة هالهم ذلك. فقال مؤنس بن يحيى المرداسى: «يا وجوه العرب، ما هو يوم فرار» . فقالوا: «أين
نطعن هؤلاء وقد لبسوا الكازغندات «1» والمغافر؟» فقال أمير منهم: «فى أعينهم» . فسمى من ذلك اليوم «أبا العينين» «2» .
والتقوا والتحم القتال وحميت الحرب، فاتفقت صنهاجة على الهزيمة. وتركوا المعز مع العبيد حتى يرى فعلهم ويقتل أكثرهم، وبعد ذلك يرجعون على العرب. فانهزمت صنهاجة، وثبت المعز والعبيد. ووقع القتل فيهم، فقتل منهم خلق كثير. وحاولت صنهاجة الرّدة على العرب فلم يمكنهم، واستمرت الهزيمة. وقتل من صنهاجة أمة عظيمة. وانهزم المعز ودخل القيروان مهزوما على كثرة من كان معه وقلة العرب. واحتوت العرب على الخيل والعدد والمخيّم والأثقال والأموال. وفيها يقول الشاعر «3» :
وإنّ ابن باديس لأفضل ما لك
…
ولكن لعمرى ما لديه رجال «4»
ثلاثون ألفا منهم غلبتهم
…
ثلاثة آلاف إنّ ذا لمحال «5»
قال: ولما كان يوم عيد النحر من السنة، جمع المعز سبعة وعشرين ألف فارس. وهجم على العرب وهم فى صلاة العيد.
فقطعت العرب الصلاة وركبوا خيولهم. فانهزمت صنهاجة وقتل منهم خلق كثير.
ثم جمع المعز وخرج فى صنهاجة وزنانة فى جمع عظيم. فلما أشرف على بيوت العرب، ركبت خيولها وهم زغبة وعدى، وكانوا سبعة آلاف. والتقوا واقتتلوا فانهزمت صنهاجة، وولى كل رجل منهم إلى منزله. ثم انهزمت زناتة وكان أميرها المنصور «1» ابن خزرون. وثبت المعز فيمن كان حوله من عبيده ثباتا ما سمع بمثله، ثم رجع إلى المنصورية. وأحصى من قتل من صنهاجة فى ذلك اليوم فكانوا ثلاثة آلاف وثلاثمائة «2» .
ثم أقبلت العرب حتى نزلوا بمصلى القيروان. ووقعت الحرب فقتل من أهل رقادة والمنصورية خلق كثير. فلما رأى المعز ذلك ذهب إلى رفع الحرب بينهم، وعلم عكس الدولة، وظن أنهم راجعون. فأباح لهم دخول القيروان لما يحتاجون إليه من بيع وشراء. فلما دخلوا، استطال عليهم العامة وأهانوهم. فوقع «3» بينهم حرب كانت الغلبة فيها للعرب.
قال وكانت الكسرة الأولى على المعز فى سنة ثلاث وأربعين والثانية فى سنة أربع وأربعين وأربعمائة.