الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فعزم زهير بن قيس على قتال البربر فخالفه بعض أصحابه «1» ففارق القيروان، وسار إلى برقة وأقام بها. وتبعه أكثر الناس. وأما كسيلة فاجتمع إليه جمع كبير «2» فقصد القيروان وبها أصحاب الأثقال والذرارى من المسلمين. فطلبوا الأمان من كسيلة فأمّنهم.
ودخل القيروان واستولى على إفريقية. وأقام بها إلى أن قوى أمر عبد الملك بن مروان. فذكر عنده أمر القيروان ومن بها من المسلمين.
فأشار عليه أصحابه بإنفاذ الجيوش إليها، ليستنقذها من يد كسيلة.
فاستعمل عليها زهير بن قيس «3» .
ذكر ولاية زهير بن قيس البلوى وقتل كسيلة البربرى
قال: ولما أشير على عبد الملك بن مروان بإرسال الجيش إلى إفريقية، قال:«لا يصلح للطلب بثأر عقبة بن نافع من المشركين إلا من هو مثله فى دين الله عز وجل» . فاتفق رأيهم على زهير بن قيس، وقالوا:«هو صاحب عقبة وأعرف الناس بسيرته وأولاهم بطلب ثأره» . وكان زهير ببرقة مرابطا منذ قفل من إفريقية. فكتب إليه عبد الملك بالخروج على أعنّة الخيل إلى إفريقية. فكتب إليه زهير يستمده بالرجال والأموال. فوجه إليه بالأموال ووجوه أهل الشام.
فلما وصل ذلك إليه أقبل إلى إفريقية فى عسكر عظيم، وذلك فى سنة تسع وستين «1» . فبلغ خبره كسيلة فجمع البربر «2» وتحول عن القيروان إلى ممش «3» . وجاء زهير فأقام بظاهر القيروان «4» ثلاثة أيام حتى استراح وأراح. ثم رحل إلى كسيلة. والتقيا واشتد القتال وكثر القتل فى الفريقين. فأجلت الحرب عن قتل كسيلة وجماعة من أصحابه. وانهزم من بقى منهم. فتبعهم الجيش فقتلوا من أدركوه.
وعاد زهير إلى القيروان. فرأى ملك إفريقية ملكا عظيما، فقال:«إنما أحببت الجهاد، وأخاف أن أميل إلى الدنيا فأهلك» . وكان عابدا زاهدا. فترك بالقيروان عسكرا ورحل فى جمع كبير «5» يريد المشرق. وكان قد بلغ الروم بالقسطنطينية مسيره من برقة إلى إفريقية وخلوها، فخرجوا إليها فى مراكب كثيرة من جزيرة صقلية «6» .
فأغاروا على برقة وقتلوا ونهبوا. ووافق ذلك قدوم زهير من إفريقية فقاتلهم بمن معه أشدّ قتال. وترجل هو ومن معه وقاتلوا فعظم الخطب.
وتكاثر الروم عليهم فقتل زهير وأصحابه، ولم ينج منهم أحد «7» .
وعاد الروم بما غنموه إلى القسطنطينية.