الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالنار ثم انسفه فى اليم نسفا» . فأمر به يوسف فأحرق ثم رضّه وحمله فى سفينة. ثم ذراه فى الفرات «1» . وأما يحيى فإنه لما قتل صلب بالجوزجان. فلم يزل مصلوبا حتى ظهر أبو مسلم الخراسانى واستولى على خراسان، فأنزله وصلّى عليه ودفنه. وأمر بالنياحة عليه فى خراسان. وأخذ أبو مسلم ديوان بنى أمية، وعرف منه أسماء من حضر قتل يحيى. فمن كان حيا قتله، ومن كان ميتا خلفه فى أهله بسوء.
وكانت أم يحيى بن زيد ريطة بنت عبد الله بن محمد بن الحنفية.
وكان مقتل يحيى فى سنة خمس وعشرين ومائة.
هذا ما كان من خبر زيد وابنه يحيى، ثم ظهر عبد الله بن معاوية فكان من خبره ما نذكره إن شاء الله تعالى.
ذكر ظهور عبد الله بن معاوية بن عبد الله ابن جعفر بن أبى طالب
«2»
كان ظهوره بالكوفة فى سنة سبع وعشرين ومائة، فى أيام مروان بن محمد الحمار بن مروان، ودعا إلى نفسه. وكان سبب ذلك أنه قدم على عبد الله بن عمر بن عبد العزيز والي الكوفة «3»
فأكرمه وأجازه «1» ، وأجرى عليه وعلى إخوته كل يوم ثلاثمائة درهم.
فكانوا كذلك حتى هلك يزيد بن الوليد وبايع الناس أخاه إبراهيم بن الوليد وبعده عبد العزيز بن الحجاج بن عبد الملك.
فلما بلغ خبر بيعتهما عبد الله بن عمر بالكوفة بايع لهما الناس، وزاد فى العطاء، وكتب ببيعتهما إلى الآفاق، فجاءته البيعة. ثم بلغه امتناع مروان بن محمد بن البيعة ومسيره من الشام إليهما، فحبس عبد الله بن معاوية عنده، وزاده فيما كان يجريه عليه، وأعده لمروان بن محمد إن هو ظفر بإبراهيم بن الوليد، ليبايع له ويقاتل به مروان. فماج الناس وورد مروان الشام وظفر بإبراهيم.
فانهزم إسماعيل بن عبد الله القسرى إلى الكوفة مسرعا، وافتعل كتابا على لسان إبراهيم بإمرة الكوفة، وجمع اليمانية وأعلمهم ذلك فأجابوه. وامتنع عبد الله بن عمر بن عبد العزيز عنه «2» وقاتله.
فلما رأى إسماعيل الأمر كذلك، خاف أن يظهر أمره ويفتضح ويقتل، فقال لأصحابه:«إنى أكره سفك الدماء فكفوا أيديكم» .
فكفوا وظهر أمر إبراهيم وهربه.
ووقعت العصبية بين الناس. وكان سببها أن عبد الله بن عمر كان قد أعطى مضر وربيعة عطايا كثيرة. ولم يعط. جعفر بن نافع بن لقعقاع بن شور الذهلى وعثمان بن الخيبرى «3» من تيم اللات
ابن ثعلبة شيئا، وهما من ربيعة، فكانا مغضبين وغضب لهما ثمامة بن حوشب بن رويم الشيبانى. وخرجوا من عند عبد الله بن عمر وهو بالحيرة إلى الكوفة، فنادوا:«يا آل ربيعة» فاجتمعت ربيعة وتنمروا «1» . وبلغ الخبر عبد الله بن عمر فأرسل إليهم أخاه عاصما. فأتاهم وهم بدير هند. فألقى نفسه بينهم وقال: «هذه يدى لكم فاحكموا» . فاستحيوا ورجعوا وعظّموا عاصما وشكروه.
فلما كان المساء، أرسل عبد الله بن عمر إلى عمر بن الغضبان بن القبعثرى بمائة ألف، فقسمها فى قومه بنى همام بن مرّة بن ذهل الشّيبانى «2» ، وإلى ثمامة بن حوشب بمائة ألف، فقسمها فى قومه. وأرسل إلى جعفر بن نافع بمال، وإلى عثمان بن الخيبرى بمال.
فلما رأى الشيعة ضعف عبد الله بن عمر، طمعوا فيه ودعوا إلى عبد الله بن معاوية. واجتمعوا فى المسجد، ودعوا إلى عبد الله «3» ابن معاوية، وأخرجوه من داره، ثم أدخلوه القصر. ومنعوا عاصم ابن عمر عن القصر فلحق بأخيه بالحيرة. وجاء ابن معاوية الكوفيون وبايعوه، فيهم عمر بن الغضبان ومنصور بن جمهور وإسماعيل بن عبد الله القسرى أخو خالد. وأقام أياما يبايعه الناس وأتته البيعة من المدائن وفم النيل.
واجتمع إليه الناس، فخرج إلى عبد الله بن عمر بالحيرة.
فقيل لابن عمر: «قد أقبل ابن معاوية فى الخلق» . فأطرق رأسه عليا. وأتاه رئيس خبازيه فأعلمه بإدراك الطعام. فأمر بإحضاره، فأكل هو ومن معه وهو غير مكترث «1» ، والناس يتوقعون أن يهجم عليهم ابن معاوية. وفرغ من طعامه وأخرج المال وفرقه فى قواده.
ثم دعا مولى له كان يتبرك به ويتفاءل باسمه، كان اسمه إما ميمونا وإما رباحا أو فتحا أو اسما يتبّرك به. فأعطاه اللواء وقال:«امض به إلى موضع كذا فاركزه، وادع أصحابك، وأقم حتى آتيك» .
ففعل.
وخرج عبد الله فإذا الأرض بيضاء من أصحاب ابن معاوية.
فأمر عبد الله بن عمر مناديا ينادى: «من جاء برأس فله خمسمائة» .
فأتى برؤوس كثيرة وهو يعطى ما ضمن.
وبرز رجل من أهل الشام، فبرز إليه القاسم بن عبد الغفار العجلى. فسأله الشامى فعرفه. وقال:«قد ظننت أنه لا يخرج إلىّ إلا رجل من بكر بن وائل. والله، ما أريد قتالك ولكنى أحببت أن ألقى إليك حديثا أخبرك أنه ليس معكم رجل من أهل اليمن لا إسماعيل ولا منصور ولا غيرهما إلا وقد كاتب ابن عمر، وكاتبته مضر. وما أرى لكم يا ربيعة كتابا ولا رسولا وأنا رجل من قيس، فإن أردتم الكتاب أبلغته. ونحن غدا بإزائكم، فإنهم اليوم لا يقاتلونكم» . فبلغ الخبر ابن معاوية فأخبر عمر بن الغضبان.
فأشار عليه أن يستوثق من إسماعيل ومنصور وغيرهما، فلم يفعل.
وأصبح الناس [من]«1» الغد غادين على القتال. فحمل عمر بن الغضبان على ميمنة ابن عمر، انكشفوا. ومضى إسماعيل ومنصور من فورهما إلى الحيرة. فانهزم أصحاب ابن معاوية إلى الكوفة وابن معاوية معهم. فدخلوا القصر. وبقى من بالميسرة من ربيعة ومضر، ومن بإزائهم من أصحاب ابن عمر. فقالوا لعمر بن الغضبان:
«ما كنا نأمن عليكم ما صنع الناس بكم، فانصرفوا» . وقال ابن الغضبان: «لا أبرح حتى أقتل» . فأخذ أصحابه بعنان دابته فأدخلوه الكوفة.
فلما أمسوا قال لهم ابن معاوية: «يا معشر ربيعة، قد رأيتم ما صنع الناس بنا، وقد أعلقنا دماءنا فى أعناقكم. فإن قاتلتم قاتلنا معكم وإن كنتم ترون الناس يخذلوننا وإياكم، فخذوا لنا ولهم «2» أمانا» . فقال له عمر بن الغضبان: «إما أن نقاتل معك وإما أن نأخذ لكم أمانا كما نأخذ لأنفسنا فطيبوا نفسا» . فأقاموا فى القصر والزيدية على أفواه السكك يقاتلون أصحاب ابن عمر أياما ثم إن ربيعة أخذت أمانا لابن معاوية ولأنفسهم وللزيدية [ليذهبوا]«3» حيث شاءوا.
وسار ابن معاوية من الكوفة فنزل المدائن، فأتاه قوم من أهل الكوفة «4» . فخرج بهم فغلب على حلوان والجبال وهمذان وأصفهان والرى. وخرج إليه عبيد أهل الكوفة.