الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال أبو القاسم، رحمه الله:
(باب ما تكونُ به الطَّهارةُ [من الماء]
(1))
التَّقديرُ: هذا باب ما تكون به الطهارةُ [من الماء](1)، فحذَف المبتدأَ للعِلْم به، وقوله " [ما تكونُ به] (2) "، أي تحصُل وتحدُث، وهى ها هنا تامَّةٌ غيرُ محتاجةٍ إلى خَبَرٍ، ومتى كانت تامَّةً كانت بمعنى الحدَثِ والحصُولِ، تقول: كان الأمرُ، أي حدَث ووَقَع؛ قال اللهُ تعالى:{وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ} (3): أي: إن وُجِدَ ذو عُسْرَة. وقال الشاعر (4):
إذَا كان الشِّتَاءُ فأدْفِئُونِى
…
فإنَّ الشَّيْخَ يَهْدِمُهُ الشِّتَاءُ (5)
أي إذا جاء الشتاءُ وحَدَث (6).
وفى نُسْخةٍ مَقْروءَة علَى ابنِ عَقِيلٍ (7): (باب ما تجُوز به الطهارةُ من الماء) ومعناهما مُتَقارِبٌ.
والطَّهارةُ في اللغة: النَّزاهةُ عن الأقْذار، وفى الشَّرْعِ: رَفْعُ ما يمنَعُ الصلاة مِن حَدَثٍ أو نجاسةٍ بالماءِ، أو رَفْعُ حُكْمِه بالتُّرابِ. فعند إطْلاقِ لفظِ الطهارة في لَفْظِ
(1) سقط من: الأصل.
(2)
في: م: "تكون الطهارة".
(3)
سورة البقرة 280. وفي م زيادة: {فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ}.
(4)
هو الربيع بن ضبع الفزارى، وكان من المعمرين.
والبيت في: المعمرون، لأبي حاتم السجستانى 10، الجمل، للزجاجى 62، شذور الذهب، لابن هشام 354، الدرر اللوامع، للشنقيطى 1/ 84، وصدره في: همع الهوامع، للسيوطي 1/ 115، 116.
(5)
في م: "يُهْرِمُه". وهى رواية.
(6)
سقط من: م.
(7)
أبو الوفاء على بن عقيل بن محمد البغدادي، أحد الأئمة الأعلام، وكان واسع العلم قوى الحجة، وله مسائل تفرد بها توفى سنة ثلاث عشرة وخمسمائة. ذيل طبقات الحنابلة 1/ 142 - 163، العبر 4/ 29، وانظر: طبقات الحنابلة 2/ 259، وورد اسمه فيه:"على بن محمد بن عقيل".
الشارِع أو كلام الفقهاء ينصرفُ إلى الموضوع الشَّرْعِىِّ [دون اللغوى وكذلك كلُّ مالَه موضوعٌ شَرْعىٌّ ولُغَوىٌّ، إنما ينْصرِف المُطْلَقُ منه إلى الموضوع الشَّرْعِىِّ](8) كالوضوء، والصلاة، والصَّوْمِ، والزَّكاةِ، والحَجّ، ونحوه، لأنَّ الظَّاهرَ مِن صاحبِ الشرع التَّكَلُّمُ بمَوْضُوعاتِه.
والطُّهور - بضَمِّ الطَّاء -: المصدرُ، قالَه الْيَزِيدِىّ (9)
والطَّهُور - بالفَتْح - من الأسماء المتعَدِّيَة، وهو الذي يُطَهِّرُ غيرَه، مثلُ الغَسُول الذي يُغَسَّل به.
وقال بعضُ الحنفيَّة: هو من الأسماء اللَّازمة، بمعنى الطاهر سَواء؛ لأن العَرَبَ لا تُفرَّق بين الفاعل والفَعُول في التَّعَدِّى واللُّزُوم، فما كان فاعِلُه لازمًا كان فَعُولُه لازما، بدليلِ قاعِد وقَعُود، ونائم ونَؤُوم، وضارِب وضَرُوب.
وهذا غيرُ صحيح؛ فإن اللَّه تعالى قال: {لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} (10)، وروى جابر، رضى اللَّه عنه، أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:"أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ نَبِىٌّ قَبْلِى؛ نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لِىَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وطَهُورًا". مُتَّفَقٌ عليه (11)، ولو أراد به الطاهِرَ لم يَكنْ فيه مَزِيَّةٌ؛ لأنَّه طاهِر في حَقِّ كلِّ أحَدِ، وسُئل النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن التَّوَضُّؤ بماءِ البحر؟ فقال:"هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ، الْحِلُّ مَيْتَتُهُ (12) ". ولو لم يكن
(8) سقط من: الأصل.
(9)
أبو محمد يحيى بن المبارك اليزيدى النحوى اللغوى المقرئ، مؤدب الخليفة المأمون، توفى سنة اثنتين ومائتين. تاريخ العلماء النحويين 113 - 120.
(10)
سورة الأنفال 11.
(11)
أخرجه البخاري، في: أول باب من كتاب التيمم، وفى: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، من كتاب الصلاة. صحيح البخاري 1/ 91، 92، 119. ومسلم، في: مواضع الصلاة، من كتاب المساجد. صحيح مسلم 1/ 370، 371. والنسائي، في: باب التيمم بالصعيد، من كتاب الغسل والتيمم، المجتبى من السنن 1/ 172. والدارمى، في: باب الأرض كلها طهور ما خلا المقبرة والحمام، من كتاب الصلاة، وباب الغنيمة لا تحل لأحد قبلنا، من كتاب السير، سنن الدارمي 1/ 322، 323، 2/ 224. والترمذي في: باب ما جاء في الغنيمة، من أبواب السير، عارضة الأحوذى 7/ 42. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 98، 301، 351، 2/ 222، 412، 551، 3/ 304، 4/ 416، 5/ 145، 148، 161، 162، 248، 256.
(12)
أخرجه أبو داود، في: باب الوضوء بماء البحر، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود 1/ 19. والترمذي، في: =