الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بعدَ النِّيَّةِ، لتَشْمَلَ النِّيَّةُ جَمِيعَ واجِبَاتِها، وقبلَ أَفعالِ الطَّهارةِ، ليكونَ مُسَمِّيًا على جَمِيعِها، كما يُسَمِّى على الذَّبِيحةِ قبلَ (13) ذَبْحِها.
18 - مسألة؛ قال: (والمُبالَغَةُ في الاسْتِنْشَاقِ إلَّا أن يَكُونَ صَائِمًا)
مَعْنَى المُبالَغَةِ في الاسْتِنْشَاقِ: اجْتِذابُ الماءِ بالنَّفَس إلَى أَقْصَى الأنْفِ، ولا يَجْعَلُه سَعُوطًا، وذلك سُنَّةٌ مُسْتَحَبَّةٌ في الوُضُوءِ، إلا أن يكُونَ صائِمًا فلا يُسْتَحَبُّ، لا نَعْلَمُ في ذلك خِلَافًا. والأصلُ في ذلك ما رَوَى عاصِمُ بن لَقِيط بن صَبِرَةَ، عن أبيه، قال: قُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّه، أخْبِرْنِى عن الوُضُوءِ. قال:"أَسْبِغ الوُضُوءَ، وخَلِّل بَيْنَ الْأَصَابِعِ، وبَالِغْ في الاسْتِنْشَاقِ إلَّا أنْ تَكُونَ صَائِمًا" رَوَاه أبو داود، والتِّرْمِذِىُّ (1)، وقال: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. ولأنَّه من أَعْضاءِ الطَّهارةِ، فاسْتُحِبَّت المُبَالَغَةُ فيه كَسائِرِ أَعْضائِها.
فصل:
المُبَالَغَةُ مُسْتَحَبَّةٌ في سائِرِ أَعْضاءِ الوُضُوءِ؛ لِقَوْله صلى الله عليه وسلم: "أَسْبِغ الوُضُوءَ". والمُبالَغَةُ في المَضْمَضَةِ إدَارَةُ الماءِ في أَعْماقِ الفَمِ وأقَاصِيهِ وأشْدَاقِهِ، ولا يجعلْه وَجُورًا (2) لم يَمُجَّه، وإن ابْتَلَعَهُ جازَ؛ لأن الغَسْلَ قد حَصَلَ. والمبالَغَةُ في سائِرِ الأَعْضَاءِ بالتَّخْلِيلِ، وبِتَتَبُّعِ المَواضِعِ التي يَنْبُو عنها الماءُ بالدَّلْكِ والعَرْكِ ومُجَاوَزَةِ مَوْضِعِ الوُجُوبِ بالغَسْلِ. وقد رَوَى نُعَيْم بنُ عبد اللَّه (3)، أنه رَأىَ أبا هُرَيْرَةَ يَتَوَضَّأُ، فغَسَلَ وَجْهَهُ ويَدَيْه حتى كادَ أن يَبْلُغَ المَنْكِبَيْن، ثم غَسَلَ رِجْلَيْه
(13) في م: "وقت".
(1)
أخرجه أبو داود، في: باب الاستنثار، من كتاب الطهارة، وفى باب الصائم يصب عليه الماء من العطش ويبالغ في الاستنشاق، من كتاب الصوم. سنن أبي داود 1/ 31، 552. والترمذي، في: باب في تخليل الأصابع، من أبواب الطهارة، وفى: باب ما جاء في كراهية مبالغة الاستنشاق للصائم، من أبواب الصوم. عارضة الأحوذى 1/ 56، 3/ 312.
كما أخرجه النسائي، في: باب المبالغة في الاستنشاق، وباب الأمر بتخليل الأصابع، من كتاب الطهارة. المجتبى 1/ 57، 67. وابن ماجه، في: باب المبالغة في الاستنشاق والاستنثار، وباب تخليل الأصابع، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجه 1/ 142، 153. والإمام أحمد، في: المسند 4/ 33، 211.
(2)
الوجور: الدواء يوجر في الفم.
(3)
المُجْمِر، مولى آل عمر بن الخطاب، كان يجمر المسجد، وهو ثقة. تهذيب التهذيب 10/ 465.