الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قولُه صلى الله عليه وسلم: "الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ وَضُوءُ المُسْلِمِ وإنْ لَمْ يَجِدِ الماءَ عَشْرَ سِنِينَ، فإذَا وَجَدْتَ الماءَ فأَمِسَّهُ جِلْدَكَ (2) ". أخْرَجَهُ أبو داود والنَّسَائِىُّ. دَلَّ بمَفْهُومِه: على أنَّه لا يكونُ طَهُورًا عندَ وُجُودِ الماءِ، وبمَنْطُوقِه على وُجُوبِ إمْسَاسِه جِلْدَهُ عندَ وُجُودِه. ولأنَّه قَدَرَ على اسْتِعْمالِ الماءِ، فبَطَلَ تَيَمُّمُه، كالخَارِجِ مِن الصَّلَاةِ، ولأنَّ التَّيَمُّمَ طَهارةُ ضَرُورَةٍ، فبَطَلَتْ بِزَوَالِ الضَّرُورَةِ كطهارةِ المُسْتَحَاضَةِ إذا انْقَطَعَ دَمُها. يُحَقِّقُه أنَّ التَّيَمُّمَ لا يَرْفَعُ الحَدَثَ، وإنَّما أُبِيحَ لِلْمُتَيَمِّمِ أنْ يُصَلِّىَ مع كَوْنِه مُحْدِثًا؛ لِضَرُورَةِ العَجْزِ عن الماءِ، فإذا وَجَدَ الماءَ زَالَتِ الضَّرُورَةُ، فَظهَرَ حُكْمُ الحَدَثِ كالأصْلِ، ولا يَصِحُّ قِيَاسُهُم؛ فإنَّ الصَّوْمَ هو البَدَلُ نَفْسُه، فنَظِيرُهُ إذا قَدَرَ على الماءِ بعدَ تَيَمُّمِه، ولا خِلافَ في بُطْلَانِه. ثم الفَرْقُ بَيْنَهما أنَّ مُدَّةَ الصِّيَامِ تَطُولُ، فيَشُقُّ الخُرُوجُ منه؛ لِمَا فيه مِنَ الجَمْعِ بينَ فَرْضَيْنِ شَاقَّيْنِ، بخِلَافِ مَسْأَلَتِنا. وقَوْلُهم: إنَّه غيْرُ قادِرٍ. غَيرُ صَحِيحٍ؛ فإنَّ الماءَ قَريبٌ، وآلَتُه صَحِيحَةٌ، والمَوَانِعُ مُنْتَفِيَةٌ، وقَوْلُهم: إنَّه مَنْهِىٌّ عن إبْطَالِ الصَّلَاةِ. قُلْنَا: لا يَحْتَاجُ إلى إبْطَالِ الصَّلَاةِ، بل هِىَ تَبْطُلُ بِزَوَالِ الطَّهارةِ، كما في نَظَائِرِها.
فإذا ثَبَتَ هذا، فمتى خَرَجَ فَتَوَضَّأَ لَزِمَهُ اسْتِئْنَافُ الصلاةِ. وقِيل: فيه وَجْهٌ آخَرُ، أنَّه يِبْنِى على ما مَضَى منها، كالذى سَبَقَهُ الحَدَثُ. والصَّحِيحُ أنَّه لا يَبْنِى؛ لأِنَّ الطَّهَارَةَ شَرْطٌ، وقد فاتَتْ بِبُطْلَانِ التَّيَمُّمِ، فلا يَجُوزُ بَقَاءُ الصَّلَاةِ مع فَوَاتِ شَرْطِها، ولا يَجُوزُ بَقَاءُ ما مَضَى صَحِيحًا مع خُرُوجِهِ منها قبلَ إتْمَامِها (3). وكذا نَقُولُ فِيمَنْ سَبَقَهُ الحَدَثُ. وإنْ سَلَّمْنَا، فالفَرْقُ بينهما أنَّ ما مَضَى مِن الصَّلَاةِ انْبَنَى على طَهَارَةٍ ضَعِيفَةٍ ههُنا، فلم يَكُنْ له البِنَاءُ عليه، كطَهارةِ المُسْتَحاضةِ، بخِلافِ مَنْ سَبَقَهُ الحَدَثُ.
فصل:
والمُصَلِّى على حَسَبِ حَالِه بِغَيْرِ وُضُوءٍ، ولا تَيَمُّمٍ، إذا وَجَدَ ماءً في الصَّلَاةِ، أو تُرَابًا خَرَجَ منها بِكُلِّ حَالٍ؛ لأنَّها صَلَاةٌ بغير طَهَارَةٍ. ويَحْتَمِلُ أنْ
(2) تقدم في صفحات 19، 21، 311.
(3)
في الأصل: "تمامها".