الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل:
والمَضْمَضَةُ: إدَارَةُ الماءِ في الفَمِ. والاسْتِنْشاقُ: اجْتِذَابُ الماءِ بالنَّفَسِ إلى باطِنِ الأَنْفِ. والاسْتِنْثارُ: إخْراجُ الماءِ من أَنْفِه. ولكن يُعَبَّرُ بالاسْتِنْثارِ عن الاسْتِنْشاقِ؛ لِكَوْنِه مِنْ لَوازِمِهِ. ولا يَجِبُ إدارة الماءِ في جَميعِ الفَمِ، ولا إيصَالُ الماءِ إلى جَميعِ باطِنِ الأَنْفِ، وإنما ذلك مُبَالغةٌ مُسْتَحَبَّةٌ في حَقِّ غيرِ الصائِمِ، وقد ذَكَرْناه في سُنَنِ الطَّهارةِ. وإذا أدَارَ الماءَ في فِيهِ فهو مُخَيَّرٌ بين مَجِّهِ وبَلْعِهِ؛ لأنَّ المَقْصُودَ قد حَصَلَ به، فإنْ جَعَلَهُ في فِيهِ يَنْوِى رَفْعَ الحَدَثِ الأصْغَرِ، ثم ذَكَرَ أنه جُنُبٌ، فَنَوَى رَفْعَ الحَدَثَيْنِ، ارْتَفَعَا جَمِيعًا؛ لأنَّ الماءَ لا يَثْبُتُ له حُكْمُ الاسْتِعْمالِ إلا بعد الانْفِصَالِ، ولو كان الماءُ قد لِبَثَ في فِيهِ حتى تَحَلَّلَ مِنْ رِيقِهِ ماءٌ يُغَيِّرُه لَمْ يَمْنَع؛ لأنَّ التَّغَيُّرَ فَى مَحَلِّ الإِزَالَةِ لا يَمْنَعُ، أشْبَهَ ما لَوْ تَغَيَّرَ الماءُ علَى عُضْوِهِ بعَجِينٍ عليه.
فصل: ويُسْتَحَبُّ أن يَتَمَضْمَضَ ويَسْتَنْشِقَ بِيُمْناه، ثم يَسْتَنْثِرَ بيُسْرَاه؛ لِمَا رُوِىَ عن عُثْمانَ، رضىَ اللهُ عنه، أنَّه تَوَضَّأ، فَدَعَا بماءٍ فغَسَلَ يَدَيْه ثَلاثًا، ثم غَرَفَ بيَمِينِه، ثم رَفَعَها إلى فِيهِ، فمَضْمَضَ واسْتَنْشَقَ بكَفٍّ واحدةٍ، واسْتَنْثَرَ بيُسْراهُ، وفَعَل ذلك ثَلاثًا - ثم ذَكَر سائِرَ الوُضُوءِ - ثم قال: إن النبيَّ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ لَنَا كما تَوَضَّأْتُ لَكُم، فمَن كان سائِلًا عَنْ وُضُوءِ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم فهذا وُضُوؤُهُ (17). رَوَاهُ سَعِيدُ بنُ مَنْصُور (18)، بإسنادِهِ. وعن عَلِىٍّ، رضىَ اللهُ عنه، أنَّه أَدْخَلَ يَدَهُ اليُمْنَى في الإِناءِ، فَمَلأَ كَفَّه فتَمَضْمَضَ، واسْتَنْشَقَ، ونَثَرَ بيدِه اليُسْرَى، فَفعَلَ ذلك ثَلاثًا، ثم قال: هذا وُضُوءُ نَبىِّ اللَّه صلى الله عليه وسلم. رَوَاهُ أبُو بَكْر في "الشَّافِى"، والنَّسائِىُّ (19).
(17) أخرجه أبو داود، في: باب صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود 1/ 24، 25.
وانظر: ما أخرجه البخاري، في: باب الوضوء ثلاثا، وباب المضمضة في الوضوء، من كتاب الوضوء. وفى: باب سواك الرطب واليابس للصائم، من كتاب الصوم. صحيح البخاري 1/ 51 - 53، 3/ 40. ومسلم، في: باب صفة الوضوء وكماله، من كتاب الطهارة. صحيح مسلم 1/ 204، 205. والنسائي، في: باب المضمضة والاستنشاق، وباب حد الغسل، من كتاب الطهارة. المجتبى 1/ 56، 57، 68. وابن ماجه، في: باب ثواب الطهور، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجه 1/ 105. والدارمى، في: باب الوضوء ثلاثا، من كتاب الوضوء. سنن الدارمي 1/ 176. والإِمام أحمد، في: المسند 1/ 58 - 61، 67، 68، 74.
(18)
أبو عثمان سعيد بن منصور بن شعبة الخراساني الحافظ، صاحب "السنن"، المتوفى سنة سبع وعشرين ومائتين. سير أعلام النبلاء 10/ 586 - 590.
(19)
أخرجه النسائي، في: باب بأى اليدين يستنثر، وباب غسل الوجه، وباب عدد غسل الوجه، وباب =
ويُسْتَحَبُّ أن يَتَمَضْمَضَ ويَسْتَنْشِقَ مِنْ كَفٍّ واحدةٍ يَجْمَعُ بينهما، قال الأَثْرَمُ: سَمِعْتُ أبا عَبْد اللَّه يُسْئَلُ: أَيُّمَا أَعْجَبُ إليكَ؛ المَضْمَضَةُ والاسْتِنْشَاقُ بِغَرْفَةٍ واحدةٍ، أو كُلُّ واحدةٍ مِنْها عَلَى حِدَةٍ؟ قال: بغَرْفَةٍ واحدةٍ. وذلك لما ذَكَرْنَا من حَدِيثِ عُثْمان وعَلِىٍّ، رَضِىَ اللهُ عنهما. وفي حَدِيثِ عبدِ اللهِ بنِ زَيْدٍ (20)، أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أدْخَلَ يَدَيْه [التَّوْرَ فمَضْمَضَ](21) واسْتَنْثَرَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، يُمَضْمِضُ ويَسْتَنْثِرُ مِنْ غَرْفَةٍ واحدةٍ. رواهُ سَعِيدٌ. وفى لَفْظٍ: تَمَضْمَضَ واسْتَنْثرَ ثَلاثًا ثَلاثًا مِنْ غَرْفةٍ واحدةٍ. رَوَاهُ البُخَارِىُّ. وفى لَفْظٍ: فتَمَضْمَضَ واسْتَنْشَقَ من كَفٍّ واحدةٍ، فَعَلَ ذلك ثَلاثًا. مُتَّفَقٌ عليه. وفى لَفْظٍ، أنه مَضْمَضَ واسْتَنْشَقَ واسْتَنْثَرَ ثَلاثًا بِثَلَاثِ غَرَفاتٍ. مُتَّفَقٌ عليه. وفى لَفْظٍ: فمَضْمَضَ ثَلاثًا (22) واسْتَنْشَقَ ثَلاثًا (22) مِن كَفٍّ واحدةٍ. رواه الأَثْرَمُ، وابن مَاجَه. فإن شاء المُتَوَضِّىءُ تَمَضْمَضَ
= غسل اليدين وباب عدد غسل الرجلين، من كتاب الطهارة. المجتبى 1/ 58 - 60، 68. وأخرجه أبو داود، في: باب صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود 1/ 25، 26. والترمذي، في: باب ما جاء في وضوء النبي صلى الله عليه وسلم كيف كان، من أبواب الطهارة. عارضة الأحوذى 1/ 64. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 78، 82، 83، 110، 113، 123 - 125، 127، 135، 141، 154، 157.
(20)
حديث عبد اللَّه بن زيد برواياته، أخرجه البخاري، في: باب مسح الرأس كله، وباب غسل الرجلين إلى الكعبين، وباب من مضمض واستنشق من غرفة واحدة، وباب مسح الرأس مرة واحدة، وباب الغسل والوضوء في المخضب إلخ، وباب الوضوء من التور، من كتاب الوضوء. صحيح البخاري 1/ 58 - 61. ومسلم، في: باب في وضوء النبي صلى الله عليه وسلم، من كتاب الطهارة. صحيح مسلم 1/ 210، 211. وأبو داود، في: باب صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود 1/ 27. والترمذي، في: باب المضمضة والاستنشاق من كف واحدة، من أبواب الطهارة. عارضة الأحوذى 1/ 46، 47. والنسائي، في: باب حد الغسل، وباب صفة مسح الرأس، من كتاب الطهارة. المجتبى 1/ 61. وابن ماجه، في: باب المضمضة والاستنشاق من كف واحد، وباب ما جاء في مسح الرأس، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجه 1/ 149، 150. والدارمى، في: باب الوضوء مرتين، وباب ما كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يأخذ لرأسه ماءً جديدا، من كتاب الوضوء. سنن الدارمي 1/ 180. والإمام مالك، في: باب العمل في الوضوء، من كتاب الطهارة. الموطأ 1/ 18. والإِمام أحمد، في: المسند 4/ 38، 39، 41، 42. وانظر ما تقدم في المسألة 12، صفحة 105.
(21)
في م: "في التنور فتمضمض".
والتور: القدح. وقيل: الطست.
(22)
سقط من: الأصل.