الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غَسْلُ الأعْضاءِ، فكَيْفَمَا غَسَلَ جَازَ، ولأنها إحْدَى الطَّهَارَتَيْن، فلم تَجِب المُوالاةُ فيها كالغُسْلِ. وقال مالِك: إن تَعَمَّدَ التَّفْرِيقَ بَطَلَ، وإلَّا فَلَا. ولنا ما ذَكَرْنَا مِنْ رِوَايةِ عُمَر، أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلًا يُصَلِّى وفى ظَهْرِ قَدَمِه لُمْعَةٌ قَدْرَ الدِّرْهَمِ لم يُصِبْها الماءُ، فأمَرَه النبيُّ صلى الله عليه وسلم أنْ يُعِيدَ الوُضُوءَ والصَّلاةَ (4). ولَوْ لَمْ تَجِب المُوالاة لأَجْزَأهُ غَسْلُ اللُّمْعَةِ، ولأنها عِبَادَةٌ يُفْسِدها الحَدَثُ، فاشْتُرِطَت لها (5) المُوالاةُ كالصَّلاةِ، والآيةُ دَلَّتْ عَلَى وُجُوبِ الغَسْلِ، والنبىُّ صلى الله عليه وسلم بَيَّنَ كَيْفِيَّتَه، وفَسَّرَ مُجْمَلَه بِفِعْلِهِ وأَمْرِهِ، فإنَّه لَمْ يَتَوَضَّأْ إلَّا مُتَوالِيًا، وأمَرَ تارِكَ المُوالَاةِ بإعادَةِ الوُضُوءِ، وغُسْلُ الجَنابَةِ بِمَنْزِلَةِ غَسْلِ عُضْوٍ واحِدٍ، بخلافِ الوُضوءِ.
فصل:
والمُوَالَاةُ الوَاجِبةُ أن لا يَتْرُكَ غَسْلَ عُضْوٍ حتى يَمْضِىَ زَمَنٌ يَجِفُ فيه العُضْوُ الذي قَبْله في الزَّمَانِ المُعْتَدِل؛ لأنه قد يُسْرِعُ جَفافُ العُضْوِ في بعضِ الزَّمانِ دونَ بَعْضٍ، ولا (6) يُعْتَبَرُ ذلك فيما بين طَرَفَىِ الطَّهارَةِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: فيه (7) روَايةٌ أُخْرَى، إنَّ حَدَّ التَّفْرِيقِ المُبْطِلَ ما يَفْحُشُ في العادَةِ؛ لأنَّه لم يُحَدّ في الشَّرْعِ، فَيُرْجَعُ فيه إلى العادَةِ، كالإِحْرازِ والتَّفَرُّقِ في البَيْعِ.
فصل: وإن نَشِفَتْ أَعْضاؤُهُ لاشْتِغَالِهِ بوَاجِبٍ في الطَّهارَةِ أو مَسْنُونٍ، لم يُعَدّ تَفْرِيقًا، كما لو طَوَّلَ أرْكانَ الصَّلاةِ. قال أحمد: إذا كان في عِلَاجِ الوُضُوءِ فلا بَأْسَ، وإن كانَ لِوَسْوَسَةٍ تَلْحَقُه فكذلك؛ لأنه في عِلَاجِ الوُضُوءِ، وإن كان ذلك لِعَبَثٍ أو شيءٍ زائدٍ علَى المَسْنُونِ وأشْباهِه، عُدَّ تَفْرِيقًا. ويَحْتَمِلُ أن تكونَ الوَسْوَسَةُ كذلك؛ لأنه مُشْتَغِلٌ بما ليس بمَفْرُوْضٍ ولا مَسْنُونٍ.
31 - مسألة؛ قال: (والوُضُوءُ مَرَّةً مَرَّةً يُجْزِىءُ، والثَّلاثُ أَفْضَلُ)
هذا قَوْلُ أَكْثَرِ أهْلِ العِلْمِ، إلَّا أنَّ مالِكًا لم يُوَقِّتْ مَرَّةً ولا ثَلَاثًا، قال: إنَّما قالَ
(4) تقدم في صفحة 186.
(5)
سقط من: م.
(6)
في م: "ولأنه".
(7)
في م: "في".