الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحَمَّالُ: سُئِلَ أبو عبدِ اللَّه عن المَسْحِ على الكَلتة (18)؟ فلم يَرَهُ؛ وذلك لأنَّها لا تَسْتُرُ جَمِيعَ الرَّأْسِ في العادَةِ، ولا تَدُومُ (19) عليه، وأمَّا القَلَانِسُ المُبَطَّناتُ، كدَنِّيَّاتِ (20) القُضاة، والنوميات (21)، فقال إسحاقُ بن إبراهيم، قال أحمدُ: لا يَمْسَحُ على القَلَنْسُوَةِ. وقال ابنُ المُنْذِرِ: ولا نَعْلَمُ أحَدًا قال بالمَسْحِ على القَلَنْسُوَةِ، إلَّا أنَّ أَنَسًا مَسَحَ على قَلَنْسُوَتِهِ؛ وذلك لأنَّها لا مَشَقَّةَ في نَزْعِها، فلم يَجُز المَسْحُ عليها كالكلتة، ولأنَّها أدْنَى مِن العِمَامَةِ غيرِ المُحَنَّكَةِ التي ليستْ لها ذُؤَابَةٌ. وقال أبو بكرٍ الخَلَّالُ: إنْ مَسَحَ إنْسَانٌ على القَلَنْسُوَةِ لم أرَ به بَأْسًا؛ لأنَّ أحمدَ قال، في روَايةِ المَيْمُونِىِّ: أنَا أتَوَقَّاهُ. وإنْ ذَهَبَ إليهِ ذَاهِبٌ لم يُعَنِّفْهُ. قال الخَلَّالُ: وكيف يُعَنِّفُه؟ وقد رُوِىَ عن رَجُلَيْنِ مِن أصْحَابِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، بأسَانِيدَ صِحَاحٍ، ورِجالٍ ثِقاتٍ. فرَوَى الأثْرَمُ، بإسْنَادِهِ، عن عمر، أنَّه قال: إنْ شَاءَ حَسَرَ عن رَأْسِهِ، وإنْ شَاءَ مَسَحَ على قَلَنْسُوَتِه وعِمامَتِهِ. ورَوَى بإسْنَادِه، عن أبي موسى، أنَّه خَرَجَ مِن الخَلاءِ، فمَسَحَ على القَلَنْسُوَةِ. ولأنَّهُ مَلْبُوسٌ مُعْتَادٌ يَسْتُرُ الرَّأْسَ، فأشْبَهَ العِمامَةَ المُحَنَّكَةَ، وفارَقَ العِمَامَةَ التي ليستْ مُحنَّكَةً ولا ذُؤَابَةَ لها؛ لأنَّها مَنْهِىٌّ عنها.
فصل:
وفِي مَسْحِ الرَّأْسِ على مِقْنَعَتِهَا (22) رِوَايَتانِ: إحْدَاهما، يَجُوزُ؛ لأنَّ أُمَّ سَلَمَة كانتْ تَمْسَحُ على خِمَارِها. ذَكَرَهُ ابْنُ المُنْذِرِ. وقد رُوِى عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ أمَرَ بالمَسْحِ على الخُفَّيْنِ والخِمَارِ. ولأنَّهُ مَلْبُوسٌ لِلرَّأْسِ مُعْتَادٌ، يَشُقُّ نَزْعُهُ، فأشْبَهَ العِمَامَةَ. والثانيةُ، لا يجُوزُ المَسْحُ عليه؛ فإنَّ أحمدَ سُئِلَ: كيف تَمْسَحُ المرْأةُ على رَأْسِها؟ قال: مِنْ تحتِ الخِمارِ، ولا تَمْسَحُ على الخِمَارِ، قال: وقَدْ ذَكروا أنَّ أُمَّ سَلَمَة كانَتْ تَمْسَحُ على خِمَارِها. ومِمَّنْ قال لا تَمْسَحُ على خِمارِها، نافِعٌ،
(18) الكلتة أو الكلوتة: غطاء للرأس، ولها كلاليب بغير عمامة فوقها، يلبسها السلطان والأمراء وسائر العساكر. معجم دوزى 387.
(19)
في م: "يدور".
(20)
دنية القاضي: قلنسوته، شبهت بالدن.
(21)
في م: "والمنوميات". ولم نعرف النوميات هذه.
(22)
في الأصل: "مقنعها". والمقنع والمقنعة، بكسر ميمها: ما تقنع به المرأة رأسها.
والنَّخَعِىُّ، وحَمَادُّ بنُ أبِى سُليمانَ، والأَوْزَاعِىُّ، وسَعِيدُ بنُ عبد العزِيزِ (23)؛ لأنَّهُ مَلْبُوسٌ لِرَأْسِ المَرْأَةِ، فلم يَجُزِ المَسْحُ عليه، كالوِقايةِ، ولا يُجْزِئُ المَسْحُ على الوِقَايَةِ، رِوَايَةً وَاحِدَةً. لا نَعْلَمُ فيه خِلَافًا؛ لأنَّهَا لا يَشُقُّ نَزْعُهَا، فهى [كطاقِيَّةِ الرَّجُلِ](24). واللهُ أعلمُ.
(23) أبو محمد سعيد بن عبد العزيز التنوخى، من فقهاء التابعين بالشام، مع الأوزاعي وبعده، توفى سنة ست وستين ومائة. طبقات الفقهاء للشيرازي 76.
(24)
في م: "كالطاقية للرجل".