الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا أعْلَمُ في هذا خِلَافًا. قال ابنُ المُنْذِرِ: ثَبَتَ أنَّ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم اغْتَسَلَ مِن (13) الإِغْمَاءِ (14). وأجْمَعُوا عَلَى أنَّه لا يَجِبُ، ولأنَّ زَوَالَ العَقْلِ في نَفْسِهِ ليس بمُوجِبٍ للغُسْلِ، ووُجُودُ الإِنْزَالِ مَشْكُوكٌ فيه، فلا نَزُولُ عَنِ اليَقِينِ بالشَّكِّ، فإن تُيُقِّنَ منهما الإِنْزَالُ فعليهما الغُسْلُ؛ لأنَّه يكونُ من احْتِلَامٍ، فيَدْخُلُ في جُمْلَةِ المُوجِبَاتِ المَذْكُورَةِ، ويُسْتَحَبُّ الغُسْلُ مِنْ جَمِيع ما نَفَيْنَا وُجُوبَ الغُسْلِ منه؛ لوُجُودِ ما يَدُلُّ عليه مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَهُ، والخُرُوجِ مِن الخِلَافِ.
56 - مسألة؛ قال: (والحائِضُ والجُنُبُ والمُشْرِكُ إذا غَمَسُوا أَيْدِيَهُمْ في الْمَاءِ، فَهُوَ طَاهِرٌ)
أمَّا طَهَارَةُ الماءِ فلا إشْكَالَ فيه، إلَّا أنْ يكونَ على أَيْدِيهم نَجَاسَةٌ، فإنَّ أجْسَامَهُم طاهِرَةٌ، وهذه الأَحْدَاث لا تَقْتَضِى تَنْجِيسَها. قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ عَوَامُّ أهْلِ العِلْمِ على أنَّ عَرَقَ الجُنُبِ طَاهِرٌ، ثَبَتَ ذلك عن ابنِ عُمَر، وابنِ عَبَّاسٍ، وعائشة، رَضِىَ اللهُ عنهم، وغَيْرِهم مِن الفُقَهاءِ. وقالَت عائِشَة: عَرَقُ الحائِضِ طاهِرٌ. وكُلُّ ذلك قَوْلُ مالِكٍ، والشَّافِعِىِّ، وأَصْحابِ الرَّأْىِ، ولا يُحْفَظُ عن غَيْرِهِم خِلَافُهُم. وقد رَوَى أبو هُرَيْرة، أنَّ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم لَقِيَه في بَعْضِ طُرُقِ المَدِينَةِ وهو جُنُبٌ، قال: فانْخَنَسْتُ مِنْهُ فاغْتَسَلْتُ، ثم جِئْتُ؛ فقال:"أيْنَ كُنْتَ يا أبَا هُرَيْرة؟ " قال: يا رَسُولَ اللهِ كُنْتُ جُنُبًا، فكَرِهْتُ أنْ أُجَالِسَكَ وأنَا عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ. فقالَ:"سُبْحَانَ اللَّه! إنَّ المُؤمِنَ لا يَنْجُسُ" مُتَّفَقٌ عليه (1). ورُوِىَ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَدَّمَ إلَيْه بَعْضُ نِسَائِه قَصْعَةً لِيَتَوَضَّأ مِنْها. فقالت امْرَأةٌ: إنِّي غَمَسْتُ يَدَىَّ فِيها وأنَا جُنُبٌ. فقال: "الماءُ لا يُجْنِبُ"(2). وقال لعائشة: "ناوِلِينِى الخُمْرةَ
(13) في م: "عن".
(14)
انظر: ما أخرجه البخاري، في: باب إنما جعل الإِمام ليؤتم به، من كتاب الأذان. صحيح البخاري 1/ 176. ومسلم، في: باب استخلاف الإمام إذا عرض له عذر، من كتاب الصلاة. صحيح مسلم 1/ 311. والنسائى، في: باب الائتمام بالإمام يصلى قاعدا، من كتاب الإِمامة. المجتبى 2/ 78. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 52، 6/ 251.
(1)
تقدم في صفحة 33.
(2)
تقدم في صفحة 31، 33.