الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ} (6). ولم يُوجَدْ حَيْضٌ أقَلَّ مِنْ ذلك عَادَةً مُسْتَمِرَّةً في عَصْرٍ مِن الأعْصَارِ، فلا يكونُ حَيْضًا بِحالٍ. وحدِيثُ وَاثِلَةَ يَرْوِيهِ محمد بن أحمدَ الشَّامِىُّ، وهو ضَعِيفٌ، عَنْ حَمَّاد بن المِنْهَال، وهو (7) مَجْهُولٌ. وحدِيثُ أُنَسٍ يَرْوِيهِ (8) الجَلْدُ بنُ أيُّوب، وهو ضَعِيفٌ. قال ابنُ عُيَيْنَة: وهو مُحَدِّثٌ لا أصْلَ له (9). وقال أحمدُ في حَدِيثِ أنَسٍ: ليس هو شيئًا، هذا مِنْ قِبَلِ الجَلْدِ بنِ أَيُّوب، قِيل: إنَّ محمدَ بنَ إسحاقَ رَوَاهُ، قال (10): ما أُرَاهُ سَمِعَهُ إلَّا مِن الحَسَنِ بنِ دِينَارِ. وضَعَّفَهُ جِدًّا. قال: وقال يَزِيدُ بنُ زُرَيْعٍ: ذاك أبو حنيفة، لم يَحْتَجّ إلَّا بالجَلْدِ بنِ أيُّوب، [وحَدِيثُ الجَلْدِ] (11) قد رُوِىَ عن عليٍّ رَضِىَ اللهُ عنه ما يعارِضُه. فإنَّه قال: ما زاد على خمسةَ عشرَ اسْتِحاضَةٌ، وأقلُّ الحَيْضِ يوم وليلةٌ.
فصل:
وأقَلُّ الطُّهْرِ بين الحَيْضَتَيْن ثلاثةَ عشرَ يومًا؛ لأنَّ كلامَ أحمدَ لا يَخْتَلِفُ أنَّ العِدَّةَ تَصِحُّ أنْ تَنْقَضِىَ في شهرٍ واحدٍ إذا قامَتْ به البَيِّنَةُ. وقال إسحاقُ: تَوْقِيتُ هؤلاء بالخمسةَ عشرَ باطِلٌ. وقال (12) أبو بكر: أقَلُّ الطُّهْرِ مَبْنِىٌّ على أكثرِ الحَيْضِ، فإنْ قُلْنا إنَّ (13) أكْثَرَه خمسةَ عَشرَ يومًا، فأقَلُّ الطُّهْرِ خمسةَ عشرَ، وإنْ قُلْنَا أكْثَرُهُ سبعةَ عشرَ، فأَقَلُّ الطُّهْرِ ثلاثة عشرَ. وهذا كأنَّهُ بَنَاهُ على أنَّ شَهْرَ المَرْأةِ لا يَزِيدُ على ثلاثينَ يومًا، يَجْتَمِعُ لها فيه حَيْضٌ وطُهْرٌ، وأمَّا إذا زَادَ شَهْرُها على ذلك تُصُوِّرَ أنْ يكونَ حَيْضُها سبعةَ عشرَ، وطُهْرُها خمسةَ عشرَ وأكْثَرَ. وقال مالِكٌ، والثَّوْرِىُّ، والشَّافِعِىُّ، وأبو حنيفة: أقَلُّ الطُّهْرِ خمسةَ عشرَ. وذكر أبو ثَوْرٍ: أنَّ ذلك لا يَخْتَلِفُون فيه. ولَنا، ما رُوِىَ عن عليٍّ، رَضِىَ اللهُ عنه، أنَّ امْرَأَةً جَاءَتْهُ، وقد
(6) سورة البقرة 283.
(7)
سقط من: الأصل.
(8)
في الأصل: "رواه".
(9)
نقل الذهبي عن ابن عيينة قوله: جلد ومن جلد ومن كان جلد. ميزان الاعتدال 1/ 420.
(10)
في م: "وقال".
(11)
في الأصل: "حديث الحيض" خطأ.
(12)
في م: "قال".
(13)
سقط من: م.
طَلَّقَهَا زَوْجُها، فَزَعَمَتْ أنَّها حاضَتْ في شَهْرٍ ثَلَاثَ حِيَضٍ، طَهُرَتْ عندَ كُلِّ قُرْءٍ وصَلَّتْ، فقال علىٌّ لِشُرَيْحٍ (14): قُلْ فيها. فقال شُرَيْحٌ: إنْ جاءتْ بِبَيِّنَةٍ مِن بِطانةِ أهْلِها مِمَّنْ يُرْضَى دِينُه وأمَانَتُه، فشَهِدَتْ بذلك، وإلَّا فهى كاذِبةٌ. فقال علىّ: قَالُون. وهذا بالرُّومِيَّةِ. ومَعْنَاهُ: جَيِّدٌ. وهذا لا يقولُه إلَّا تَوْقيفًا، ولأنَّه قولُ صَحَابِىٍّ انْتَشَرَ، ولم نَعْلَمْ خِلافَهُ، رَوَاهُ الإِمامُ أحمدُ بإسْنادِه، ولا يَجِىءُ إلَّا على قَوْلِنا أقلُّه ثلاثةَ عشرَ، وأقَلُّ الحَيْضِ يومٌ وليلةٌ. وهذا في الطُّهْرِ بينَ الحَيْضَتَيْن، وأمَّا الطُّهْرُ في أثْناءِ الحَيْضَةِ فلا تَوْقِيتَ فيه؛ فإنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قال: أمَّا ما رَأَتِ الدَّمَ البَحْرَانِىَّ (15) فإنَّها لا تُصَلِّى، وإذا رَأتِ الطُهْرَ سَاعَةً فَلْتَغْتَسِل. ورُوِىَ أنَّ الطُهْرَ إذا كانَ أقَلَّ مِن يومٍ، لا يُلْتَفَتُ إليه. لقولِ عائشةَ: لا تَعْجَلْنَ حتى تَرَيْنَ القَصَّةَ البَيْضَاءَ (16). ولأنَّ الدَّمَ يَجْرِى مَرَّةً ويَنَقَطِعُ أُخْرَى. فلا يَثْبُتُ الطُّهْرُ بِمُجَرَّدِ انْقِطاعِه، كما لو انْقَطَعَ أقَلَّ مِنْ سَاعَةٍ.
92 -
مسألة؛ قال: (فَمَنْ طَبَّقَ (1) بهَا الدَّمُ فَكَانَتْ مِمَّنْ تُمَيِّزُ، فَتَعْلَمُ إقْبَالَهُ بأَنَّهُ أَسْوَدُ ثَخِينٌ مُنْتِنٌ، وإدْبَارَهُ رَقِيقٌ أَحْمَرُ، تَرَكَتِ الصَّلَاةَ في إقْبَالِهِ، فإذَا أَدْبَرَ، اغْتَسَلَتْ، وتَوَضَّأَتْ لِكُلِّ صَلَاةٍ وصَلَّتْ)
قولُه: "طَبَّقَ بها الدَّمُ". يَعْنِى امْتَدَّ وتجاوزَ أكْثَرَ الحَيْضِ، فهذه مُسْتَحَاضَةٌ، قد اخْتَلَطَ حَيْضُها باسْتِحَاضَتِها، فتحْتَاجُ إلى مَعْرِفَةِ الحَيْضِ مِن الاسْتِحَاضَةِ لتُرَتِّبَ
(14) أبو أمية شريح بن الحارث القاضي، استقضاه عمر رضى اللَّه عنه على الكوفة، وبقى في القضاء خمسا وسبعين سنة، ثم استعفى الحجاج فأعفاه، وتوفى سنة اثنتين وثمانين، عن مائة وعشرين سنة. طبقات الفقهاء للشيرازي 80.
(15)
دم بحرانى: شديد الحمرة، كأنه نسب إلى البحر وهو اسم قعر الرحم، وزادوه في النسب ألفا ونونا للمبالغة. النهاية 1/ 99.
(16)
أخرجه البخاري، في: باب إقبال المحيض وإدباره، من كتاب الحيض. صحيح البخاري 1/ 87. والإمام مالك، في: باب طهر الحائض، من كتاب الطهارة. الموطأ 1/ 59.
والقصة البيضاء: هو أن تخرج القطنة أو الخرقة التي تحتشى بها الحائض كأنها قصة بيضاء لا يخالطها صفرة. وقيل: القصة البيضاء شيء كالخيط الأبيض يخرج بعد انقضاء الدم كله. النهاية 4/ 71.
(1)
في م هنا وفيما يأتى: "أطبق".
عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ منهما حُكْمَه، ولا تَخْلُو مِن أرْبعةِ أحْوَالٍ: مُمَيِّزَةٍ لا عادةَ لها، ومُعْتَادَةٍ لا تَمْيِيزَ لها، ومَنْ لها عَادَةٌ وتَمْيِيزٌ، ومَنْ لا عادَةَ لها ولا تَمْيِيزَ.
أمَّا المُمَيِّزَةُ: فهى التي ذكرَها الْخِرَقِىُّ في هذه المسألةِ، وهى التي لِدَمِها إقْبَالٌ وإدْبَارٌ، بعضُه أسْوَدُ ثَخِينٌ مُنْتِنٌ، وبعضُهُ أَحْمَرُ مُشْرِقٌ، أوْ أصفرُ، أو لا رائِحَةَ له، ويكونُ الدَّمُ الأسودُ أو الثَّخِينُ لا يَزِيدُ على أكثرِ الحَيْضِ، ولا يَنْقُصُ عن أَقَلِّه، فحُكْمُ هذه أنَّ حَيْضَهَا زَمَانُ الدَّمِ الأسودِ أو الثَّخِينِ أو المُنْتِنِ، فإذا (2) انْقَطَعَ فهى مُسْتَحَاضَةٌ، تَغْتَسِلُ لِلْحَيْض، وتَتَوَضَّأُ بعدَ ذلك لِكُلِّ صلاةٍ، وتُصَلِّى، وذكرَ أحمدُ المُسْتَحاضَةَ (3) فقال: لَهَا سُنَنٌ، فذكَرَ (4) المُعْتَادَةَ، ثُمَّ قال: وسُنَّةٌ أُخْرَى، إذا جاءتْ فزعَمَتْ أنَّها تُسْتَحَاضُ فلا تَطْهُرُ، قِيل لها: أنْتِ الآنَ ليس لك أيَّامٌ مَعْلُومَةٌ فَتَجْلِسِينَها، ولكن انْظُرِى إلى إقْبَالِ الدَّمِ وإدْبَارِه، فإذا أقْبَلَتِ الحَيْضَةُ - وإقْبَالُها أنْ تَرَىْ دَمًا أسْوَدَ يُعْرَفُ - فإذا تَغَيَّرَ دَمُها وكان إلى الصُّفْرَةِ والرِّقَّة، فذلك دَمُ اسْتِحَاضَةٍ، فاغْتَسِلِى، وصَلِّى. وبهذا قال مالكٌ، والشَّافِعِىُّ. وقال أبو حنيفة: لا اعْتِبَارَ بالتَّمْيِيزِ، إنَّما الاعْتِبَارُ بالعادَةِ خاصَّةً؛ لِمَا رَوَتْ أُمُّ سَلَمَةَ، أنَّ امْرَأَةً كانَتْ تُهَرَاقُ (5) الدِّمَاءَ على عَهْدِ رَسُول للَّه صلى الله عليه وسلم فقَال:"لِتَنْظُرْ عِدَّةَ الأَيَّامِ وَاللَّيَالِى الَّتِى كانَتْ تَحِيضُهُنَّ قَبْلَ أنْ يُصِيبَها الَّذِى أصَابَها، فَلْتَتْرُكِ الصَّلاةَ قَدْرَ ذَلِكَ مِنَ الشَّهْرِ، فإذَا خَلَّفَتْ (6) ذَلِكَ فَلْتَغْتَسِل، ثمَّ لتَسْتَثْفِرْ (7) بثَوْبٍ، ثُمَّ لتُصَلِّ". رَوَاهُ أبو داوُد، والنَّسائِىُّ، وابنُ مَاجَه (8). وهو أحدُ الأحادِيث الثَّلَاثَة التي قال الإِمَامُ أحمدُ:
(2) في م: "فإن".
(3)
في الأصل: "في المستحاضة".
(4)
في م: "وذكر".
(5)
يقال: أراق الدم. وتبدل الهمزة هاء فيقال: هراقه.
(6)
خلفت: تركت أيام الحيض التي كانت تعهدها وراءها.
(7)
أي تشد فرجها بخرقة عريضة بعد أن تحشى قطنا.
(8)
أخرجه أبو داود، في: باب في المرأة تستحاض. . . إلخ، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود 1/ 62. والنسائي، في: باب ذكر الاغتسال من الحيض، من كتاب الطهارة، وفى: باب المرأة يكون لها أيام معلومة تحيضها كل شهر، من كتاب الحيض. المجتبى 1/ 99، 149. ولم نجده عن ابن ماجه. وأخرجه أيضًا: =