الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رُوِىَ من غَيْرِ (33) وَجْهٍ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أخَذَ لرَأْسِه ماءً جَدِيدًا. ولأنَّ البَلَلَ الباقِى في يَدِه مُسْتَعْمَلٌ، فلا يُجْزِىءُ المَسْحُ به، كما لو
فَصَلَ
ه في إناءٍ ثم اسْتَعْمَلَه.
فصل: فإن غَسَلَ رَأْسَه بَدَلَ مَسْحِه، فَعَلَى وَجْهَيْن: أَحَدُهُما، لا يُجْزِئُه؛ لأنَّ اللهَ تَعالَى أمَرَ بالمَسْحِ، والنبىُّ صلى الله عليه وسلم مَسَحَ وأمَرَ بالمَسْحِ، ولأنَّه أحدُ نَوْعَىِ الطَّهارةِ، فلم يُجْزِىءْ عن النَّوْعِ الآخَر، كالمَسْحِ عنِ الغَسْلِ. والثانى، يُجْزِىءُ؛ لأنَّه لو كان جُنُبًا فانْغَمَسَ في ماءٍ يَنْوِى الطَّهَارَتين، أجْزَأه مع عَدَمِ المَسْحِ، فكذلك إذا كان الحَدَثُ الأَصْغَرُ مُنْفَرِدًا، ولأنَّ في صِفَةِ غُسْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه غَسَلَ وَجْهَهُ ويَدَيْه، ثم أَفْرَغَ علَى رَأْسِه ولم يَذْكُرْ مَسْحًا. ولأَنَّ الغَسْلَ أَبْلَغُ مِنَ المَسْحِ، فإذا أَتَى به يَنْبَغِى أن يُجْزِئَه، كما لو اغْتَسلَ يَنْوِى به الوُضُوءَ، وهذا فيما إذا لم يُمِرَّ يَدَه علَى رَأسِه. فأمَّا إنْ أمَرَّ يدَه على رَأسِه مع الغَسْلِ أو بعدَه أجْزَأه؛ لأنَّه قد أتَى بالمَسْحِ. وقد رُوىَ عن مُعَاوِية، أنه تَوَضَّأ للنّاسِ كما رَأَى النبيَّ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ، فلَمَّا بَلَغ رَأسَه غَرَفَ غَرْفَةً من ماءٍ فتَلَقَّاها بِشِمَالِه، حتى وَضَعَها علَى وَسَطِ رَأسِه حتى قَطَرَ الماءُ أو كادَ يَقْطُرُ. ثم مَسَحَ مِنْ مُقَدَّمِه إلى مُؤَخَّرِه، ومِنْ مُؤَخَّرِه إلى مُقَدَّمِه. رَوَاهُ أبو دَاوُد (34). ولو حَصَلَ عَلَى رَأسِه ماءُ المَطَرِ، أو صَبَّ عليه إنسانٌ، ثم مَسَحَ عليه يَقْصِدُ بذلك الطَّهارَة، أو كان قد صَمَد للمَطَرِ، أجْزَأَهُ. وإن حَصَلَ الماءُ علَى رَأسِه من غير قَصْدٍ أجْزَأَهُ أيضًا؛ لأنَّ حُصُولَ الماءِ على رَأسِه بغير قَصْدٍ لم يُؤَثِّرْ في الماءِ، فمتى وَضَع يَدَه على ذلك البَلَلِ ومَسَحَ به فقد مَسَحَ بماءٍ غيرِ مُسْتَعْمَلٍ، فَصَحَّتْ طَهارَتُه، كما لو حَصَلَ بقَصْدِه. فإن لم يَمْسَحْ بِيَدِه، وقلنا إن الغَسْلَ يقومُ مَقَامَ المَسْحِ، نَظَرْنا؛ فإنْ قَصَدَ حُصُولَ الماءِ على رَأسِه أجْزَأَهُ إذا جَرَى الماءُ عليه، وإلّا لَمْ يُجْزِئْهُ. وإن قُلْنا لا يُجْزِىءُ الغَسْلُ عن المَسْحِ، لم يُجْزِئْهُ بحَالٍ.
فصل: وإن مَسَحَ رَأْسَه بِخِرْقةٍ مَبْلُولةٍ، أو خَشَبةٍ، أَجْزَأَهُ في أحَدِ الوَجْهَيْنِ؛ لأنَّ اللهَ تَعالَى أمَرَ بالمَسْحِ، وقد فَعَلَه، فأجْزَأهُ، كما لو مَسَحَ بِيَدِه أو بيَدِ غيرِه، ولأنَّ
(33) سقط من: م.
(34)
في: باب صفة وضوء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود 1/ 28.