الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال مالِك: ما بَيْنَ اللِّحْيَةِ والأُذُنِ لَيْسَ مِنَ الوَجْهِ ولا يَجبُ غَسْلُه؛ لأن الوَجْهَ ما تَحْصُلُ به المُوَاجَهةُ، وهذا لا يُواجَهُ به. قال ابنُ عَبْدِ البَرِّ (6): لا أعْلَمُ أحَدًا مِنْ فُقَهاءِ الأَمْصارِ قالَ بِقَوْلِ مالكٍ هذا.
ولَنَا عَلَى الزُّهْرِىّ قولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: "الأُذُنانِ مِنَ الرَّأْسِ". وفي حديث ابنِ عَبَّاس، والرُّبَيِّع، والمِقْدام، أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم مَسَحَ أُذُنَيْه مَعَ رَأْسه. وقد ذَكَرْنَاهُما (7). ولم يَحْكِ أحدٌ أنه غَسَلَهُما معَ الوَجْهِ، وإنَّما أضَافَهُما إلى الوَجْهِ لمُجَاوَرَتِهما له، والشىءُ يُسَمَّى باسْمِ ما جاوَرَهُ.
ولَنَا عَلَى مالِكٍ أنَّ هذا مِن الوَجْهِ في حَقِّ مَنْ لا لِحْيَةَ لَهُ، فكان منه في حَقِّ مَنْ لَهُ لِحْيةٌ كسائِرِ الوَجْهِ. وقولهُ: إنَّ الوَجْهَ ما يَحْصُلُ به المُواجَهةُ. قُلْنا: وهذا يَحْصُلُ به المُوَاجَهَةُ من (8) الغُلَامِ.
ويُسْتَحَبُّ تَعَاهُد هذا المَوْضع بالغَسْلِ؛ لأنَّه مِمَّا يَغْفَلُ الناسُ عنه، قال المَرُّوذِىّ: أَرَانِى أبُو عَبْد اللهِ ما بَيْنَ أُذُنِه وصُدْغِه، وقال: هذا مَوْضِعٌ يَنْبَغى أن يُتَعاهَدَ. وهذا المَوْضِع مَ
فْصِل
اللَّحْىِ مِنَ الوَجْهِ، فلذلك سَمَّاهُ الْخِرَقِىُّ مَفْصِلًا.
فصل: ويَدْخُلُ في الوَجْهِ العِذَارُ، وهو الشَّعْرُ الذي عَلَى العَظْمِ النَّاتِىءِ الذي هو سَمْتُ صِمَاخِ الأُذُنِ، وما انْحَطَّ عنه إلى وَتِدِ الأُذُنِ. والعارِضُ: وهو ما نَزَل عن حَدِّ العِذَارِ، وهو الشَّعْرُ الذي على اللَّحْيَيْنِ. قال الأصْمَعِىُّ (9) والمُفَضَّل بنُ
= وأخرجه مسلم، في: باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، من كتاب صلاة المسافرين وقصرها. صحيح مسلم 1/ 535. والترمذي، في: باب ما يقول في سجود القرآن، من أبواب الجمعة. عارضة الأحوذى 3/ 60. والنسائي، في: باب نوع آخر من الدعاء في السجود، من التطبيق. المجتبى 2/ 175، 176. وابن ماجه، في: باب سجود القرآن، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 335. والإِمام أحمد، في: المسند 30، 31، 217.
(6)
أبو عمر يوسف بن عبد البر بن عبد اللَّه النمرى القرطبي، شيخ علماء الأندلس، وكبير محدثيها في وقته، توفى سنة ثلاث وستين وأربعمائة. الديباج المذهب 2/ 367 - 370.
(7)
في المسألة رقم 20، صفحة 150.
(8)
في م: "في".
(9)
أبو سعيد عبد الملك بن قريب بن عبد الملك الأصمعى، الراوية، اللغوى، كان الرشيد يسميه شيطان الشعر، توفى سنة ست عشرة ومائتين. تاريخ العلماء النحويين 218 - 224.
سَلَمة (10): ما جَاوَزَ وَتِدَ الأُذُنِ عارِضٌ. والذَّقَنُ: مَجْمَعُ اللَّحْيَيْنِ. فهذه الشُّعُور الثَّلاثة من الوَجْهِ يَجِبُ غَسْلُها مَعَه. وكذلك الشُّعُور الأَرْبَعة، وهى الحاجِبَانِ، وأَهْدَابُ العَيْنَيْنِ، والعَنْفَقَةُ، والشَّارِبُ. فأمَّا الصُّدْغُ، وهو الشَّعَرُ الذي بعد انتهاءِ العِذَارِ، وهو ما يُحَاذِى رَأْسَ الأُذُنِ ويَنْزِلُ عن رَأْسِها قَلِيلًا، والنَّزَعَتَان، وهما ما انْحَسَرَ عنه الشَّعَرُ من الرَّأْسِ (11) مُتَصاعِدًا في جانِبَىِ الرَّأْسِ، فهما من الرَّأْسِ. وذَكَرَ بعضُ أَصْحابِنا في الصُّدْغِ وَجْهًا آخرَ، أنَّه مِنَ الوَجْهِ، لأنه مُتَّصِلٌ بالعِذَارِ، أشْبَهَ العارِضَ، ولَيْسَ بصَحِيحٍ؛ فإنَّ الرُّبَيِّعَ بنتَ مُعَوِّذٍ قالت: رأيتُ رَسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ (12) فمَسَحَ رَأْسَه، ومَسَحَ ما أقْبَلَ منه وما أَدْبَرَ، وصُدْغَيْهِ وأُذُنَيْهِ، مَرَّةً واحدةً (13). فمَسَحَهُ مَعَ الرَّأْسِ، ولم يُنْقَلْ أنه (14) غَسَلَه مع الوَجْهِ (15)، ولأنه شَعَرٌ يَتَّصِلُ (16) بشَعَرِ الرَّأْسِ [لا يَخْتَصُّ الكبيرَ، فكان من الرأسِ، كسائر نَواحِيهِ، وما ذكرهُ مِن القياسِ طَرْدِىٌّ لا معنَى تحته، وليس هو أوْلَى مِن قياسِنا](17).
فأما التَّحْذِيفُ، وهو الشَّعَرُ الداخِلُ في الوَجْهِ ما بين انتهاءِ العِذَارِ والنَّزَعة، فهو من الوَجْهِ. ذَكَرَهُ ابنُ حَامِد؛ [لأنَّه شَعَرٌ بين بياضِ الوَجْهِ، فأشْبَهَ العِذَارَ](18). ويَحْتَمِلُ أنه مِنَ الرَّأْسِ؛ لأنَّه شَعَرٌ مُتَّصِلٌ به، [لم يَخْرُجْ عن حَدِّهِ، أشْبَهَ الصُّدْغَ](19). والأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لأنَّ مَحلَّه لَوْ لَمْ يَكُن عليه شَعَرٌ لَكانَ مِنَ الوَجْهِ، فكذلك إذا كان عليه شَعَرٌ، كسَائِرِ الوَجْهِ.
(10) أبو طالب الفضل بن سلمة بن عاصم الضبى اللغوى، كان فهما فاضلا، توفى سنة ثلاثمائة. إنباه الرواة 3/ 305 - 311.
(11)
في الأصل زيادة: "مناعا".
(12)
في م: "توضأ". والمثبت في: الأصل، وسنن أبي داود.
(13)
أخرجه أبو داود، في: باب صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود 1/ 28.
(14)
سقط من الأصل.
(15)
في الأصل زيادة: "رواه أبو داود".
(16)
في م: "متصل".
(17)
في م مكانه: "فكان منه".
(18)
سقط من: م.
(19)
سقط من: م.