الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القسم الثالث، الزَّائِدُ عن القُلَّتَين، فله حالان، أحدهما، أن يكونَ نَجِسًا بغيرِ التَّغَيُّرِ، فلا طريقَ إلى تطْهِيرِه بغيرِ المُكاثرةِ، الثاني أن يكون مُتغيِّرًا بالنجاسةِ، فتطهِيرُهُ بأحد أمورٍ ثلاثة؛ المكاثرة، أو زَوالُ تغيُّرهِ بمُكْثِه، أو أن يُنْزَحَ منه ما يزولُ به التَّغَيُّرُ، ويبْقَى بعد ذلك قُلَّتان فصاعِدًا، فإنه إن بَقِيَ ما دون القُلَّتَين، قبلَ زَوالِ تغيُّرِه، لم يَبْقَ التَّغيُّرُ عِلَّةَ تَنْجِيسهِ؛ لأنه تنجَّس بدونهِ، فلا يزولُ التَّنْجِيسُ بزَوالهِ، ولذلك طَهُرَ الكثيرُ بالنَّزح وطُولِ المُكْثِ، ولم يطْهُرِ القليلُ، فإنَّ الكثيرَ لما كانت عِلّةُ تَنْجِيسه (69) التغيُّرَ زالَ تنْجِيسُه بزَوالِ علَّتِه، كالخَمْرةِ إذا انقلبتْ خَلًّا، والقليلُ عِلَّةُ تنْجِيسِه المُلاقاةُ لا التغيُّرُ، فلم يُؤَثِّرْ زَوالُه في زَوالِ التَّنْجِيسِ.
فصل:
ولا يُعْتَبرُ في المُكاثرةِ صَبُّ الماءِ دَفعةً واحدةً؛ لأنَّ ذلك غيرُ مُمْكِنٍ، لكنْ يُوصِلُ الماءَ على ما يُمْكِنُه من المبالغةِ (70)، إمَّا مِن ساقيةٍ، وإمَّا دَلْوًا فدَلْوًا، أو يَسِيلُ إليه ماءُ المطَرِ، أو يَنْبُعُ قليلًا قليلًا، حتى يبلُغ قُلَّتَين فيَحْصُل به التَّطْهيرُ.
فصل: فإن كُوثِرَ بما دون القُلَّتَين، فزال تغيُّرُه، أو طُرِحَ فيه ترابٌ أو مائعٌ غيَّرَ الماءَ، أو غيرُ ذلك، فزال تغيُّرُه به، ففيه وجهان؛ أحدهما، لا يطْهُر بذلك؛ لأنه لا يدْفَعُ النجاسةَ عن نفسِه، فعَن غيرِه أوْلَى، ولأنه ليس بطَهُورٍ، فلا يحْصُلُ به الطهارةُ كالماء النَّجِسِ. والثاني، يطْهُرُ؛ لأنَّ عِلَّةَ نجاستِه التغيُّرُ، وقد زال، فيزُولُ التَّنْجِيسُ كما لو زال بمُكْثِه، وكالخَمْرةِ إذا انقلبتْ خَلًّا.
فصل: ولا يطْهُر غيرُ الماءِ من المائعاتِ بالتَّطْهيرِ، في قولِ القاضي وابنِ عَقِيل، قال ابنُ عَقِيل: إلَّا الزِّئْبَقَ؛ فإنه لقُوَّتِه وتَماسُكِه يجْرِى مَجْرَى الجامِد؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم سُئل عن السَّمْنِ إذا وقَعتْ فيه الفَأرَةُ، فقال:"إِنْ كَانَ مَائِعًا فَلَا تَقْرَبُوهُ" روَاه أبو داود، ولو كان إلى تطْهِيرِه طريقٌ لم يأمُرْ بإراقتِه.
واخْتار أبو الخَطَّاب أن ما يتَأتَّى تطْهيرُه كالزَّيْتِ، يطْهُر به؛ لأنه أمْكَنَ غَسْلُه
(69) في الأصل: "نجاسته".
(70)
في م: "المتابعة".