الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيها مَجُوسٌ وأهلُ كتابٍ، كان له أكلُ جُبْنهِم ولَحْمِهم، احْتِجَاجًا بفِعْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وصحابته.
فصل:
وإن ماتتِ الدَّجاجةُ، وفى بَطْنِها بَيْضةٌ قد صَلُبَ قِشْرُها، فهى طاهرةٌ. وهذا قولُ أبى حنيفة، وبعضُ الشافعيَّة، وابنُ المُنْذِرِ.
وكَرِهَها علىُّ بن أبى طالب، وابن عمر، ورَبِيعةُ، ومالك، واللَّيْثُ، وبعضُ الشافعيَّة؛ لأنها جُزْءٌ مِن الدَّجاجةِ.
ولنا أنها بيضةٌ صُلْبَةُ القِشْرِ، طَرأَتِ النجاسةُ عليها، فأَشْبَهَ ما لو وقَعتْ في ماءٍ نَجِسٍ.
وقولُهم: إنها جزءٌ منها. غيرُ صَحِيحٍ، وإنما هي مُودَعةٌ فيها، غيرُ مُتَّصِلَةٍ بها، فأشْبَهَتِ الولدَ إذا خرج حَيًّا من المَيْتَةِ، ولأنها خارجةٌ من حيوانٍ يُخْلَقُ منها مثلُ أصْلِها، أشْبَهَتِ الولدَ الحىَّ، وكراهةُ الصحابةِ لها محمولةٌ على كَراهة التَّنْزِيهِ، اسْتِقْذارًا، ولو وُضِعَتِ البيضةُ تحتَ طائرٍ، فصارتْ فَرْخًا، كان طاهِرًا بكلِّ حالٍ.
فإن لم تكْمُلِ البَيْضةُ، فقال بعضُ أصحابنا: ما كان قِشْرُه أبْيَضَ، فهو طاهِرٌ. وما لم يَبْيَضَّ قِشْرُه فهو نَجِسٌ؛ لأنه ليس عليه حائِلٌ حَصِينٌ. واخْتار ابنُ عَقِيلٍ أنه لا ينْجُس؛ لأنَّ البيضةَ عليها غاشِيَةٌ رقيقةٌ كالجِلْدِ، وهو القِشْرُ قبلَ أن يَقْوَى، فلا ينْجُس منها إلَّا ما كان لَاقَى النجاسةَ، كالسَّمْنِ الجامد إذا ماتتْ فيه فأرةٌ، إلا أنَّ هذه تطْهُر إذا غُسِلتْ؛ (15) لأن لها مِن القُوَّةِ ما يَمْنَعُ تدَاخُلَ أجْزاءِ النجاسةِ فيها، بخلافِ السَّمْنِ.
12 - مسألة، قال:(وَيُكْرَهُ أنْ يَتَوَضَّأَ في آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ)
(1).
أراد بالكَراهةِ التَّحْرِيمَ، ولا خلافَ بين أصحابِنا في أن اسْتعمالَ آنيةِ الذهبِ والفِضَّةِ حرامٌ، وهو مذهبُ أبى حنيفة، ومالك، والشافعىِّ، ولا أعلمُ فيه
(15) في م: "غسلها".
(1)
في م زيادة: "فإن فعل كره".
خلافا (2)، لأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:"لَا تَشْرَبُوا في آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلَا تَأْكُلُوا في صِحَافِهَا فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَكُمْ في الْآخِرَةِ". ونَهَى عن الشُّرْبِ في آنيةِ الفضةِ، وقال:"مَنْ شَرِبَ فِيهَا في الدُّنْيَا لَمْ يَشْرَبْ فِيهَا في اْلآخِرَةِ". وقال عليه الصلاة والسلام: "الَّذِى يَشْرَبُ فِي آنِيَةِ (3) الْفِضَّةِ إنَّما يُجَرْجِرُ في بَطْنِهِ نَارُ جَهَنَّمَ". مُتَّفَقٌ عليِهِنَّ، (4) والنَّهْىُ (5) يقْتَضِى التحرِيمَ، وذكر في ذلك وعيدًا شديدًا، [يقْتَضِى التَّحريمَ](6)، ويُرْوَى "نَار جَهَنَّمَ" برَفْعِ الراء ونَصْبِها؛ فمَن رفَعها نسَب الفعلَ إلى النار، ومَن نَصَبها أضْمَر الفاعلَ في الفعل، وجعل النارَ مفعولا، تقديرُه: يُجَرْجِرُ الشَّارِبُ في بطنِه نارَ جهنم. والعلةُ في تحرِيم الشُّرْبِ فيها ما يتضَمَّنُه ذلك مِن الفخرِ والخُيَلَاءِ، وكَسْرِ قلوبِ الفقراء، وهو موجودٌ في الطهارةِ منها، واسْتعمالِها كيفما كان، بل إذا حَرُمَ في غيرِ العبادةِ ففيها أوْلَى.
فإن توَضَّأَ منها، أو اغْتسَل، فعلَى وَجْهَين:
(2) في حاشية م: "الخلاف ثابت عن داود، حتى في الأكل، وعن معاوية بن قرة، حتى في الشرب. والحديث خاص بالأكل والشرب، فقياس كل استعمال عليه قياس مع الفارق. كما حققه الشوكانى في نيل الأوطار، وقال: إن الأصل الحل المعتضد بالبراءة الأصلية، وقد أيده حديث: ولكن عليكم بالفضة فالعبوا بها لعبا. رواه أحمد وأبو داود".
(3)
في م زيادة: "الذهب و". وليس في مصادر التخريج.
(4)
أخرجهن البخاري، في: باب الأكل في إناء مفضض، من كتاب الأطعمة، وفى: باب الشرب في آنية الذهب، وباب آنية الفضة، من كتاب الأشربة، وفى: باب لبس الحرير وافتراشه للرجال، من كتاب اللباس. صحيح البخاري 7/ 99، 146، 193. ومسلم، في: باب تحريم استعمال أوانى الذهب والفضة. . إلخ، من كتاب اللباس. صحيح مسلم 3/ 1634، 1635، والنسائي، في: باب النهى عن لبس الديباج، من كتاب الزينة. المجتبى 8/ 175. وابن ماجه، في: باب الشرب في آنية الفضة، من كتاب الأشربة. سنن ابن ماجه 2/ 1130. والدارمى، في: باب الشرب في المفضض، من كتاب الأشربة. سنن الدارمي 2/ 121. والإمام مالك في: باب النهى عن الشرب في آنية الفضة والنفخ في الشراب، من كتاب صفة النبي صلى الله عليه وسلم. الموطأ 2/ 924، 925. والإِمام أحمد، في: 1/ 321، 6/ 98، 301، 302، 304، 306.
(5)
في م: "فنهى والنهى".
(6)
من: الأصل، أ.